ثورة أخلاق الكاتب اشرف هميسة

مرحلة البناء و الإرساء التي يقودها الرئيس السيسي بإقتدار في حاجة إلى ثورة أخلاق …
فلا تنمية ولا تقدم بدون أخلاق .. لاشك أن المجتمعات – بدرجة أو بأخري – باتت تعاني أزمة أخلاقية وبالدرجة التي يمكن القول معها : إنها باتت أزمة عالمية – ولكن هذا لا يبرر التسليم بها في مجتمع له ثوابته وأخلاقياته و قيمه المستمدة من طبيعته و طبعه وما حظي به من أنه نقطة انطلاق الديانات والحضارات وهذا المجتمع هو وليس غيره المجتمع المصري وبالتالي فإن ما يعانيه من أزمة في قيمه و أخلاقياته يعد فعلاً تحديا يجب مواجهته بآليات تتناسب وحدة هذه الأزمة . وحتي يتبين لنا مدي عمق وخطورة هذه الأزمة نشير إلي المفهوم الواسع لمنظومة القيم والذي ينتظمها النسق القيمي السائد في المجتمع وهذا المفهوم لا يقتصر علي القيم الأخلاقية وإنما تتعدد أنواعه فهناك القيم : الدينية والاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية والعلمية وغيرها من المجالات التي باتت تعاني بالفعل أزمة حقيقية وعلي سبيل المثال لا الحصر تعاني منظومة :
– القيم الدينية من خلل واضح في التعامل معها حيث تحولت لدي كثير من المؤمنين إلي ممارسات تفقد هذه القيمة معانيها ومثلها العليا ومقاصد الأديان السامية ، بل وبات استغلال الدين استغلالاً يسيء إلي قيمه وأخلاقياته وأصبح التركيز علي الشكليات والبعد عن جوهر الدين وما يحث عليه من عدل ورحمة و الحفاظ علي كرامة الإنسان وتوظيف القيم الدينية فيما ينفع الناس في دنياهم وآخرتهم ..
– القيم الاجتماعية التي من المفروض أن تعمق التراحم والصلات الحميمة والأخوة ومراعاة المشاعر و الحفاظ علي قيم وأخلاقيات الأسرة المصرية ، فهذه القيم باتت تعاني الآن من اختلال وفساد وعلي كل المستويات ، خاصة داخل الأسرة وبين الآباء والأبناء والأخوة والأخوات وما تفرضه العلاقات الإنسانية مع الآخرين ..
– القيم الثقافية التي تفرض الالتزام فكرا وإبداعا و تعمل علي تكريس الحق والخير والجمال والحفاظ علي ثوابت الأمة وموروثها الثقافي وتوظيفه الثقافة في بناء الإنسان و تكوين وعيه تكوينا صحيحا لا زائفًا .. نقول : إن هذه القيم تعاني في الوقت الحاضر من عشرات السلوكيات والممارسات والمفاهيم ما يفرغها من قيمها ومضمونها ، بل ويفقد الثقافة رسالتها الإنسانية السامية و يفقد المجتمع تماسكه ووحدته ..
– القيم الاقتصادية والتي تحولت إلي عملية نهب وسلب واستغلال وفساد وأصبح هناك من يستهدف المزيد من الغني والثراء ، علي حساب الفقراء .. وعن هذا وغيره يطول الحديث وما عليك إلا مطالعة ومراجعة ما حدث من نهب وسلب لممتلكات البلد والسيطرة عليها وبيعها بأرخص الأسعار، بل و إعطاء الفرصة للأجانب لامتلاكها وإقامة القضايا التي يحصلون من ورائها علي تعويضات قليلة ..
– القيم السياسية فقد لا تكون بحاجة إلي الإطالة حولها وما عليك إلا ملاحظة ما يحدث بين من يطلق عليهم زورا و بهتانا بالنخب السياسية وما يقولون به من خداع و تدليس وتزييف وتصفية حسابات و التقلب في المواقف من أقصي اليسار إلي أقصي اليمين والعكس صحيح تماما ، بل وعقد الصفقات مع المختلفين معهم أيديولوجيا ، لا لشيء إلا لتحقيق المصالح والمنافع البعيدة تماما عن المصالح العليا للوطن ..
– القيم العلمية وما يتعلق بها من أخلاقيات البحث العلمي ، فهذا يحتاج لمقال خاص ويكفي فقط أن نشير إلي السرقات العلمية وعدم تحري الدقة والموضوعية في القيام بالبحوث العلمية واستخلاص النتائج والحقائق ..
عشرات المظاهر التي تكشف عن أن منظومة القيم في المجتمع المصري تعاني أزمة حقيقية تفرض ضرورة مواجهتها و الكشف عن الظروف المرتبطة بها و التغلب عليها ..

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى