يا عزيزي كلنا مجرمون

بقلم : غاده سمير
كلنا مجرمون وكلنا ضحايا ..عباره جاءت على لسان الفنان الكبير الراحل ”كمال الشناوي ”في رائعه ”الكرنك”، أثناء مقابلته مع بعض ضحايا تعذيبه، وقد جمعهم مكانا واحدا…هل نحن مجرمون؟ أم ضحايا ؟سؤال يطرح نفسه في واقع أصبح يختلط فيه كل شيء ويحمل كل شيء ،الشيء ونقيضه في نفس ذات الوقت .
أصبحنا نعيش في مجتمع يراعي ”العيب” ،ولا يراعي ”الحرام ”،فطبقا لوجهه النظر المجتمعيه البحته، التي يكاد يفكر بها معظم أفراد مجتمعنا المصري بل وبالادق العربي ،من العيب أن تتزوج المرأه التي فقدت زوجها، ولكن ليس عيبا أن يتزوج الرجل الذي فقد زوجته أو ربما مازالت علي قيد الحياه ، الأم ترفض أن يتزوج إبنها الشاب الذي لم يتزوج ممن سبق لها تجربه زواج فاشل ،حتي وإن كان يشعر بمشاعر الحب تجاهها ،والتي ربما لن يشعر بها يوما تجاه من تراها مناسبه له من الفتيات الكثيرات التي لم يسبق لهن الزواج، سترفض وربما والده أيضا و الأشقاء والرفاق والمجتمع والناس، وسيعلن الجميع الحرب علي الفتاه المسكينه، إلي أن يصل الجميع إلي مبتغاه، ويتزوج الإبن الشاب من الفتاه التي لم يسبق لها الزواج الشرعي المعلن أمام الله والمجتمع وربما تكون صاحبه علاقات لا يعلمها غير الله ولن يعلم بها أحد !
من أوجه العيب التي يراها المجتمع العربي ؛ أن تتزوج المرأه بمن يصغرها سنا ،ويكيل لها المجتمع الاتهامات وربما تتعرض للنقد اللازع والسخريه، مع علم الجميع أنه ليس حراما ،ولنا في رسولنا الكريم سيد الخلق أجمعين الأسوه الحسنه، فقد تزوج بالسيده خديجه ،وهي تكبره بسنوات عديده ..العيب أن يتزوج الرجل بمن تصغره بسنوات عديده وأن تتزوج الفتاه بمن يكبرها بفارق سنوات. . .العيب أن تتحدث ابنتك إلي زميلها في الهاتف، ولكنه ليس عيبا أن تتحدث انت إلي زميلاتك وصديقات مواقع التواصل الإجتماعي .
العيب أن تتقدم فتاه إلي خطبه شاب أو أن تظهر رغبتها في الزواج منه ،ربما يسيء الظن بها ويراها تحمل من الجراه ما يخيفه ويثير شكوكه ،ولكنه يلهث وراء من تجيد إرتداء قناع البراءه وتجعله يسقط في شباكها بكل براعه .
العيب أين ؟هل يسكن في عقولنا نحن ..أم نحن من نصنعه.
الحلال بين والحرام بين ،الكل يعلم جيدا ذلك، ولكنه يصر علي أن يخلط بين ما يراه المجتمع عيبا ،وما يراه حراما .
إذن كلنا مجرمون في حق أنفسنا، حينما نقسو عليها خوفا من تعليقات ورفض وآراء الآخرين ..ونحن مجرمون أيضا حينما نتسرع ونخطيء في إصدار الأحكام علي غيرنا…نسيء الظن ،وبكل يسر ونحن أمام التلفاز أو نحتسي كوبا من الشاي أو فنجانا من القهوه، أو نتحدث عبر الهاتف .
الكل يرتدي أقنعة النصح والإرشاد، الكل قاضيا وجلادا علي غيره ،لا يستطيع اب أن يتقبل أن تأتي إليه إبنته لتخبره أنها تحب زميلها وترغب في الزواج منه، ولكنه ربما يضحك ويسعد وهو يسمع حديثا هاتفيا بين ابنه وفتاه وربما يداعبه بعباره….هذا الشبل من ذاك الأسد ،ومن شابه أباه فما ظلم ..يسعد أن يلقي علي زوجته قصص غرامه وعلاقاته حتي وإن كانت غير شرعيه قبل الزواج، ويغضب اذا جاءت سيرة زوجها السابق دون قصد منها أو تعمد وربما يخفي ذلك علي الجميع وكأنها ارتكبت جريمه فقد تزوجت يوما قبل أن يظهر هو في حياتها ولم يحالفها الحظ.
وهكذا سنظل نحمل النقيضين داخل كل منا، ويظل الصراع فيما بيننا ،بين عادات تورثناها أو عرفا صنعناه ،وبين حراما أقره الشرع وفرضته الأديان السماويه.

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى