أخر الأخبار

بين تحديات العلم وطلاقة القدرة

 

بقلم د.محمود التطاوي جراح القلب وأستاذ مساعد جامعه كامبردج

(وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهى رميم قل يحيها الذى أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم )
لا ابالغ ان قلت ان في هذه الاية تحدى هو من اكبر التحديات التي يتحدى بها الخالق كل من ينكر عليه طلاقته في القدرة والخلق وأيضا طلاقته في حل وعلاج كل ما يعجز عنه كل علماء الطب والاحياء …
توقفت كثيرا في معني الخلق ومعني الانشاء.. ومعني الجعل
فوجدت ان الخلق قائم دائم مستمر في داخل المخلوق فجسم الانسان متغير بسرعة شديدة هنالك مئات الملايين من الخلايا التي تنعدم وتبلي و يحل محلها… فكيف ينسي الله خلقه
الاساس الروحي لعلم الفيزيولجي وعلم الاعضاء وعلم الامبريولوجي بل البيوكيمستري وغيرها من العلوم التي ترتبط بجسم الانسان .وجدته في هذه الاية من سورة الملك (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌالَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ ) صدق الله العظيم.
اذن فالحياة مخلوقة… والموت مخلوق.. وليس متضادان والخالق هو الله سبحانه وتعالي……فالذي ينسي خلق نفسه كأنما نسي الله (الذين نسوا الله فانساهم انفسهم) لان النفس مخلوقة أيضا فكيف ينسانا الله ونحن صنيعته وخلقه..
وهو ما حاول به الكفار ان يعجزوا رسول الله في الرد عليهم حين سائلوه (من يحي العظام وهى رميم) فجاء الوحي ملازما لمعني تماما وامر النبي صلي الله عليه وسلم ان يقول.. (يحيها الذي انشأها اول مرة وهو بكل خلق عليم)…

فهنا أيضا نجد ان الآية محور روحي لعلوم الهندسة الوراثية وبقية العلوم التي ترتبط وتتعامل مع مصطلح انشاء الخلايا.. من فكرة في الدماغ الي خلية مادية ملموسة.. ..والانشاء اقل درجة من الخلق وهو الجزء الخاص بالتشكيل في شكل معين..
—قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ….. اى ان الانشاء قبل كل شيء ..
اما الجعل فهو توفير لوسائل الارتباط والتوظيف لتلك الخلية حتي تصبح قابلة وصالحة لتلقي الامر من الله سبحانه وتعالي ..
وهذه هى الفكرة التى بنى عليها العلماء الثورة العلمية فى علم الخلايا الجذعية وهذه الخلايا الجذعية متعددة القدرات؛ أي إنها يمكن أن تنقسم إلى مزيد من الخلايا الجذعية أو يمكن أن تصبح أي نوع من الخلايا في الجسم. يتيح هذا التعدد إمكانية استخدام الخلايا الجذعية الجنينية لإعادة تكوين الأنسجة والأعضاء المريضة أو إصلاحها اى اعادة خلقها من جديد وتؤخذ الخلية الجذعية من نفس جسم الانسان اى ان العلماء لم يخلقوا خلية حية بل قاموا بفصلها وتطويرها اما الخلق فهو بيد الخالق وحده ..
تجربتي الشخصيه في تفعيل هذه الايات كطبيب اذ ان مواقف الشك والتحدي تجابهنا يوميا في حياتنا من امراض وفشل واحباط..نتيجة للوصول الي طريق مسدود وقف عنده الطب والطبيب…
فالموت.. ليس هو الضد للحياة.. فكلاهما مخلوق…والمخلوق في طاعة الخالق دائما اقصد الأعضاء والغدد اوالخلايا لتي تشذ عن المنظومة كـ (الاورام) او التى تهاجم جسم الانسان وتتحد معه وتصبح جزء منه كـ (الفيروسات)هذه هي لغة الانشاء التي تتحدث بها الاعضاء والغدد والخلايا والانسجة مع الخالق في مستوي وجودها المادي…فماذا يمكن ان يقال في هذه الحالة …(يحيها الذي انشأها اول مرة وهو بكل خلق عليم)…..وتعتمد درجة تفعيل الكلمة او الآية علي مستوي الحضور والنقاء والصفاء مع الله او لأمر يريده الله مع عبده وليست قاعدة ولكن تلك هي طلاقة القدرة فـ الله يريد ان يثبت قيوميته على خلقه ..
وكيف لا والخالق متحكم في ادق تفاصيل تلك الخلايا.. فقوانين الخلق.. والانشاء.. والجعل..فهو قادر في اقصى درجات يأس الطبيب والمريض من الحالة ان يعيدها الى حالتها الأولى وهو بالفعل ما قابلته وصادفته في مسيرتي الطبية لحالات كان ميؤوس منها وتحسنت وتجددت الخلايا بدون اى تدخل طبي ولكنها طلاقة القدرة للخالق.. فـ سبحان الذى انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا..
دمتم بكل الصحة والعافية..
— د. محمود التطاوى

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى