عبدالمقصود النجار يكتب اسباب الفساد وطرق علاجه

 
كتب : عبدالمقصود النجار
اصبح موضوع الفساد هو الشغل الشاغل لكل مصرى ولم يعد ذلك مقصورا على المثقفين او الصحفيين بل اصبح محل نقاش العامه والخاصه على السواء .. وحتى يكون هذا النقاش اكثر ايجابيه فاننى حاولت حصر بعض النقاط لاسباب نمو الفساد امام اعين المهتمين لتكون الرؤيه اوسع ومنها نستطيع بعد معرفه المرض ان نفكر معا فى طرق العلاج .. ولنقل اسباب الفساد تنحصر فى :
1- اسباب تتعلق بالاداره العامه للدوله
2- اسباب تتعلق بسياده القانون وضعف الردع العقابى
3- اسباب تتعلق بالاطار التشريعى لمحاربه الفساد
4- اسباب تتعلق بالماليه العامه للدوله
5- اسباب تتعلق بالعلاقه الهيكليه بين سلطات الدوله
6- اسباب تتعلق بالبيئه الثقافيه والاجتماعيه
7- اسباب تتعلق بالاطار المؤسسى لمكافحه الفساد
وبعد الانتهاء من تفصيل الاسباب سوف نتحدث عن الرؤيه المستقبليه لمكافحه الفساد على المستوى القريب والمتوسط والبعيد
استكمالا لشرح النقاط السابق ذكرها نقول الآتى :
اولا : اسباب تتعلق بالاداره العامه للدوله
هناك العديد من العيوب فى نظم الاداره العامه للدوله والتى كان ( ولا يزال ) لها دور كبير فى انتشار الفسادومنها
أ-عدم تحديد المهام والواجبات بدقه فى الجهات الحكوميه اعطى الفرصه للكثيرين للتهرب من المسئوليه والقاؤها على الآخرين
ب-البيروقراطيه الحكوميه وتعقيد الاجراءات دفع الكثيرين الى اللجوء للرشوه لتسهيل اعمالهم واعطى الفرصه لبعض الموظفين لابتزاز المواطنين
ج- ضعف الرقابه الذاتيه فى الاجهزه الحكوميه شجع كثير من الموظفين على المضى قدما فى ارتكاب افعال الفساد بلا رادع
د- ضعف المرتبات وسوء توزيعها وعدم ربطها بالكفاءه والنزاهه جعل البعض يبرر لنفسه بغير وجه حق الحصول على الرشاوى والتربح من وظائفهم حتى يحصلوا على دخل يحقق لهم حياه كريمه ( من وجهه نظرهم )
ه- المركزيه والفرديه وعدم الشفافيه فى اداره الشأن العام يسرت لبعض المسئولين الفاسدين اتخاذ قرارات وتطبيق سياسات تحقق مصالحهم او مصالح الفئات التى ينتمون اليها فى ظل عدم اشراك او استشاره الاشخاص المتأثرين بهذه القرارات او تلك السياسات
ثانيا/ اسباب تتعلق بسياده القانون وضعف الردع العقابى
بالنظر الى الوضع فى مصر نجد ان سياده القانون بشكل واسع لاتحترم فقد تم اصدار قوانين تخدم صالح فئات معينه على حساب الصالح العام . كما ان تنفيذ القانون والاحكام القضائيه يحكمه فى كثير من الاحيان النفوذ السياسى والقدره الماليه للشخص . كما ان السمه الغالبه لطول اجراءات التقاضى أضعف من من قوه الردع القانونيه والقضائيه تجاه المفسدين .كما يحدث كثيرا ان يهرب البعض الى الخارج قبل المحاكمه خاصه الاشخاص اللذين كانوا مقربين الى السلطه . وكل تلك الممارسات ادت الى اهتزاز هيبه القانون فى

اعين الناس واصبحوا لايتوانون عن خرقه والتحايل عليه لانهم اصبحوا ينظرون اليه على اساس انه سيف مسلط على رقابهم لخدمه وحمايه اصحاب النفوذ وذوى الحظوه قبل ان يكون وسيله لحمايتهم

ثالثا -اسباب تتعلق بالاطار التشريعى لمحاربه الفساد:
على الرغم من وجود ترسانه كبيره من القوانين والتشريعات الا ان هناك العديد من الفجوات التى لا تجعل الاطار التشريعى فاعلا بالقدر الكافى فى محاربه الفسادوهى على سبيل المثال ..
1- عدم وجود حمايه كافيه للشهود والمبلغين فى قضايا الفساد مما جعل الناس تحجم عن الابلاغ او الشهاده فى جرائم الفساد خوفا من ايذاءهم
2- عدم وجود تنظيم قانونى يسمح بالوصول الى المعلومات وهذا اعطى الفرصه للمفسدين لاخفاء جرائمهم واضعف من الرقابه الرسميه والشعبيه عليهم
3- عدم وجود اطار قانونى شامل لمنع تضارب المصالح وهذا فتح الباب لكثير من المسئولين لاستغلال مناصبهم للتربح واعطاء ميزات غير مستحقه لشركاتهم ولذويهم على حساب الصالح العام

رابعا .. اسباب تتعلق بالماليه العامه للدوله :-
الماليه العامه للدوله تدار بطريقه ساهمت كثيرا فى انتشار الفساد وذلك لما يلى
أ – صعوبه فهم الموازنه العامه وهذا اضعف من الرقابه الشعبيه على موارد المال العام وسبل انفاقه
ب – الصناديق الخاصه .. وهذه الصناديق موجوده خارج الموازنه العامه وهذا بدوره ادى الى اضعاف الرقابه على اموالها وهى اموال عامه . ونفس النقد يوجه ايضا الى موازنات البند الواحد
ج – الانفاق الحكومى والذى يشوبه الاسراف
د – نظام المزايدات والمناقصات العامه وهذا وان كان منظم بشكل قانونى جيد الا ان الممارسه كشفت عن فساد كبير فى هذا القطاع
ه – اساليب منح القروض من البنوك العامه وهى قروض يغلب عليها الطابع الشخصى مما ادى الى حصول كثير من المقربين من النظام السابق على قروض كبيره بغير ضمانات والهروب بها خارج البلاد
و – اداره شركات قطاع الاعمال العام والخصخصه التى تمت والتى شابها الفساد بسبب تسييس اداراتها وقرارات بيعها وعدم اعتماد البيع على معايير الشفافيه والكفاءه والفاعليه

خامسا – اسباب تتعلق بالعلاقه الهيكليه بين سلطات الدوله التشريعيه والتنفيذيه والقضائيه ..
يعتبر مبدأ الفصل بين السلطات هو الضامن ان تؤدى كل سلطه منها دورها المنوط بها دون تغول احداها على الاخرى .
وقد ضرب هذا المبدأ فى مقتل للاسباب الآتيه :
أ – ضعف الرقابه البرلمانيه والمجالس الشعبيه المحليه فى مساءله السلطه التنفيذيه لاسباب كثيره اهمها التزوير الفاضح فى الانتخابات الذى اتى باعضاء منتخبين شكلا ولكن فى الحقيقه هم معينين من الحزب الحاكم ويأتمرون بأمره ولا يمارسون رقابه حقيقيه تذكر على الحكومه
ب – تدخل من السلطه التنفيذيه فى شئون السلطه القضائيه وذلك بوسائل عده منها ترهيب القضاه بالتفتيش القضائى التابع لوزير العدل وتوزيع قضايا معينه فى المحاكم على قضاه معينين وندب القضاه للعمل فى الهيئات الحكوميه وتحكم السلطه التنفيذيه فى الجزء الاكبر من مرتبات القضاه .. هذا وان كانت تلك الوسائل لم تفلح الا مع قله من القضاه واثرت عليهم الا ان ذلك اعطى انطباع عام عند الناس بأن القضاء ليس بالنزاهه المطلوبه وانه قضاء الدوله
ج – سيطره الحكومه على الاعلام القومى والذى يوصف بالسلطه الرابعه مما افقده الكثير من دوره فى كشف الفساد بل وجعله اداه فى تضليل الرأى العام .

سادسا – اسباب تتعلق بالبيئه الثقافيه والاجتماعيه
للبيئه الثقافيه والاجتماعيه فى مصر اثر واسع فى انتشار الفساد ويظهر ذلك فى :
أ – القبول الاجتماعى للفساد الصغير بالنظر اليه كوسيله مقبوله اجتماعيا للحصول على الحقوق واتخاذ الفساد مسميات اخرى مثل اكراميه او الشاى او المواصلات وذلك يرسخ الفساد فى الاجهزه الحكوميه ويعرقل جهود مكافحته
ب – تأثير الطبقيه والفئويه السياسيه على القرارات العامه فينعدم ابتغاء الصالح العام بنفس قدر ابتغاء رضا بعض الاشخاص المنتمين لطوائف اجتماعيه معينه او ينتمون للحزب المسيطر آنذاك ومن امثله ذلك التعيينات فى القضاء والشرطه والسلك الدبلوماسى والجامعات حيث اصبحت تلك الوظائف فى جانب كبير منها قاصره على بعض افراد من عائلات معينه او على من لديهم واسطه او محسوبيه او يستطيعون دفع رشاوى كبيره . وكثيرا ما حدث قيام الحزب الوطنى البائد بعقد صفقات مع قبائل او قوى معينه للحصول على تأييدها فى الانتخابات البرلمانيه المتعدده .وكانت تلك الطوائف تحصل فى المقابل على مزايا تفضيليه عن باقى المواطنين .

وصلنا للسبب السابع والاخير لتكريس الفساد فى مصر ويليه الرؤيه المستقبليه لمكافحته . ولشرح النقطه السابعه نقول الآتى :-
سابعا – اسباب تتعلق بالاطار المؤسسى لمكافحه الفساد ..
بالرغم من وجود جهات رقابيه كثيره فى مصر الا انها لم تؤدى الدور المنوط بها بفاعليه وذلك للاسباب الآتيه :
أ – عدم الوعى بالجهات المعنيه بمكافحه الفساد وهذا يؤثر على من يلجأ للابلاغ عن واقعه فساد .. لمن يلجأ ويكون له التأثير الفعلى لبحث المشكله واتخاذ اللازم .. اذن كيف يلجأ لجهه لا يعلمها ؟
ب – عدم استقلاليه جهات الرقابه وتبعيتها جميعا للسلطه التنفيذيه وضعف سلطاتها القانونيه وذلك اثر على استقلاليتها وبالتبعيه قيدت من قدرتها على التحقيق فى فساد كبار المسئولين
ج – تداخل اختصاصات الجهات الرقابيه وضعف التنسيق بينها وذلك جعل اكثر من جهاز رقابى يمارس نفس الرقابه على نفس النوع من النشاط ولنفس الوحدات الاداريه وهو ما يمثل اهدار للوقت والمال العامين ويعيق الاجهزه الاداريه عن اداء عملها ودورها الاساسى ويجعلها تتفرغ لاعداد التقارير للجهات الرقابيه المختلفه
د – عدم الكفايه الماديه والبشريه لبعض الجهات الرقابيه حيث ان عدد الشكاوى التى تقدم لتلك الجهات اكبر من قدرتها البشريه . كما ان بعض العاملين فى الجهات الرقابيه يقعون فى اخطاء اجرائيه بسيطه فى مضمونها ولكنها عظيمه فى اثرها لانها تمنح الكثيرين البراءه لعيب فى الاجراءات وليس براءه موضوعيه
ه – السريه المفروضه على تقارير الاجهزه الرقابيه وهذا يحرم المجتمع المدنى من مصدر هام من مصادر المعلومات ويضعف الرقابه الشعبيه . كما ان هذه السريه تعطى انطباعا لدى الرأى العام بأن الحكومه تريد ان تتستر على الفساد فى اجهزتها وانها غير جاده فى مواجهه هذا الفساد وهو ما يؤدى الى مزيد من عدم الثقه بين المواطن والحكومه ويزيد من عدم الاستقرار

وضعت سبعه اسباب للفساد فى مصر وقمت بشرح كل نقطه على حده . والآن اقدم رؤيتى المتواضعه لما اراه طريقا لمحاربته والقضاء عليه فى مستوى زمنى قريب ومتوسط وطويل الامد

واقول الآتى :-
اولا – على المستوى الزمنى القريب
هناك مجموعه من التدخلات لاتحتاج الى قوانين او تدخلات هيكليه كبيره فى البنيان التنظيمى للدوله بقدر مايمكن ان تتم عن طريق قرارات من مجلس الوزراء او الوزراء كل فى مكانه تستهدف تحقيق …
أ – مشاركه مجتمعيه من المجتمع المدنى والقطاع الخاص والمواطنين عامه فى اى سياسه جديده او تعديل لسياسات قائمه لما فى المشاركه من ضمانات هامه وهى عدم الانحراف عن المصلحه العامه مع الاخذ فى الاعتبار احتياجات جميع فئات المجتمع وبخاصه المهمشين
ب – الشفافيه فى كل قرار او سياسه تتخذ من قبل اى جهه او مسئول حكومى عل كافه المستويات حيث ان الفساد لاينمو فى البيئه الشفافه
ج – يجب تفعيل المسائله مهما كان مستوى المذنب وان تتسم بسرعه التحرك لأن العداله البطيئه ليست رادعه وان تتم المسائله فى العلن حتى يتحقق الردع العام والردع الخاص بالمذنب
ثانيا – على المستوى الزمنى المتوسط والبعيد
وهذا يحتاج الى قوانين جديده واعاده هيكله لبعض المؤسسات ودمج بعضها وربما يصل الامر الى انشاء مؤسسات جديده
– وهذه النوعيه من السياسات تحتاج الى توافق مجتمعى حولها وقد يستغرق النقاش حولها زمنا ليس بالقصير وتحتاج لمن يقود النقاش من مؤسسات كبرى اهمها البرلمان باعتباره هو القادر على اصدار القوانين التى تكون معبره اراده الشعب بشرط اختيار المجلس بصوره ديمقراطيه حقيقيه وليست شكليه
– ومن الاولويات فك تبعيه الاجهزه الرقابيه عن السلطه التنفيذيه حتى يمكن ان تؤدى دورها فى الرقابه على السلطه التنفيذيه بحياديه وذلك يمكن تحقيقه عن طريق جعل تبعيه بعض هذه الجهات للسلطه التشريعيه وبعضها للسلطه القضائيه ممثله فى مجلس القضاء الاعلى كل بحسب تخصصه او حتى وضع نظام او خلق وضع استقلالى لهذه الجهات عن كل السلطات او بانشاء جهاز واحد جديد لمكافحه الفساد يضم كافه الجهات الرقابيه بما يحقق الاستقلاليه ويضمن التنسيق فيما بين الجهات الرقابيه المختلفه
استكمالا لنقاط محاربه الفساد على المستوى الزمنى المتوسط والبعيد .نقول الآتى :-
– وجوب اصدار حزمه من التشريعات واللوائح الاداريه لكى تسد الفراغ التشريعى فى عده مجالات اهمها ..
أ – اتاحه المعلومات
ب – تضارب المصالح
ج – حمايه المبلغين والشهود
د – الفساد فى القطاع الخاص
ه – نظم التعيين والترقيه فى الوظائف العامه
و – اعاده النظر فى بعض القوانين والنظم المتعلقه بالاداره العامه والماليه العامه حتى تتسم بالشفافيه وتفعل فيها المسآءله ولا تسيس
ز – تضمين المناهج التعليميه ثقافه رفض ومكافحه الفساد
ح – وجوب لعب المؤسسات الدينيه دورا اساسيا وفاعلا فى تنميه ثقافه النزاهه
وفى كل امر مما سبق هناك اكثر من طريقه لتحقيقه واكثر من خبره عالميه ناجحه يمكن الاستفاده منها وعلينا ان نختار منها ما يناسب البيئه الاجتماعيه والثقافيه والسياسيه والاقتصاديه المصريه
موازنات البند الواحد :-
طبقا لقانون الموازنه العامه للدوله رقم 53 لسنه 1973 والمعدل بقانون رقم 87 لسنه 2005 ألماده 7 والتى تعطى اعتمادات اجماليه لبعض الجهات يتم التصرف فيها دون التقيد بتقسيمات الابواب المنصوص عليها فى الموازنه .
وتلك الجهات هى :-
1 – مجلسى الشعب والشورى
2 – القوات المسلحه
3 – الجهاز المركزى للمحاسبات
4 – الجهات القضائيه
5 – رئاسه الجمهوريه
والمطلوب للحد من التجاوزات فى تلك الجهات مطلوب الآتى .ز
ترك موازنه البنود نهائيا والتوجه لموازنات البرامج والاداء او الموازنات التعاقديه لانها اسهل فى الرقابه وافضل لتحقيق الاستفاده القصوى من المال العام
والى مختصر بحث آخر ارجو ان اكون اوضحت لكم اسباب الفساد ووضعت ايديكم على طرق علاجه لتعم الفائده.
طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى