أخر الأخبار

وكيف نصبر ولماذا؟

 

بقلم دكتور محمود التطاوي جراح القلب وأستاذ مساعد بجامعة كمبريدج

{وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا}
كلما قرأت هذه الآية في سورة الكهف شعرت بشعور عجيب..
و راودني سؤال..فكيف بسيدنا موسى وهو الرسول كليم الله يتأهب للتعلم من الخضر بكل حب وشغف فيسأل{ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا }..ورغم ذلك..ورغم حرص الكليم على طلب العلم ومعرفة الخير..إلا أن الخضر كان له بالمرصاد { قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا }..
وكأن الخضر كان يعلم علم اليقين بأن سيدنا موسى لن يصبر على المقدر..لن يصبر على الأحداث التي قدرها الله..لأنها خارج نطاق تقبل العقل وتحمله..
لأنها خارج إطار الطبيعة البشرية..فظلم المساكين وخرق سفينتهم..ثم قتل الغلام..لتنتهي الأحداث بفعل الخير وبناء الجدار..
أحداث تبدو للعقل بأنها الظلم والجور والطغيان بعينه..فكيف بعقل سيدنا موسى..التقي الطاهر..المؤمن الصالح والذي يحيا لنشر الحق والرشد..
أن يتحمل هكذا أحداث وهكذا مواقف..

ولكن تأتي العناية الإلهية لتخفي لنا وراء هذا الشر الظاهر خير واسع دفين.. خير لا يستطيع العقل توقعه أو التفكير فيه لأنه فوق قدرته واستيعابه..فوق علمه وخبرته..

ويبقى السؤال الذي يتردد في الأذهان..
كيف نستطيع أن نصبر على مقدر مكتوب لا نعرفه..
كيف نصبر على أمر لم يصبر عليه سيدنا موسى وهو من أولي العزم من الرسل..
كيف نصبر على أمر بل أمور وأحداث مقدرة..لا نستطيع تحملها ولا طاقة لأنفسنا بتقبلها..
كيف نصبر على فقد الحبيب..ومرض العزيز..وحقد البعيد..وعداوة القريب..
وما علينا بعدها إلا الصبر..لعلمنا المحدود بأنه مقدر ومكتوب وتلك إرادة الله ومشيئته وليس لنا فيها إلا الرضا..
كيف لعقولنا أن تتقبل بأن كل الآلام والأحزان أو المصائب التي نمر بها ما هي إلا خير خفي دفين من ربي جل جلاله لعباده..
وأنه لولا عناية الله بنا لأصابنا ما هو أعظم وأصعب..
..
فأصبروا وقمة الصبر أن نصبر على ما لم نحط به خبرا..لعلمنا بعناية الله ورحمته بعباده..
د.محمود التطاوي

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى