هل القانون يخدم الباطل كما يخدم الحق ؟!

كتب : ابانوب جرجس المحامى فى 9 ابريل 2015

 

فى البداية نرى أن الهدف الرئيسي من إنشاء الدولة هو تحويل المجتمع من حالة الفوضى إلى حالة النظام أي من مجتمع فوضوي إلى مجتمع منظم يضمن فيه كل إنسان من أفراد المجتمع أن يستمتع بكامل حريته دون أن يتعرض لأعتداءات الآخرين في إطار من المساواة والعدالة بين الأفراد هذا المجتمع.

 

ووسيلة تنظيم المجتمع هي القانون إذ لا يقوم نظام بدون قانون، وحيث لا يكون نظام يضل الناس السبيل فلا يعرفون ما ينبغي فعله وما يتعين تجنبه، فالعلاقات المنظمة ضرورة أولية من ضرورات الحياة الاجتماعية. وعليه فإن المجتمع المنظم يحتاج إلى سلطة تسن القوانين التي يبغيها المجتمع “الوظيفة التشريعية” وإلى قوة تملك تنفيذ هذه القوانين ” الوظيفة الإدارية” وثالثة تفصل في المنازعات الناجمة عن تطبيق القانون وحل المنازعات وفقاً له “الوظيفة القضائية” ومن هنا ظهرت السلطات العامة.

 

وقد اتجه الفكر السياسي والدستوري الحديث إلى نبذ أسلوب تركيز السلطة باعتبار أن هذا التركيز هو السبب الرئيسي لشيوع الأستبداد والعسف بحقوق الأفراد وحرياتهم , لأنه إذا كانت السلطة مطلقة فأنها تسمى بالسلطة المفسدة ومن هنا ظهر “مبدأ الفصل بين السلطات”.

 

وكثير ومن هذه المسميات التي نطلقها وفقاً للمعاير الديمقراطية السائدة لغواً وليس فعلاً مما دفعنا من الحاجة إلى إجابة رداً لهذا السؤال ((هل القانون يخدم الحق أم يخدم الباطل؟)).

 

قالها عادل إمام فى فيلم طيور الظلام للرائع الأستاذ وحيد حامد عندما قال حرفياً :”القانون زى ما بيخدم الحق بيخدم الباطل و إحنا ناس الباطل بتاعهم لازم يبقى قانونى” مشيراً لذاته بإعتبارة يجسد شخصية محامى فى الفيلم لكن فى حقيقة الأمر القانون في ذاته لم يقف بجانب الباطل , فالقائمين على التشريع (إنشاء القانون) هم من يشرعونه من أجل خدمة الباطل , ومستخدمي القانون حتى ولو كان القانون صائبا – يلعبون عليه و يستخدمون ثغراته من اجل الوقوف بجوار الباطل , و كلمة مستخدمى القانون كلمه لا تشير إلى المحاميين بالتحديد لكن أيضاً تشير إلى السلطة التنفيذية القائمة على تطبيق القانون

فالقائمين على تنفيذ القانون يجدون المتعة في عدم تطبيقه بالشكل الصحيح لأنه من خلال معاني الكلمات سالف الإشارة إليها نجد أن فكرة الدولة هى تنظيم المجتمع والقانون هو الذي يجعل للأنسان يمارس حقوقه ويحصل عليها فيطرح ببالنا سؤال أخر كيف تكون فكرة الدولة تنظيم والقانون وسيلة تأكيد على أخذ الحقوق ونشر العدل في المجتمع ويكون في الوقت ذاته خادم للباطل.

 

ومن هنا نستخلص الإجابة فى أن القائمين على تطبيق القانون في المجتمع هم من يخدمون الباطل باتباع الأساليب الملتوية للقانون والبحث عن الثغرات التشريعة لأساءة أستعمالها وليس لأطراح الفكر القانوني السليم لسدها بوسائل مشروعة.

 

أما القانون ذاته في فلسفته و روحه و مكنونه، ما كان أبدا ناصرا او مؤيدا للباطل، فالقانون خلق ليقنن و ليمنع و لييسر على الناس و ليقف بجانب المظلوم و يأتي بالحقوق من أجل إعلاءها، أما ان ينتهزه المنتهزون و يستخدمه عديمي الضمير من أجل الباطل، فهذا البطلان بطلانا في النفس البشرية ذاتها، و ليس في القانون .

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى