أوراق ممزقه بقلم غاده سمير الحلقه الثانية

واصلت نور الدراسة والعمل، وكأنها تريد أن تدور داخل دائرة لا تنتهي أو متاهة لا تعطيها الفرصه لتتوقف وتفكر ،أين كانت وإلى أين تتجه ؟وانشغلت بالأسرة ومراعاة الأب والأم المسنين، اللذين كانت تشعر بأنهما يشكلان لها في هذه المرحلة الوالدين وأيضا الأبناء،، فكلما كبر الآباء عادو صغارا يحتاجون من الأبناء الحب والحنان والرعاية بجرعات تفوق ما مضي ، وجاءها اتصالا من أحد أصدقائها المقربين وهو” عادل” ،كانت تجمعها به علاقه غريبه من الصداقة بل الأخوه، لم يشعر أحد منهما يوما بأن الآخر من الممكن أن يشكل له دور الحبيب أو العاشق ،ولذلك سادت الصداقه الجميله والمختلفه بينهما ،كان” عادل” دائم الحكايات عن فتاته لها ،يشركها في كل كبيره وصغيرة في حياته ربما أكثر من حبيبته ،وكانت” نور “أيضا تشاركه في كل تفاصيلها، وتراه دائما الأخ الطيب الذي تستطيع أن تسرد عليه كل ما يتعبها حتي ازماتها الماديه الخاصه جدا.
ودعاها يوما” عادل” لحضور حفل لتوقيع كتابه الجديد ،والذي كان دائما يقرأ عليها فقراته وتشاركه الرأي أيضا في اختيار عناوين فصوله، ،وأثناء الحفل قدم إليها صديقه الطبيب الشاب” أدهم المرزوقي”، وكان شابا أنيقا ذو ملامح عربيه وهيئة رزينه تنم بوضوح عن انتمائه إلي طبقه من الطبقات، التي تسمي الصفوة،، أو كما يطلق عليها مؤخرا كريمه المجتمع ،، وصافحته وهي تبتسم ابتسامتها التي كانت تجعل من وجهها شمس مشرقة لكل من يراها ،،استقبلها “أدهم” بعبارات الثناء، والتي أظهرت لكنه خليجيه أراد خلطها ببعض الكلمات المصريه فكان النتاج حديثا ذو مذاقا مختلف وخاصا جدا.
وشعرت” نور” بأن مقابلتها لأدهم لم تكن أبدا من قبيل الصدفه ،،وان هناك كثيرا ما ينتظرهما معا ،وكيف يخطيء هذا الشعور الداخلي الذي لم يخطيء يوما …وتنهدت طويلا وهي تهمس لنفسها أيتها الحياه الي اين؟
وعادت الي المنزل وكعادتها اطمانت علي غرفه الوالدين واستدارت الي غرفتها، استبدلت ملابسها وبينما تستمع إلى بعض الموسيقي الهادئة قبل النوم ،جاءها صوت عادل عبر الهاتف ودون إلقاء التحيه أو السلام كان يضحك ضحكات غريبه تعرفها جيدا منه عند محاولة أخبارها بأمر ما غريبا أو يحمل قدر من الدهشة، ثم صاح بها …. نور أدهم يريد الزواج منك ؟!!
أرادت نور الاستماع مره اخري لما قال ،ثم استجمعت قوتها واستعدت للشجار المعتاد معه قائله…عادل انت تعلم جيدا اني لا أحب هذا النوع من المزاح واكيد لا يكون بهذه الطريقه في هذا الوقت من الليل ،،وهمت بإغلاق السماعة، واذا بصوته يأتيها ضاحكا …لا تغلقي الهاتف أقسم لك بأني لا امزح، ،أدهم سألني عنك وكل تفاصيل حياتك، وبعد وقت لا يتعد الدقائق،، نظر لي بكل ثقه قائلا أريد الزواج من نور من فضلك فاتحها بالأمر!!
صاحت به نور محاوله إخفاء حاله الفوضي والارتباك التي أطاحت بكل سكونها وثباتها…زواج من ممن انا لا أعلم عن هذا الأدهم أي شيء ؟…ماذا يعمل .. أين يعيش… من عائلته ..!!صمت عادل وهو يضحك يا نور يا صديقتي انت محظوظة أدهم هو الابن الأكبر للجراح الشهير عدنان المرزوقي وهو صاحب مشفي يعد من أكبر مراكز جراحات التجميل بالخليج العربي بل والشرق الأوسط… وأدهم هو أيضا يعد من أهم أطباء التجميل بالخليج أيضا ،، ويمكنك كتابه اسمه فقط علي محرك البحث لتعلمي عنه وعن والده وعائلته الكثير والكثير !!
وضعت نور السماعة وقد شعرت أن هناك عالم من البشر داخلها يتعارك ، ويختلف، وينادي ،وكأن سرادقا أقامه آلاف البائعين داخل رأسها، من الواضح أنها ستكون ليله غير عاديه في تاريخ حياتها …ليله الأدهم !!
وبعد أيام قليله حاولت نور خلالها إغراق نفسها داخل العمل والدراسة ومراعاة والديها وأعمال المنزل ،تعمدت خلالهما الإبتعاد عن محادثه عادل وكأنها تعطي لنفسها فرصه من الوقت لاستجماع شتات نفسها ومحاولة فهم ما يدور ورغم كل ذلك كان السؤال الذي لم تجد له إجابه …ماذا يريد هذا الطبيب المشهور الثري إلي درجه لم يصل لها خيالها يوما بمجرد الاحلام ؟من هي حتي تحصل علي عرض زيجه من انسان تفتح له أبواب أكبر بيوت وأكبر عائلات العالم كما حدثها عنه عادل وكما علمت هي فعلا من قراءة ما كتب عنه وعن والده وعائلته، ،كانت تحدث نفسها انا اعلم نفسي جيدا …انا فتاة بسيطه أعلم اني علي قدر من الجمال يجذب حولي الكثيرون ،ولكن الجميلات يملان العالم ،وأكثر مني ثراء وانتماء الي عائلات يكفي فقط ذكر أسمائها في بطاقات تهنئة العروسين، ،أعتقد أن الأمر غريبا ولست بالسذاجه التي تجعلني أصدق أن أدهم قد غلبه سحري الأنثوي وهو الذي يستطيع الحصول علي إعجاب بل قرب أجمل النساء، ،وضعت رأسها بين يديها وكان اتعبها التفكير وفضلت صنع كوبا من القهوه بينما كان يدق جرس الهاتف لياتيها صوت عادل مره اخري ولكن هذه المرة ليعلن رغبه أدهم في مقابلتها في أي مكان تختاره ومع من تختار اذا اقتضى الأمر ذلك ..
ذهبت نور الي لقاء أدهم وتبع ذلك عده لقاءات انتهت بإعلان الزواج
واستطاع أدهم في تلك اللقاءات القليله أن يخبرها بكثير من تفاصيل حياته ؛مثل زيجاته السابقه الأولي من ابنه أحد كبار المسؤلين العرب ، والتي انتهت بعد عامين بسبب إدمان الزوجه للمخدر وعدم استطاعتها التوقف عنه وشعوره بالخديعه التي تعرض لها من أسرتها باخفاءها عنه هذا الأمر حتي تمت الزيجه… والزيجه الثانيه كانت من اخري تنتمي الي جنسيه اجنبيه اكتشف تورطها مع جهات خارجية وأجهزة دول تسعي لتخريب دول عربية بعينها، ، فكان لابد من الانفصال بعد تسليمها للجهات المسؤلة لإخلاء مسؤليته ،وأنه اكتفي بحظه السيء حتي قابلها ودون تردد شعر أنها هي من ستكمل معه الحياه .
وتم الزواج وكان إصرار نور أن يكون لها منزل بالقاهره يكون موطنهما الاصلي به جناح خاص لوالديها وجاء لهما ادهم بفريق عنايه طبيه خاص ومديره منزل خصصها لهما فقط، وسعدت نور كثيرا بهذا الأمان الذي وجدته أخيرا مع رجل يحبها ويفعل من أجلها الكثير، ومرت سنوات وفقدت خلالهما نور والديها واحدا تلو الآخر ،وابتلعت احزانها وحمدت الله علي وجود الزوج الطيب وأيضا ابنتها الجميله التي اسمتها “كنزي” وكانت منحه الله التي رزقها إياها لتعوضها بعضا من مشاعر فقد الأم والاب .
واستيقظت نور من هذا الحلم الجميل علي صوت يخبرها بأنه تم القبض علي أدهم ووالده ،، وتم إغلاق المشفى، بعد تقديم عده بلاغات من سيدات بتعرضهن بإخطار وتشوهات بعد عمليات التجميل،، وحملت نور ابنتها وسافرت الي البلد التي تحمل ابنتها جنسيتها، لتقف بجوار الزوج ،،واكتشفت نور الحقيقه التي غابت عنها سنوات ،،أدهم ووالده يعملان داخل تنظيما عالميا لتجاره الأعضاء، ،وستار التجميل كان مجرد ساترا،، وبازاحته تكشفت الحقيقه ،وأدركت كثيرا من الحقائق التي ظهرت جليه وما كان منها إلا التوجه الي مبني السفاره المصريه لطلب الطلاق ،،وعادت نور الي القاهره لتحمل ما تبقي من كرامه زوجه خدعت في زوج سنوات ،،بكت ..انتحبت.. وصرخت.. بل مزقت آلاف الأوراق حولها ،،وانعزلت داخل البيت هي وابنتها وخادمه صغيره أتي بها لها أحد الأقارب وتدعي “راقيه”، ،أرادت نور أن تعيش داخل هذه الصومعه بعيده عن شر العالم خارجها ومن حين لآخر كانت تأتيها بعض الأخبار عن أدهم وأنه مازال داخل محبسه هو ووالده .
ومزقت نور ورقه اخري من حياتها وقد أصبحت اقوي فالخزلان والفشل والخيبات يشكلن جدار واقيا، والضربات لا تميت ولكنها تجعلنا الاقوي…
وعادت نور للحياه ،عادت تستكمل دراستها التي توقفت وقد قررت أن تمحي هذه السنوات من عمرها ،،وأن يكون الأثر الوحيد لها هو تلك الفتاه الجميله ابنتها كنزي .
واستطاعت مناقشه رساله الدكتوراه وجاءها عرض للتدريس داخل أحدي الجامعات الخاصه ،فسعدت به كثيرا ،وتمنت أن تكون حياه جديده بعيدة عن كل ما سبق من انكسارات وانهزمات.
ومضت الأيام بها ثم جاءها صوت عادل بعد سنوات من الغياب يحدثها محاولا اعاده الصداقه التي تأثرت كثيرا بزواجها من أدهم….وعادت علاقه الصداقه بينهما وعاد يسرد عليها حكاياته،، وقد تغيرت من حكايات عن حبيبته الي زوجته وأم أبناءه فقد تزوج وأنجب نور ومراد ،،وكأنه يشعر بداخله بذنبا تجاه صديقته الوحيده فأراد أن يقدم لها اعتذارا بمنح ابنته نفس الاسم الذي تحمله …”نور “.
وبمضي الوقت أصبح نور وعادل وأيضا سهام زوجه عادل أصدقاء يمضين معظم الوقت معا ،يثير ظهورهم سويا تساؤلات وفضول البعض، وبالطبع بدأت الألسن والهمسات… بل الوساوس تجد مرتعا خصبا لها داخل صدر سهام، التي بدأت تغير معاملتها لنور ،،وشعرت نور بذلك فلتمست لها العذر فهي تعلم أنها تعيش داخل مجتمعا شرقيا ومحال أن يصدق الجميع أنها لم تري عادل يوما سوي أخ وصديق فقط وهو أيضا .
وفضلت الإبتعاد عن عادل وأسرته رغم محاوله عادل مناقشه سهام بل وصول الحد بينهم للعراك والغضب والحديث الي نور، ولكنها ابتعدت تماما حتي لا تسيء بشكل غير مقصود لهذه الانسانه التي احبتها كاخت وصديقه .
ومضت الأيام سريعه وعالم نور لا يوجد بداخله إلا العمل والجامعة وكنزي ابنتها التي أصبحت فتاه جميله علي مشارف سن الشباب ،وراقيه الخادمة البسيطه الطيبه التي كانت تشعر ها نور دائما أنها ابنتها وتحرص علي اظهارها بأفضل مظهر وتشاركها في معظم الأماكن التي تخرج اليها بصحبة ابنتها حتي ظنها الكثيرون قريبه لها والبعض أعتقد أنها ابنتها.
وجاء اليوم الذي اعتبرته نور الفارق في حياتها اليوم الذي لم تستعد له ابدا بل لم تتخيله ابدا …
للأحداث باقية ..
وانتظرو مع أوراق ممزقه الحلقه الثالثه.

لمتابعة الحلقة الاولى اضغط هنا

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى