الشريفة منتهى العربى تكتب همّة المرء قاهرة لجميع الأكوان

بقلم/ منتهى العربى

يُقال عند العارفين أنّ همّة المرء قاهرة لجميع الأكوان ، لو تعلّقتْ بشيء لنالتهُ ولو كان وراء العرش .
فصاحب الهمّة هو ذلك الذي أكرمه الله بكرامة دائمة . فالهمّة هي التأييد بالله كما ذُكر في الحديث القدسيّ المشهور عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : “ إن الله قال : من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحَبّ إليّ ممّا افترضتُ عليه وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبّه فإذا أحببته كنتُ سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينّه ولئن استعاذني لأعيذنّه وما تردّدت عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته “
الهمة علي البدرى فمن لم يعرف الهمة لم يشم رائحة البدرى
كان السلطان البدرى حبّه في الذي يثق به كبيرا وثقته في في الذي يحبّ أكبر . ملأ الحبّ عليه فراغ الروح فأصبح لا يصيبه من أوامره فتور . ينحدر متواضعا لكي يرتقي في سبيل هذا الإرتقاء ، وغيره يرتقون فينحدرون حبّا في التباهي والإرتقاء . أبعد نفسه عن الدنايا من جميع الصفات كالرياء والعجب والكبرياء والحسد والحرص والصدارة والرئاسة وكلّ ما يدنّس الشرف ، وفتح لنفسه سبل الترقّي من تكتّمٍ في الأعمال ، وتواضع أمام الرجال .
كان مجبولا على المحبّة مطبوعا عليها ، يحبّ أهل الله بمحض عرفانه الكامن في معرفة الصلاح ، سريع البديهة ، حاد النظر والبصيرة ، ألْمَعِيّاً لا يغيب عليه ما يغيب على أقدر معاصريه وأكفئهم ، لا تفلتُ منه الفرص ، يعطي كلّ فرصة حقّها ، ويستجيب للعظائم دون أن يُرى ذلك منه ، فهو حذِرٌ لا يتظاهر بشيء.
فهو العبقريّ الذي يعمل في الخفاء ، يخدم أصحابه بجميع أنواع الخدمة ، ويستجيب لمطالبهم بلا تَوانٍ ولا تماطل ،هكذا كان يقبل كلّ إشارة تمس من شأنه في عالم الملك ويثور لها ثورة الهصور وهو الليّن في سجاياه . تلك هي حماسة المعجب بحبيبه ، وذلك هو الإتصال والإخلاص الروحي الصرف الذي لا يحتاج إلى دليل منطقي أو برهان علمي ، لقد جُبِلَ على محبّة الأسرار والإطّلاع عليها وإخفائها على غير أهلها ، يمقتُ الدعوى ، ويمقتُ الصدارة ، ويمقت الظهور ، ويمقت التظاهر.
ولقد كان رضى الله جامعا للأسرار منبعا للكرامات الباهرة و التصرفات الظاهرة مع الاحتياط التام في كتم أسراره ولقد كان الخليفة الأعظم مولانا الحاج أحمد أبوالحسن قدس الله سره معتنيا بأمر حضرة السلطان على البدرى ناظرا إليه بعين الرضى حتى نوه و بشر بأنه ينال السر الأكبر وكان يقول لأخيه السيد الهمام الغضنفر أحمد الفاتح حفظه الله “على شيخى وشيخك” ومن خصوصياته الدالة على شفوف مرتبته قول سيدنا الإمام العربى قدس الله سره “على وارث حالى “.
و كان القطب سيدي الحاج أحمد أبوالحسن قدس الله سره يوصى المحبين للألتفاف حوله للاقتباس من نوره التام فانتفع على يديه جم غفير من الناس .
و قد تناول جماعة من المبغضين القول في جانب حضرة السلطان و أطلقوا لسانهم بما هم مسؤولون عنه بين يدي الله فالقوا عليه التهم وحكموا الهوى فنفوا عنه الأرث النبوى وهو الشريف المحض الذى نال حضرة الكتم ما نال من معارف وأسرار ولا ينقص قول المبغضين من فضله شيئا عند الله و عند أهل الله.
وقد بلغنا أن سيدنا الإمام العربى رضي الله عنه أشار إلى ذلك حيث قال “أولادى زى جرف البحر الناس تتسند عليهم وهم ميتسندوش ع حد “.
و ما نتحدث عنه هنا هو الحق وليس غلو في المحبة فدعوة سيدنا الإمام العربى رضي الله عنه و فضله ومناقبه و فضل نسله لا يحتاج في تكثير سوادها
وأخيرا وليس أخرا أقول :
قل لمن طاف بكاسات الصفا وسقى العشاق مما قد نهل
ما مقامات المحبين سواء لا ولا العلم سواء ولا العمل
ليس من لوح بالوصل له كالذي سير به حتى وصل
لا وﻻ الواصل عندي كالذي قرع الباب وللدار دخل
لا ولا الداخل عندي كالذي أجلسوه عندهم في المستهل
لا ولا من أجلسوه كالذي سارروه وهو للسر محل
لا ولا من سارروه كالذي صار إياهم فدع عنك الجدل
فمحوه منه عنه فانمحى ثم لما أثبتوه لم يزل
ذاك شيء خصص القلب له ما تبدى بعضه إلا قتل
رضى الله عن حضرة السلطان البدرى ونفعنا به اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى