أخر الأخبار

ما بين الروح والروح

 

بقلم : د.محمود التطاوى جراح القلب وأستاذ مساعد جامعه كمبردج

الروح هى هالة الحب وبها ينبض الفؤاد ….
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)
ما سر الروح لا أحد يعلم .. فعلم الروح سرها عنده وحده لا شريك له ولكنى على يقين ان الروح بها مكمن الحياة ولكن ما سر تألف الارواح ؟؟؟
منذ القدم والإنسان يتساءل ويستفسر ويبحث عن ماهية الروح التي بين جنبيه، لا يدري كنهها ولا سرها، وقد تداول الفلاسفة قديمًا وحديثًا وانضم إليهم المفكرون وعلماء النفس والأديان وغيرهم كثير كثير موضوع عالم الارواح والتجاذب الروحي وتوصلوا الى ان:
الأرواح خلق مجهول التفسير، محسوس الأثر، فالحي فيه روح، والميت لا روح فيه، فالروح ترتبط بالحياة، أو هي الحياة نفسها، أو سر الوجود، فالروح تبحث عن قرينها المناسب لها..
نعم فـ الارواح تتعانق فتلتقي فتقترن فتكتشف.. وكل إنسان له شبيه روحي يتناسب معه، فكما أن هناك من يحبك بلا سبب، هناك أيضاً من يكرهك بلا سبب تُعجب روحك بروح إنسان آخر تحس بمشاعر لا تعرف لها تفسيراً ولا تجد لها أثراً، فقط سوف ترتسم على وجهك ابتسامة تعجُبّ وتحس بشعور يمازج قلبك وفرح يداعب وجدانك أن جمع الله بينكما بموقف عجيب غريب، تجاذب الأرواح من أسمى وأرقى العلاقات الإنسانيه.. لأن الوجوه والأشكال تتكرر أما الأرواح فلا تتكرر فعالم الأرواح يتعدى الشكليات والماديات حيث التجانس في الطباع الباطنة والأخلاق الخفية يورث تجاذب الأرواح وهذا ما يسمى بالتخاطر العاطفي او الالتقاء الروحي ، أرواح التقت واتفقت واشتاقت، يجمعها تجانس عجيب تساق لبعضها البعض كما تساق إلينا الأرزاق !!!نعم قد تكون في مكان ما بعيد كل البعد وفجأة تجد شخصًا وقد مال قلبك اليه كما لو أنك تعرفه منذ أمد بعيد لنقل منذ 300 سنة أو أكثر، ألم تمر بك تلك اللحظة وهذا الشعور من قبل لابد أنك عشته، وأخذت تتحدث للآخرين عن هذا الموقف المذهل وتسمع القصص من الآخرين، قد حصل معهم كما حصل معك أنت، الأمر مثير وباعث على التأمل والتفكر.
علم المنطق والعقل يسميه (بتآلف الأرواح)، أو أن الذي حدث قد يكون حدثًا من زمن بعيد واستقر بعقلك الباطني حتى جاء الوقت المناسب وصار التلاقي دون ترتيب مسبق، او سابق معرفة، واحتمال آخر في مسألة التآلف فتتمثل بالأحلام وهو الاحتمال الآخر، حيث انتقال الأرواح وخروجها وقت نوم الأجساد، فنحن حين ننام إنما نموت، ونسميها بالموتة الصغرى، حيث تخرج الأرواح من الأجساد في قوله تعالى (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى الى أجل غير مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).
السؤال أين تذهب الأرواح وقت المنام؟ وكيف تنتقل من موقع لآخر أو زمن الى زمن مختلف، وهل هناك حدود وأبعاد وأزمان تتقيد بها أرواحنا الخارجة عن أجسادنا؟.. لا ندري ولا نعلم ولكن ما نعرفه من الأثر أن الأرواح تسبح في فضاء وتلتقي ببعضها البعض، أرواح الأحياء والأموات، والرؤى الصادقة مثلاً لها علاقة بالمسألة، أ لم يحدث أن رأيت رؤيا أو سمعت أحدًا يتحدث عنها، باختصار تلك الرؤى التقت وخاصة المألوفة لبعضها البعض فحدث حوار واجتماع بكيفية معينة وسرعة فائقة يتذكرها الشخص صاحب الرؤيا كأن الأحداث تقع أمامه حين يتحدث عنها، من هذا الموضوع تآلف الأرواح، فقد تكون تصادفت في الأحلام عدة مرات وأتتنا في المنام.
هنا تجد تآلفًا ماديًا يحدث على شكل إعجاب او لفت انتباه ومن ثم قد يتطور الى بناء علاقة ما، تتطور الى صداقة وربما أعمق من ذلك وبشكل ملحوظ وسريع إيجابي من الطرفين، كما في الحديث الشريف (الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف) مسألة تآلف الأرواح تتلاقى في الطباع والمزاج أو التركيب النفسي، ولا يحدث التلاقي بين الأرواح المختلفة في الطباع والأمزجة أو التركيبات النفسية المعقدة.
وربما حدث معك أن تكون مع انسان ، ولكن قبل أن ينطق بكلمة او يتحدث بها تجد لسان حالك ينطقها ويرددها والعكس تماما صحيح معه !!! ما هذا يا سبحان الله وحدك تعلم السر نعم ويحدث ان هناك يحدث تلاقٍ فى الفكر غير مسبوق هذا هو ما يعرف بتلاقى الارواح إنها مسألة محبة الآخرين، وربما مسألة الحب بين شخصين، لا نتحدث هنا عن الحب الفطري المتمثل في العلاقة بين الاخوان والاخوات، ولكن نعني الحب الذي يحدث بين رجل وامرأة لا تربطهما رابطة الدم او المصلحة سوى التآلف والتلاقي والتحاب بشكل سريع غير مفهوم الخطوات والمراحل، دون الوصول لقدرة فهم وتفسير ما يجري، إنما تحدث فجأة من كلمة، او لقاء عابر فتتطور فتصبح علاقتهما اقوى من كل الروابط
ومن هنا يمكننا القول إن علاقات الحب الناجحة المستمرة سببها تآلف الأرواح والعكس صحيح، وقد يعيش الطرفان عبر الزواج ولحين من الدهر ولكن دون الروح المتآلفة الجامعة بين الطرفين فتكون النتيجة تلك التي نسميها مودة، أما إذا غابت المودة او الأرواح المتآلفة فالطلاق حاصل لا محالة.
فلنبحث بدواخل أرواحنا، ولنكتشف ذواتنا، ولنتعرف على سمو أرواحنا، طبت أيتها الروح وطابت بك أجسادنا نعدك يا روح الاعتناء بك والاستماع لك، بحبك الإلهي نرتوي وبعشقك يا خالق الأرواح وهاديها نسمو ونرتقي.
وأحب ان اختم بما قاله الدكتور مصطفى محمود رحمه الله : (الحب ثمرة توفيق إلهي وليس ثمرة اجتهاد شخصي، هو نتيجة انسجام طبائع يكمل بعضها البعض الآخر ونفوس متآلفة متراحمة بالفطرة ..)
د. محمود التطاوى

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى