تجـــــــاعيد 4 بقلم محمود حسين

 

كان القمر قد بدء فى شروقه عندما لمحت ذلك الرجل المسن صاحب العشر اعوام يخرج من ثنايا الطريق المدجج بأصناف السيارات ، يقترب منى مرتديا قميصا تداعت عليه اصناف الغبار و بنطال يكشف عن ساقيه النحيفتين يسير بخطوات تهز الارض من تحته رافعا رأسه فى السماء و كأنها يتحدى الفقر بكبريائه .
يحمل على ساعده بضع عناقيد من زهور الفل ليقف بهم عن يمينى و يسألنى فى هدوء عن عمرى اندهش للحظات ثم اجبته . فيلقى بصره على احدى اللافتات ف صمت ثم يعود قائلا “بتروح المدرسة؟” فأجيبه بالإثبات فيرفع عن عينيه شعره الداكن و يوجه بصره الى عينى ف أرى فى عينيه حزن لا يقدر على تحمله من فى مثل سنه . ارى السعادة تنهار فى عينين قد انطفء فيهما لمعان الحياة و بهجة الطفولة . يخرجنى بصوته من ذلك المشهد المفزع ليسألنى “ماذا تعلمت من هذه الدنيا ؟” لم اجد فى ذهنى ما يليق اجابة لسؤاله الصعب فبادرنى بصوت ثابت قائلا “تعلم من الدنيا ما ينفعك ف الآخرة تفز بهما معا” جرت فى جسدى هزة كمن ضربته صاعقة كيف لهذا الفتى الصغير ان يكون بتلك الفصاحة كيف له ان يكون بتلك الحكمة . نظرت له و هوا يختفى وسط الزحام و قد تعلمت من هذا الرجل الصغير ان العمر ماهوا الا رقم نحمله على ظهورنا و لكن الحكمة هى ما تنقشه الصعاب فى عقولنا .

 

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى