تجاعيد لـ محمود حسين

.
.كم هى غريبة الحياة داخل الاتوبيس العام ف القاهرة تختزل عالم بالكامل بمختلف طبقاته فى عدد من المقاعد المحمولة على بضع اطارات .
وجوه تكسوها قصص مختلفة …و من كل هذه الوجوه يلفت انتباهى رجل قد تفنن الدهر فى رسم تجاعيد وجهه خلال مايقارب الخمس عقود على الارجح ارى حول عينيه ثناية تحكى كل لحظة قد ضحك فيها ذاك الرجل و تعلو جبهته تفاصيل تروى لحظات الغضب التى استنذفت جسده و التى احسبها اكثر من ضحكاته …و يلفت انتباهى فى عينيه انكسارة حزن قد ارتسمت على حوافها نتيجة الاحزان التى استنزفت بهجة قلبه و اعتصرت اخر ما تبقى فى جسده من الحياة ينظر بتلك العيون الحزينة خلال النافذة غارقا فى عالم من الافكار التى ابدعت فى سرقته من العالم المحيط ف يسقط فى عالمه المزدحم لا يستفيق الا على صوت الكمسرى ليطلب منه الاجرة فيخرج من جيبه بضع قطع معدنية لا تساوى الكثير و لكنها قد تساوى جل ما يملك فى جيبه . .. و سمعت صوته الرخيم الذى تغلفه نبرة الانكسار سأل الجالس امامه عن الوقت فيخبره انه منتصف النهار فإذا به يميل بيجسده للخلف و يخرج من جيبه مسبحة ليذكر اسم الله على خرزاتها التى لا يعرف الكثير منا ملمسها حتى …و فى هذه اللحظة كاد فضولى ان يقتلنى .من هذا الرجل؟ ..ما قصته ؟ لماذا تلك التعبيرات المتناقضة على وجهه ؟
فلملمت خيوط شجاعتى و عزمت على ان اتجاذب معه اطراف الحديث و اعرف قصته . و لكن ما لبست ان هممت اليه حتى وجدته يشير الى السائق بالوقوف و ينزل من الحافلة ليغيب عن انظارى و يتركنى للفضول ينتزع عقلى …و لكن ما اثق به هوا ان
ذلك الوجه لن تغيب صورته عن ذهنى بسهولة
.

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى