قصه توجع القلب مأساة فنان أضحك الملايين عبر كل العصور

كتبت عزة الجراح
مأساة فنان أضحك الملايين عبر كل العصور
الفنان عبد الفتاح القصري
ظل حلم الإنجاب يراوده ولم يشغله عنه تألقه ونجاحه ونجوميته، وبعد زواجه للمرة الثالثة أيقن أن هذا الحلم لن يتحقق، ففكر فى تبنى طفل، وهى الفكرة التى رفضتها زوجته الثالثة، ولكنه فى أحد الأيام رأى طفلًا ينام فى محل البقال المجاور له، وعندما سأل البقال عرف أنه يتيم ليس له أهل، فأشفق القصرى على الطفل من البرد والشارع وأخذه إلى بيته ليرعاه ويكون ابنه بالتبنى، وهو ما رفضته زوجته وتركت المنزل وتطورت المشكلات بينهما حتى طلقها. وفى عام 1958 وأثناء مشاركة القصرى فى مسرحية «عايز أحب» وصله خبر وفاة شقيقه محمد، فتحامل على نفسه حتى أكمل الفصل الثالث ثم انهار فى البكاء وبعد دفن شقيقه تدهورت حالته ودخل المستشفى
وفى المستشفى تعرف على إحدى الممرضات التى شملته بعطفها وتعلق بها رغم أنها تصغره بسنوات كثيرة، وأبدت له هذه الممرضة مشاعر الحب وبعدما تماثل للشفاء تزوجها ليكتب بهذه الزيجة نهايته المأساوية
أيام سعادة قليلة عاشها القصرى مع زوجته الشابة حتى أقنعته بأن يكتب لها كل أملاكه بحجة خوفها من أسرته إذا ما أصابه مكروه، وبعدها تغيرت معاملتها له، وبدأ يشعر بأن هناك علاقة مريبة تربطها بابنه بالتبنى وازداد شكه حتى تأثرت صحته.
كان القصرى يشارك فى مسرحية «الحبيب المضروب» عام 1962 مع إسماعيل ياسين وتحية كاريوكا واستيفان روستى، وأثناء أداء دوره فقد بصره، وصرخ على المسرح قائلًا: «الحقونى أنا مش شايف»، فظن إسماعيل ياسين أنه يرتجل كعادته، فإذا بالقصرى يقول: «أنا مش شايف قدامى، أنا إتعميت»، ظن الجمهور أن هذا الحوار جزء من المسرحية فتعالت الضحكات، بينما أدرك إسماعيل ياسين ما أصاب صديقه فأمسك بيده إلى خارج خشبة المسرح وأغلق الستارة، لتكون هذه آخر مرة يقف فيها القصرى على المسرح ويعيش بعدها فى ظلام يشبه الأيام التى عاشها حتى وفاته
انخرطت تحية كاريوكا فى البكاء، وحاول إسماعيل ياسين تهدئته، واصطحبوه إلى المستشفى، وعرفوا أنه فقد البصر بسبب ارتفاع السكر
طلب القصرى من زملائه إحضار شقيقته بهية أقرب إخوته إليه والتى ظلت على تواصل معه حتى خلال فترة مقاطعة أسرته له فاصطحبته إلى منزله، حيث أساءت زوجته معاملتها لإبعادها عنه، بينما ظل القصرى أسيرًا فى بيته الذى تنازل عنه لزوجته، وعاملته الزوجة أسوأ معاملة وحبسته فى بدروم الفيلا بعدما استولت على أملاكه مما أدى إلى تدهور حالته
وكانت بعدها المصيبة الكبري إذ أجبرته زوجته الشابة على تطليقها، وتزوجت من صبى البقال الذى كان تبناه من 15 سنة، ليس هذا فحسب بل أجبرته على أن يوقع شاهدًا على هذا الزواج، وأقام الزوجان فى نفس الشقة معه، فكانت النتيجة أن فقد عقله وأصيب بالهذيان
وحبسته طليقته ومنعت عنه الطعام لدرجة إنه كان يستجدى المارة من شباك غرفته، حتى فضحتها الصورة التى نشرتها جريدة الجمهورية فى يناير 1964، فأسرعت مارى منيب ونجوى سالم لزيارته وبصحبتهما محمد دوارة الصحفي بجريدة الجمهورية ولم تسمح لهم الزوجة الخائنة بالدخول إليه إلا بعد معاناة، وكانت الصدمة التى أبكتهم أنه لم يتعرف عليهما بعدما أصيب بفقدان الذاكرة، فاصطحبته مارى منيب ونجوى سالم إلى مستشفى الدمرداش، وعرفا أنه أصيب بفقدان الذاكرة والهذيان، نتيجة تصلب الشرايين، وقضى القصرى عدة أسابيع فى المستشفى، خرج بعدها لتكتمل مأساته، حيث أغلقت مصلحة التنظيم منزله ووضعت عليه الشمع الأحمر تمهيدًا لإزالته، وباعت طليقته الأثاث وهربت مع زوجها الجديد، ليصبح القصرى بلا مأوى
قادت مارى منيب ونجوى سالم حملة تبرع لإنقاذ القصرى من التشرد، وتوسطت نجوى سالم لدى محافظ القاهرة لتخصيص شقة له فى مساكن المحافظة، وخصصت له نقابة الممثلين إعانة شهرية قدرها «10 جنيهات»، ونشرت جريدة الجمهورية اسم كل فنان والمبلغ الذى تبرع به على صفحاتها
عاش عبدالفتاح القصرى أيامه الأخيرة فى هذه الشقة مع شقيقته بهية، ولم تمض سوى أيام قليلة حتى صعدت روحه إلى بارئها فى 8 مارس 1964، بعد حياة حافلة بالفن والضحك والقهر والظلم والحزن، وأنفقت باقى التبرعات على جنازته التى لم يحضرها إلا عدد قليل من الفنانين، وشقيقته بهية التى توفت بعده.

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى