بسمة حجازي تكتب الكثير من الناس هم مجرد ممثلون

الكثير من الناس هم مجرد ممثلون يخفون وجوههم وراء الاقنعة
رغم ما يردده الكثيرون حول أنهم لا يهتمون بالمظاهر ويركزون على الجوهر , لكن لو أتينا إلى الواقع لرأينا بأن المظهر يلعب دورا رئيسيا في تحديد نظرتنا للآخرين , خصوصا عندما تكون معرفتنا بهم سطحية , أعني الوسامة واللباس والهندام وتسريحة الشعر والعطر والرشاقة والطول وأسلوب الكلام وطراز السيارة .. الخ .. هذه كلها أمور تجذب انتباهنا وتؤثر على قرارنا في كيفية التعامل مع الآخر , مدى الثقة واللطف والانجذاب والاحترام الخ .. الذي نبديه للآخرين , فقد نعامل سيدة ما بلطف كبير لمجرد أنها جميلة , ونثق كثيرا برجل ما لمجرد أن لحيته ومسبحته طويلة , ونحترم شخص ما ونود أن نصادقه لأنه يرتدي ملابس فاخرة ويمتلك أغراض ثمينة مما يدل على أنه ربما يكون شخصية مهمة أو رجل ثري , ونستمع إلى نصائح بعض الناس من الأقارب أو الأصدقاء لأنهم يبدون حرصا علينا …
بالمقابل لا نبدي اهتماما كبيرا بالأشخاص ذوي المظهر العادي أو البسيط , وربما نفرنا منهم وابتعدنا عنهم , أو حتى تعاملنا معهم باحتقار , لمجرد أنهم فقراء أو ملابسهم رثة ..
أن للمظهر تأثيرا لا يقبل الجدل في قراراتنا بشأن الآخرين , بل وحتى بشأن أنفسنا , كأن نشعر بالحسرة والمرارة لأننا لا نمتلك أمورا معينة يمتلكها غيرنا .. لباس فاخر .. سيارة حديثة .. شقة فخمة .. عملية تجميلية للأنف .. الخ .. نحن نريد هذه الأمور بشدة لكننا لا نملك المال , وهذا يجعلنا نشعر بالأسى , مع أن هذه الأمور ليست من أساسيات الحياة , ولن نموت إذا لم نمتلكها , لكننا مثل غيرنا .. نحب المظاهر ونتوق إليها . طبعا هنا يجب أن نفرق بين حب المظاهر والطموح المشروع , فمن حق كل إنسان أن يتطلع للأفضل , ومن حق كل إنسان أن يظهر بمظهر أفضل , لكن على شرط أن يكون ذلك في حدود إمكاناته , لا كما تفعل “نادية” , وهي قريبة لي تعمل موظفة براتب ثلاثمائة دولار في الشهر , فهي عندما تقبض المرتب تذهب رأسا إلى السوق لتبذر المال على أمور غير ضرورية , كأن تشتري فستانا بمائتي دولار لأنها تريد أن تظهر بشكل أفضل أمام زميلاتها وصديقاتها .. وهذا هو عين التبذير والطيش والإسفاف في حب المظاهر . كما أنها إستراتيجية فاشلة لكسب احترام الآخرين , فهي مجرد عرض زائف وغير صادق لا يتوافق مع حقيقة إمكانياتك ومركزك المالي أو الاجتماعي .
, وحتى في الزواج , تجد العائلة الثرية تبحث لأبنها عن عروس ثرية , ولو تزوج بفتاة فقيرة لنالها منهم ما نالها من الكلام المسموم وتعييرها وتذكيرها بأصلها الفقير , طبعا لا أقول كل الأغنياء هكذا , لكن هناك نسبة منهم , والبعض منهم يبالغ في كل شيء , لا فقط في عروس أبنه , بل في البذخ والإسراف الذي يزيد عن الحد في كل شيء , فتجده مثلا يطبخ أطنانا من الطعام من اجل بضعة مدعوين , وهذا الطعام أغلبه يذهب إلى المزابل , بينما هذا العالم مليء بالجائعين الذين يتوسلون كسرة خبز يابسة .
وعلى النقيض من البذخ والتظاهر بالغنى , فهناك أشخاص يجيدون تمثيل دور الفقير والبائس من اجل استدرار شفقة الآخرين وتفريغ جيوبهم . المظاهر لا تكون مادية فقط , بل قد تكون في المشاعر , كأن يتظاهر شخص ما بأنه يهتم لأمرك ويريد الخير لك , بينما قلبه يفيض حقدا عليك , أو يتظاهر بأنه يفرح إذا أصابك خير فيما هو في الحقيقة يحسدك ويتمنى السوء لك , وهؤلاء للأسف كثيرون , فالناس الصادقون في مشاعرهم هم عملة نادرة في هذه الزمان , وكم نسمع من شكوى ونحيب بسبب الصديق الغادر والحبيب الخائن والقريب الحاقد الخ ..لا أريد أن أطيل أكثر , وكالعادة لكم كل احترامى

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى