أخر الأخبار

القضاء على جشع التجار وإرتفاع الأسعار ودعم أفضلية المنتج المحلى عن المستورد رغم إتفاقية “الجات”

 

كتبت شيماء نعمان
مع بداية إلغاء دعم الوقود بشكل تدريجي طوال السنوات السابقة وكذلك بعد تحرير سعر الصرف للعملات الأجنبية ليتم ترك تحديد سعر هذه العملات مرتبطاً بسوق العرض والطلب عليها أستغل التجار هذه الظروف والمتغيرات الإقتصادية المتلاحقة لفرض الأسعار التى يريدونها على المستهلكين طبقاً لإهوائهم الشخصية لتحقيق أعلى الأرباح والمكاسب المادية دون الإكتراث أو الإحساس بأدنى درجات الرحمة تجاه المستهلكين أو المشترين التى أعيتهم وإرهقتهم هذه الإرتفاعات والزيادات الجنونية للأسعار ودون أن يهتم أو يتحرى بعض هؤلاء التجار الجشعين الحلال أو الحرام فى مهنة التجارة كما كان يفعل هذا السلف الصالح من صحابة الرسول الكريم الذين كانوا يتركون تسعة أعشار الرزق الحلال للصدقة مخافة الحرام ، ولكن شتان الفارق بين تجار عهد البعثة النبوية و الخلفاء الراشدين وبين تجار هذا الزمان الذين يغلب عليهم الجشع و النهم الشديد لتحقيق أعلى الأرباح وجنى ثروات من الأموال دون تحرى الحلال والحرام و دون حتى أداء حق الله فى هذه الأموال بدفع الصدقات وإيتاء الزكاة إلى مستحقيها و مصارفها الشرعية التى تحقق التكافل الإجتماعي بين المواطنين وترضى رب العالمين .
وهناك صورة مضيئة للدولة نود تكرارها :-
ورغم هذه الظروف القاسية على الأسر الفقيرة قامت الدولة بتجربة ناجحة و رائدة للسيطرة على إرتفاع الأسعار وإستقرارها برغم الآثار السلبية التى جرها علينا الإتجاه نحو سياسة السوق الحر الذى يتم تحديد أسعار السلع فيه تبعاً لمقتضيات سوق العرض والطلب لأى سلعة وهو ما أدى بدوره إلى ظهور إرتفاع الأسعار ووقوع المستهلكين فريسة سهلة لجشع التجار إلا أن الدولة قد فطنت وتنبهت لهذا الأمر ولم تترك المستهلكين فريسة سهلة لهم وقامت بجهود ممتازة فى بعض المجالات للسيطرة على إرتفاع الأسعار و منع الممارسات الإحتكارية من بعض التجار و المنتجين ومثال ذلك :-

أولاً :- فى قطاع إنتاج الأسمنت قامت الحكومة بإنشاء مجمع لإنتاج الأسمنت فى العريش يساهم حاليا فى انتاج حوالى ٢٠% من حجم طلب السوق المحلى بجانب إنشاء عدد من المصانع الأخرى بأماكن أخرى لنفس هذا الغرض حيث ارتأت الدولة أن إحتكار عدد معين من المصانع فى انتاج هذه السلع الإستراتيجية مع تعدد الشركاء ورؤوس الأموال فيها وميل هذه الشركات فى ظل احتكارها لإنتاج هذه السلعة الإستراتيجية لاتباع المنهج و الفكر اليهودى فى الإدارة وفرض الأسعار بأن تقوم مثلاً بتقليل حجم المعروض فى السوق وتعطيش السوق من الإنتاج الكافى لطلب السوق عليها حتى يصبح السوق مهيأ تماما لتقبل زيادة الأسعار التى يفرضها واقع قلة المعروض منها مع تحقيق أعلى الأرباح بأقل كمية من الإنتاج و أقل تكلفة انتاجية من الخامات والطاقة المستخدمة .
لذلك قامت الدولة بإنشاء عدد كبير من المصانع المنتجة للاسمنت وبعض السلع الإستراتيجية الأخرى حتى تقوم بالسيطرة على الأسعار بالسوق ومنع الممارسات الاحتكارية
وذلك بزيادة كمية المعروض من هذه السلع حتى لا يحدث لها ارتفاع وزيادة غير منطقية او غير مبررة.

ثانياً :- فى قطاع توفير اللحوم الحية والمجمدة :- حيث قامت الدولة فى خلال الأعوام الماضية بتوفير كميات كبيرة من رؤوس اللحوم الحية المستوردة من الخارج وتدشين مشروع تربية مليون رأس من الثروة الحيوانية وتوفير اللحوم المجمدة بأسعار مخفضة وهو ما أدى إلى انخفاض سعر اللحوم الحية الصغيرة والكبيرة بقيمة تتراوح بين ٢٠جنيه : ٢٥ جنيه للكيلو الواحد وهو ما لم يحدث من قبل فى تاريخ مصر أو لم يكن أحد يتوقع حدوثه على الرغم من ارتفاع تكلفة الإنتاج بسبب غلاء أسعار الأعلاف الجافة وعدم وفرة الأعلاف الخضراء صيفا .
س/ ولكن ماذا يمكن أيضا أن تقوم به الدولة للحد من ظاهرة إرتفاع الأسعار وجشع التجار ؟
ج / يرجع السبب فى ارتفاع الأسعار وجشع التجار إلى عدة عوامل أساسية يجب حصرها بداية حتى نقوم بعرض الحل المناسب لذلك و من هذه الأسباب ما يلى :-
١ – زيادة عدد حلقات الوصل بين المنتج للسلعة حتى المستهلك لها ، وهذا يتمثل فى وجود الوسطاء ( قوموسيونجى) والناقل لها وتاجر الجملة الكبير وتاجر التجزئة( البائع ) حتى تصل ليد المستهلك فى أسرع وقت يمنع سرعة تلفها ، وبالطبع فإن كل من ساهم فى وصول هذه السلعة للمستهلك سيضع لنفسه هامش ربح مناسب له مما يؤدى لإرتفاع السعر النهائي المعروض للمستهلك .
٢ – عدم وجود منافس حقيقى للبائع( تاجر التجزئة ) الذى يقوم وحده بفرض السعر النهائي على جمهور المستهلكين وهو ما يظهر جليا من تباين وإختلاف الأسعار من تاجر لآخر مع وجود توافق شبه جماعى بينهم ولو كان غير معلن على تسعير اى منتج بسعر عالى للدرجة التى جعلت من أرباحهم النهائية أعلى من أرباح جميع حلقات السابقين بدءا من منتج السلعة و الوسطاء والناقلين وتجار الجملة وبالأخص فى مجال انتاج وبيع الخضروات والفواكه .
٣ – إرتفاع نسبة الهالك والفاقد من مرحلة الانتاج حتى الإستهلاك لتعدد مرات النقل بين الشحن و التفريغ على ظهر وسائل النقل إلى تاجر الجملة مرة والى تاجر التجزئة مرة أخرى وربما استغراق وقت كبير نسبيا يؤدى إلى إرتفاع معدل التلف وهو الأمر الذى يؤدى إلى إضطرار تاجر التجزئة إلى عرض السلع لديه بسعر عالى لتعويض نسبة التلفيات والهالك لديه منها .
( الحل هو )
إذا كانت منافذ البيع المنتشرة حالياً فى كافة المدن والقرى المصرية والتابعة للمحليات أو وزارات التموين والدفاع والداخلية هى العصب الأساسى الذى ترتكن إليه الدولة فى خططها لتخفيض الأسعار ومنع زيادتها دون مبرر للتخفيف على المواطنين ، وحيث أنه من البديهى أن هذه الوزارات تقوم بتخصيص جزء كبير من ميزانيتها للإستمرار فى تقديم السلع المعروضة لديها للمواطنين بأسعار مخفضة كمساهمة منها فى الخدمة المجتمعية وللتخفيف على المواطنين .
بناءا على ذلك أكد الأستاذ أيمن الأدغم أنه أفضل حل للقضاء على هذه المشكلات السابق عرضها و التى تؤدى إلى إرتفاع الأسعار هو أن تقوم الدولة بهذه الإجراءات التالية :-
١ – على غرار انشاء شركة ” إستادات”التى تم إنشائها قريباً فى مجال نشاط وزارة الرياضة ولعبة كرة القدم
يجب على الدولة أن تقوم بإنشاء شركة جديدة تسمى ” توريدات ” تكون مهمتها الأساسية هى نقل وتوريد ببعض السلع الإستراتيجية المهمة والسلع الكهربائية و المعمرة والغذائية إلى منافذ التوزيع مباشرة و التى يتم تحديدها بالتنسيق بين الوحدات المحلية للمدن و القرى مع
وزارات التموين والدفاع والداخلية و التى تنتشر منافذ التوزيع الخاصة بها فى كل أنحاء الجمهورية .
ويكون ذلك من خلال إنشاء أسطول للنقل البري من خلال توفير عربات للنقل الثقيل والنصف نقل والثلاثة أرباع نقل كاملة التجهيز حسب كل سلعة وذلك لتوفير حصص وكميات مناسبة من سلع جميع المنتجين مباشرة إلى منافذ التوزيع للتحكم بحصة حاكمة من توفير هذه السلع على الأسعار بالسوق بعد أن يتم إلغاء عدد كبير من حلقات التوزيع بين المنتج الأول والمستهلك الأخير لتوصيل هذه السلع بأسعار مخفضة للمواطنين للتخفيف عليهم من غلو وارتفاع الأسعار وحتى يعلم الجميع أن الدولة لا هم لها إلا العمل على مساعدة المواطنين فى ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة .
ويمكن تمويل إنشاء هذه الشركة وأسطول المركبات العامل بها من خلال إستقطاع جزء من ميزانية الوزارات التى تدعم توفير السلع بهذه المنافذ ( لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ) ويمكن تدبير الباقى من وزارة المالية أو من خلال الشركات التى ستقوم بتوفير كميات كبيرة من إنتاجها لهذا الغرض الذى سيفتح بدوره آفاقا جديدة لسوق منتجاتهم وزيادة حجم الإنتاج لما سيتم طلبه منها من منتجات فى المستقبل.
ويجب أن يتم إيجاد آلية جديدة للإدارة والإشراف والمتابعة بين جميع الوزارات التى ستشارك فى تنفيذ هذه الفكرة و ذلك لتحديد السلع والمنتجات المطلوب توريدها لمنافذ التوزيع المختلفة، وذلك لتحقيق المنافسة المطلوبة فى سوق العرض والطلب حتى نصل للهدف الأسمى وهو السيطرة على ارتفاع الأسعار وجشع التجار ومنع الاحتكار ومنع الزيادة غير المبررة لارتفاع الأسعار فى ظل نظام السوق الحر وعدم وجود تسعيرة جبرية تلزم الجميع بسعر معين و محدد .
٢ – التنسيق مع وزارة الحكم المحلى والوحدات المحلية بالمدن والقرى لتوفير أماكن مناسبة لعرض السلع الجديدة التى يمكن لشركة”توريدات”
توفيرها بأماكن المنافذ التوزيع المختلفة ، حيث يمكن إضافة بعض السلع الإستراتيجية كالحديد والأسمنت وكذلك السلع المعمرة والأجهزة الكهربائية والإلكترونية إلى جانب الخضروات والفواكه للتخفيف على المواطنين وتشجيع الإنتاج والصناعة المحلية التى سيكون لها وحدها الأولوية فى عرض المنتجات المصرية فقط دون عرض أى سلع او منتجات مستوردة من الخارج ، مما سيعطى أفضلية منافسة للمنتج المصرى الذى سيتم توفيره بأسعار مناسبة للجميع ، وبذلك يكون هناك تشجيع حقيقى لزيادة الإنتاج الصناعى المصرى الذى سيحظى بأعلى ميزة تنافسية فى التوزيع داخل مصر أولا وسيكون هو الإختيار الأول من قبل المستهلكين المصريين لإنخفاض أسعاره و للحد من الإستيراد وتشجيع الصناعة المحلية وبالطريقة القانونية الوحيدة التى تعتبر المخرج الوحيد للحفاظ على الصناعة المحلية من تغول المنتج المستورد عليها فى ظل إتفاقية التجارة الحرة ” الجات ”
التى تعتبر غزو إقتصادى إجبارى لا يمكن الإعتراض عليه ولا يقدر أى أحد على منعه او درء إثارة على الإنتاج والصناعة الوطنية فى مصر ،حيث أن توفير هذه السلع بأسعار مخفضة للمواطنين سيجعل فى مقدرة أى مواطن الحصول على جميع إحتياجاته و مستلزماته بالقيمة التى تناسب مقدرته المالية .
٣ – توفير وسائل النقل المناسبة لنقل أى سلعة أو منتج بالطريقة الأفضل التى تقلل من الهدر والتلف السريع لهذه السلع والمنتجات ، حيث تحتاج بعض السلع الإستهلاكية لوسائل عناية خاصة عند نقلها لأماكن التوزيع بمنافذ البيع النهائي والمباشر للمستهلك حيث تحتاج بعض السلع لعربات مجهزة باجهزة للتبريد أو التجميد للحفاظ على جودتها ومنع حدوث تلف بها يمنع المستهلكين من شرائها .
٤ – تشجيع ونشر المبادرات التى تقوم بها المصانع والشركات و المنتجين والسلاسل الغذائية والمولات الكبيرة لتوفير السلع التى لديها بأسعار مخفضة كما حدث فى الماضى مع بداية تحرير سعر الصرف وبداية رفع الدعم التدريجي لمشتقات الوقود التى تسببت فى إرتفاع الأسعار وقتها وكإن لهذه المبادرات أثرها فى التخفيف على المواطنين بعد إرتفاع بعض الأسعار لبعض السلع للضعف ،ولذا يجب تشجيع هذه المبادرات والعمل علي تكرارها قدر الإمكان.

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى