فن التحنيط فى مصرالقديمة

كتب ..صفاءصلاح الدين
التحنيط فى مصر القديمة يعد من أهم العلوم التى أبهرت الدارسين للحضارة المصرية ، و خاصة عندما كانوا يعثروا على مومياء يزيد عمرها عن الألفين عام قبل الميلاد وأكثر ، وكانت المومياء تحتفظ بشكلها وبملامحها وبعض هذه الموياوات كانت تحتفظ بزينتها و ملامح وجه كاملة ، ذلك ما كان يدعوا الباحثين إلى العديد من التساؤلات مثل : ماهو الغرض من حفظ الجسد بهذا الشكل؟ ، وما هو دافع المصرى القديم إلى البحث وراء تخليد الجسد ؟ ، و كيف توصل المصرى القديم لحفظ الجسد بتلك الصورة التى كان من الصعب على العلم الحديث التوصل أليها؟؟ ، كل هذه التساؤلات مازالت موضع بحث من العلماء ورغم محاولات البعض التوصل إلى سر التحنيط و الخامات المستخدمة و المواد الطبيعية التى مكنتهم من ذلك ، و بالنسبة لأدوات التحنيط فمعظم الأدوات التى تم إستخدامها فى التحنيط تم العثور عليها بجانب المومياوات ولعل هناك المزيد لم يكتشف بعد ، ولكن بعد تخيل كيفية القيام بعملية التحنيط فإن الأدوات الموجودة والتى تم العثور عليها تكفى للقيام بالغرض.
وفى التحنيط كانت هناك إتجاهات عديدة إشتركت مع بعضها البعض ليصل الجسد فى النهاية إلى تلك الصورة التى عثرنا عليه بها ، مثلاً الدافع الدينى وراء التحنيط ، وهو نفس الدافع الذى دفع الكهنة والمفكر المصرى القديم البسيط الذى كان يفكر بعقل بكر إلى التوصل لطريقة ترضى الديانة المصرية القديمة وترضى الآلهة من خلال حفظ الأجساد بتلك الصورة المثالية ، رغم عدم تقدم علم التشريح ولكن محاولات التحنيط والحفاظ على الجسد كانت قائمة و كانت هناك العديد من الإسهامات الناجحة فى هذا المجال.
وكان المُعتقد الدينى عند المصرى القديم هو المحرك الأساسى ، و ذلك من خلال أهمية الجسد فى الديانة المصرية القديمة ، و عملية حساب مابعد الوفاه ، فكانت هناك عملية تسمى عملية ميزان القلب وفيها كان يتم خلع القلب و ميزانه مقابل ريشة مثلما إعتقد المصرى القديم
تحنيط الموتى عند قدماء المصريين بدأ قبل أكثر من ستة آلاف سنة أي أقدم بكثير مما كان يُعتقد. ويعد علم التحنيط الذي اشتهر به قدماء المصريين واحدا من العلوم التي لم تكشف بعد كل أسراره.
قال العلماء إن المواد التي وجدت في أقمشة الدفن في أقدم المقابر المصرية القديمة المعروفة، أظهرت أن حفظ الجثث بالتحنيط بدأ عام 4300 قبل الميلاد تقريبا. وتبين أن الكتان المستخدم في لف جثث الموتى وضعت عليه مواد كيميائية لتوفير عازل للحماية ومقاومة البكتريا.
ولم تكن هذه الطريقة دقيقة مثل عملية التحنيط التي استخدمت لاحقا لحفظ جثث الفراعنة أصحاب المناصب الهامة والنخبة وكثير من عامة المصريين، لكنها جاءت قبل أكثر من 1500 سنة على التاريخ الذي اعتقد العلماء أن التحنيط بدأ فيه.
* سلامة الجسد شرط للخلود
وتوجد أدلة على أن التحنيط يعود لعام 2600 قبل الميلاد تشمل رفات الملكة حتب حرس أم الملك خوفو الذي أمر ببناء الهرم الأكبر. كما توجد أدلة من كتان احتوى على مادة الراتنغ واستخدم في لف جثث الموتى عام 2800 قبل الميلاد تقريبا.
ودهش الباحثون عندما وجدوا أن المكونات النباتية والحيوانية والمعدنية المستخدمة في تجهيز المومياوات في مقابر منطقة المستجدة في سوهاج بصعيد مصر هي في الأساس نفس “وصفة” التحنيط التي استخدمت بعد آلاف السنين لاحقا في أوج الحضارة المصرية القديمة.
وقال ستيفن باكلي عالم الآثار بجامعة يورك البريطانية والذي قاد فريق الباحثين: “اعتقد قدماء المصريين أن بقاء الجسد بعد الموت ضروري حتى يعيش الإنسان مرة ثانية في الآخرة ويصبح مخلدا، وبدون جسد محفوظ لم يكن هذا ممكنا.”
فن التحنيط وانواعه
على الرغم من ان عمليه التحنيط كانت عمليه دينيه الإ أن أحداً لم ينكر عليها أنها أيضا لها وجهه طبيه بحته احتار العلماء فى تفسيرها لمده طويله من الزمن .
فن التحنيط هو عمليه كبيره كانت تتطلب ممن يقومون بها ان يكونوا على علم تام بالعلوم الطبيه كالتشريح والفسيولوجى وعلم العقاقير .
هذا بالاضافه الى الجزء الدينى وهو الالمام بعلم السحر والكهنوت ولهذا لانرى من الغريب ان القائمين على هذه العمليه كانوا من كبار كهنه الاطباء .
ولا نخفى سرا اذا قلنا ان عمليه التحنيط فى البداية كان هدفها الاعتنناء بالصحه العامه والحفاظ على الجثث من التعفن , وكانوا يكتفون فى بادى الامر بدفن الجثة فى مناطق رمليه مده تكفى لامتصاص السوائل وبمرور الاجيال اصبحت عمليه التحنيط اجباريه ليحفظوا هواء البلاد من التلوث .
اما عن البدايه التاريخيه لهذا الفن العظيم اختلف فيها العلماء فمازالت مجهوله الى اليوم ولكن فى راى البعض انها ربما ترجع الى سنه 2700 ق.م كما انه قد عثر على جثث محنطه يرجع تاريخها الى سنه 3300 ق.م تقريبا .
وفى دراسه للمواد المستعمله عمليه التحنيط قتال بعض العلماء ويدعى ماسبيروا :
ان اعظم العقاقير المستعمله مركبه من مادتى الاسفلت والقار حيث كانت تملا به الجثه وقد عبر عنه العلماء السابقين لعصره بانه صمغ الصنوبر حيث كانت تجاره الصنوبر رائجه فيرسله التجار من بلاد الشام الى مصر بواسطه القوافل لاستعماله فى النتحنيط
انواع التحنيط
وصف هيرودت كيفيه عمل التحنيط وانواعه عند قدماء المصريين على ثلاثه انواع وهى:
النوع الاول:
يبدا هذا النوع بكسر المصفاه وجزء من العظم الوتجى ويستخرجون المخ من الانف باستعمال اله حديديه معوجه ويملا مكان المخ بالطيب وصمغ الصنوبر .
ويبدا تحنيط الجثه بوضعها على مائده خشبيه مستطيله ويبدا المحنطون فى شق الجانب الايسر من البدايه الى النهايه بقطعه من الحجر كانت تغرف باسم حجر اثيوبيا وعرفه علماء طبقات الارض باسم حصاه اثيوبيا .
وعند الانتهاء من عمنليه الشق ينتقل المحنط من مكانه مسرعا يتبعه الحاضرون ويرجمون الجثه بالحجاره ويلعنونه ثم يستخرجون الاحشاء وكل الاجزاء اللينه ويبقون القلب والكلى فى مكانها ويغسلون الجوف بنبيذ البلح الممزوج بكميه من المر والخيار شنبر والطيب والاسفلت .
ثم يخيطون الجلد ثانيه ويغسلون الجثه ويضعون فوقها كميه من الملح وتترك الجثه لمده سبعين يوم وبعد انتهاء هذه المده تدهن الجثه بزيت خشب الارز والعطر وتوضع فى لفائف مصمغه بالصمغ العربى ويدهنون غطاء الوجه ويرسمون فوقه الصوره وكانوا يعتنون بان تكون اللفائف العلويه محلاه برسم ونقوش هيروغليفيه ثم ياتنى اقارب المتوفى وينقلون الجثه فى صندوق خشبى مصنوع على شكل ادمى .
وهذا النوع هو اهم انواع التحنيط التى يقصدون بها المغالاه والزينه متى كانت الجثه لاحد العظماء او المشاهير.
النوع الثانى:
كانت الطبقات المتوسطه ومن فى حكمها لايميلون الى الاحزان والبذخ ويكتفون فى عمليه التحنيط بما يقى الجثه من التلف.
فيكتفون بحقنها بكميات من الدهن السائل المستخرج من خشب الارز وتستعمل غالبا فى بطن المتوفى بدون شق الجسم وبدون اخراج اى شىء من الحوايا والامعاء , ثم يسدون منفذ الحقن منعا لسقوط السوائل ثم يضعون الجثه مده سبعين يوما فى محلول قلوى
ثم يستخرجون الجثه ويخرجون السائل الذى يجتذب معه الاحشاء الذائبه ويجففون العظام وفى هذه الحاله لا يكون باقيا من الجثه الا العضلات والعظام والجلد .
وباتمام تجهيزها على هذه الطريقه توضع فى لفائف معقمه ويبقالوجهه فيدهنوه بلون احمر وتسلم لاسره المتوفى لدفنها.
النوع الثالث:
هذا النوع هو تحنيط الفقراء الذين لا يستطيعون كثره النفقات . وينحصر فى ايداع الجثه مده سبعين يوما فى محلول قلوى وتستخرج منه بعد ذلك وتجعل فى لفائف بسيطه وتسلم لاهل المتوفى لدفنها
ومن الجدير بالذكر ان هناك ايضا نوع رابع لكن يقل اهميه عن الانواع السابقه ىحيث تجعل الجثث فى لفائف ممزوجه بمركبات تقيها من التعفن والتلف زمنا محدودا ثم تدفن فى مكان رملى على عمق متر تقريبا .
وكانوا يجعلون تشييع الجنائز للفقراء والاواسط من الناس على قدر كبير من البساطه , اما الاغنياء يقيمون الاحتفالات ويرسمون لجنائزهم المظاهر الداله على ذلك .ويسرن الباكيات والنادبات فى موكب امام العربات التى تجرها الثيران ويتبع هذا المخوكب الاهل والاصدقاء ويتزل الجثه الى التابوت فى كهف على شكل مدفن وعند الدفن يذبحون ثورا سمينا .
ولكن يبقى السؤال هل عرفنا كل شىء عن فن التحنيط؟
لم يصل اينا الا النذر اليسير لان الكهنه وحدهم كانوا يحتكرون اسرار هذه العمليه ولم يبوحوا لاحد باسرارها.
وغايه ما امكن معرفته من الانواع المستخدمه:
المر والخيار شنبر وبعض العقاقير الحافظه ولكن كميات
التركيب هناك شك فى امرها خصوصا المركبات الصمغيه
اما عن امتناع الكهنه عن تلقين اسرار التحنيط لغيرهم فهو نابع من حرصهم على الارباح الوفيره لهذا العمل .
كذلك هناك محل نقاش فى لجؤء المصريين القدماء الى عمليه التحنيط فقد كثرت الاراء ونذكر من هذه الاراء ما يلى:
لجاء المصرى القديم الى التحنيط لان فى اشهر الفيضان لم يكونوا يستطيعون نقل الجثث الى الجهات المعده للدفن فاتبعوا هذه الطريقه حفاظا على الجثث من التعفن وان تنهشها الوحوش ثم بعد انتهاء الفيضان تنقل الجثث الى المقابر , وفى ذلك منتهى العنايه لحفظ الجثث من التعفنوالاحتياط لوقايه الاصحاء من الاحياء.
قدما ء المصريين اتخذوا التحنيط بمقتضى عقائد دينيه انه بعد مضى 3000 او 4000 سنه ستقوم ثوره عارمه تعود بعدها الارواح الى الاجساد فارادوا حفظ هيكل الانسان ليكون صالحا لعوده الروح فيه .
ولكن الراى الاقرب هو ان التحنيط من لوازم العقائد الدينيه التى فى سبيلها تكبدوا كل هذه المشاق حتى توصلوا الى احكام عمليه التحنيط .
وكأن الكهنه ارادوا تهيئه الارواح عند عودتها الى الا جساد مرة اخرى فاخترعوا الزخارف والزينه حول التوابيت ختى اذا عادت الروح تسر برؤيه هذه الزخارف فتعود ممتلئه بالسرور .
وقد استعمل المصرى القديم احتياطا فى بقاء الجثث سليمعه لا يعتريها التلاشى ولا الانحلال بطريقتين اثبتتهماى الاكتشافات العلميه :
تجفيف الجثه بعد اخراج السوائل منها والمواد الدهنيه .
وضع الجثه فى لفائف ممزوجه بالمواد المعطره لمنع وصول الحشرات اليها
وبالتاكيد نستطيع ان نقول ان الاعتقاد الاقرب من التحنيط هوالخلود بعد الموتى

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى