أخر الأخبار

دكتور محمود التطاوى يكتب اليقين

.

بقلم : دكتور محمود التطاوي جراح القلب وأستاذ مساعد جامعه كمبريدج

اليقين هو ذلك الشئ الذى تشعر به وعلي ثقة انه موجود ولاكن لا تراه. …
حين طلب ابراهيم عليه السلام من ربه أن يريه بعين اليقين كيف يمكنه سبحانه إحياء الموتى، لا من شكٍ في قدرة الله تعالى ولكن ليرى بأم عينه بعد أن تملَّك الحق قلبه واحدة من نعماء ربه ومعجزاته.. قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} . فلا علاقة للسؤال بالكفر والإيمان، فقد تخطى إبراهيم عليه السلام هذه المرحلة ودعا الناس إلى عبادة الله تعالى الخالق المدبر، ولكن هذا الطلب من إبراهيم عليه السلام هو: “إنه تشوف لا يتعلق بوجود الإيمان وثباته وكماله واستقراره؛ وليس طلباً للبرهان أو تقوية للإيمان.. إنما هو أمر آخر.. له مذاق آخر.. إنه أمر الشوق الروحي، إلى ملابسة السر الإلهي، في أثناء وقوعه العملي” “إن إبراهيم طلب الانتقال من الإيمان بالعلم بإحياء الله الموتى إلى رؤية تحقيقه عيانًا فطلب بعد حصول العلم الذهني تحقيق الوجود الخارجي فإن ذلك أبلغ في طمأنينة القلب”. فإبراهيم عليه السلام لم يشك يومًا في وجود ربه تعالى أو قدرته على إحياء الموتى وحاشاه أن يكون كذلك فهو الحليم الأواه المنيب؛ قال صلى الله عليه وسلم: «نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: {رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي}» فلو كان شاكًا لكنا نحن أحق به، ونحن لا نشك، فإبراهيم عليه السلام أحرى ألا يشك، فالحديث مبني على نفي الشك عن إبراهيم عليه السلام. ولو كان في هذا خطأ لعاتبه الله تعالى كما عاتب آدم عليه السلام حين أكل من الشجرة، ولكن الله سبحانه أراد أن يُطمئن قلب خليله فأمره أن يحضر أربعة أنواع من الطيور وقد اختلف المفسرون في أنواع هذه الطيور ولا فائدة من تعيينها.. وأمره سبحانه أن يقطع هذه الطيور إربًا إربًا ثم يخلطها مع بعضها ويقسمها ويجعل على كل جبل جزء منها. ثم بعد ذلك ينادي على كل طير باسمه يأتيه من فوره.. وتركب الخلق أمام إبراهيم عليه السلام ليرى بأم عينه هذه المعجزة الإلهية.. ويترقى من علم اليقين إلى عين اليقين. وللعلم فهناك ثلاث مراتب هي: علم اليقين، وعين اليقين، وحق اليقين. فعلم اليقين يكون بالسمع، وعين اليقين يكون بالبصر، وحق اليقين يكون بالحواس أو بالقلب. عين اليقين… هي التي سألها إبراهيم الخليل ربه أن يريه كيف يحيي الموت ليحصل له مع علم اليقين عين اليقين. فكان سؤاله زيادة لنفسه وطمأنينة لقلبه، فيسكن القلب عند المعاينة، ويطمئن لقطع المسافة التي بين الحبر والعيان. وعلى هذه المسافة أطلق النبي صلى الله عليه وسلم لفظ الشك حيث قال: «نحن أحق بالشك من إبراهيم» ومعاذ الله أن يكون هناك شك ولا من إبراهيم وإنما هو عين بعد علم، وشهود بعد خبر، ومعاينة بعد سماع نعم فـ باليقين عرفنا الله وبـ اليقين عرفنا الحب فـ الله هو عين الحب. والحب عين اليقين
د.محمود التطاوى

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى