أخر الأخبار

طبيب القلب يكتب عن جغرافيا القلب والحب في عيد الحب

بقلم :دكتور محمود التطاوي جراح القلب ومدرس مساعد جامعه كامبردج

الحب حاله يصنعها القلب لتسعد بها الحواس وباقي أعضاء الجسد، فتعانق الأيدي بحب، وتمشي الأقدام بحب، وتأكل المعدة بحب، وتهضم الأمعاء وتمتص بحب، ويعيش الكبد في حب وينام على حب، وينبض القلب ويدق على أبواب الحب…
فهل يحب الذي أصابه الجنون ولو امتلك قلوب العالم أم يحب العاقل ولو تملكت قلبه أمراض العالم”؟.
ما هو الحب وما هو الكره؟ ومن يحب ومن يكره؟. أيحب القلب ويكره العقل أم العكس أم لا توجد علاقة بين الإثنين. ولماذا نربط الحب بالقلب والعقل فقط. لماذا لا يكون للمعدة أو الأمعاء أو البنكرياس دور في الحب والكره. فما بالنا من الكبد الذي يقع على عاتقه الكثير من الوظائف الحيوية، فلماذا إذاً لا يلعب دوراً في الحب والكره! لماذا نعتبر أن القلب أفضل من الكبد وأقوى منه على الحب. وكذلك الرئتين مدخل الحياة، بما فيها من سهول رائعة لتبادل الأكسوجين وثاني أكسيد الكربون لتعطي الجسد بما فيه القلب الدم الصالح وتبعد عنه الدم الفاسد. أهو القلب لأنه ممتلئ دائماً بالدم ودائم الإنقباض. أيكون عضو الدم هو مهبط لمطار الحب.

جغرافيا القلب والحب

القلب هو عضلة مليئة بالدماء الحمراء الزرقاء وهو دائما في حالة حب. ضع يدك على القلب لتجده في حالة نبض ودق من ضخ الدم منه إلى جميع أجزاء الجسد. أعضو مثل هذا لديه وقت للحب؟ نعم ولكن كيف يحب وأين يصنع ويحتفظ بالحب وكلماته. القلب عضلة تتأثر بانفعالات وتؤثر في من حولها . القلب أحاط نفسه بغشاء و أتخذ له مكاناً مميزاً في الصدر محاطاً بأربعة وعشرون ضلعاً قوية فالقلب سلطان في قصره بعيد ولا يزاحمه أي أعضاء على الإطلاق بل أرسل العديد من الشرايين الطويلة التي توصله بكل مكان في الجسد لينقل أوامره وهو متربع على عرش السلطنة وحوله جواريه يخدمونه بإخلاص شديد وينفذون أوامره التي يصدرها لجميع أجزاء الجسم بما فيها العقل نفسه ليتحكم فيه. فقد أثبتت الدراسات أن هناك احبال عصبيه من القلب متصلة مباشرة بغدة الهايبوثلاماس والغدة النخامية ليتحكم في هرمون الحب ليتحكم من خلالها و بدقة فائقة في الحب والكره والسعادة والفرح والوحدة

وما هو هرمون الحب؟

هوهرمون الأوكسيتوسين هو أحد الهرمونات الرئيسية التي يفرزها المخ من منطقة الهيبوثيلاموس ليحل على الروح الأمن والطمأنينة وليشمل الحب كما أن نجاح اى علاقة مرهون بالحب فقد ثبت بالدليل العلمي القاطع أن الحب مسألة معقدة تبدأ بإفراز هرمون الدوبامين عند الوقوع في الحب فيعطي الحبيب الإحساس باللهفة والرغبة في تكرار رؤية المحبوب فيصير حبه إدمانا. ولذلك فممكن القول أن الغدد التي ينشطها المخ والمتصلة بالقلب أثناء الوقوع في الحب هي نفسها التي تقود لإدمان من يحب

هل الحب أعمى؟

هرمون الأوكسيتوسين بريء من (الحب الأعمى) حيث تساءل باحثون عما إذا كانت المشاعر الحميمية تضفي غشاوة على الحكم على الأمور، فتجعل المرء يثق بالآخر دون أي وعي أو تمييز؟ فقد تبين أنه إذا تم وضع رذاذ الأوكسيتوسين في أنوفهم تكون أكثر اعتماداً على شريك الحياة ولكن تنعدم هذه الثقة عندما يتضح عدم مسئولية الشريكة وأنه لا يمكن له الاعتماد عليها مما يدل على أن الثقة تعتمد على مدى الثقة المتبادلة بين الطرفين حيث يلعب هرمون الحب (الأوكسيتوسين) أكثر فاعلية عندما تلعب الثقة دورا في زيادة الفائدة ولا تأثير له عندما تكون الظروف غامضة. كما ان السلوك الإنساني يتأثر بهرمون “الحب” الأوكسيتوسين، ففيه علاجاً للخجل والقلق وأمراض الاكتئاب والتوحد وغيرها من الأمراض النفسية والاجتماعية،

القلب هو من يوجه العقل ومن يمتلك العقل امتلك مراكز الإحساس فامتلك الذكاء وامتلك غرف العمليات تلك لتشغيل والتحكم في باقي أجزاء الجسد القابعة هناك أسفله دون أن يشترك في تلك الأحداث. بل الأكثر من ذلك هو الذي يتخيل ويتنبأ وباقي أجزاء الجسد تسلم له الأمر ولا تعارضه. وكيف لا وحواس السمع والبصر والشم والتذوق إن لم تكن جزءا منه فهى على مقربة منه. ثم من يملي القلم كلمات الحب ومن يسمح للسان بالتعبير عن مشاعر الحب ومن يعطي عين المحب الفرصة لرؤية الحبيب والغمز له، ومن يفتح أذن المحب ليسمع أحاديث الحبيب، ومن يجعل الجلد يقشعر من لمس الحبيب، ومن يشعل الرغبات ويطفأها، ومن يجعل المحب يصور ويتخيل الحبيب. انه القلب وحده القلب ومن غيره يستطيع ؟؟

إذا فالحب حالة يصنعها القلب فتصدقها باقي أعضاء الجسد وينشغلوا بها عن قل ما يؤرقهم وقد يصنع العقل حالة من الحب ليهدأ من شدة وطأة معدلات التفكير وليلهي حواسه في شيئ نافع ويتحكم فيه. وقد يصنع العقل حالة الحب إنتقاماً من باقي أعضاء الجسد عندما تنشغل بنفسها عنه فتطلب المزيد فيجعلها تستجيب لخيال هو صانعه لتعيش في حالة من الواقع الذي يريده. فحب العقل حب غير ممتع علي الاطلاق هو مجرد حالة يصنعها العقل ليرتاح، ولأن كله ذكاء فصناعته دائما تمتاز بالملائمة ولكن ليس بها روح والقلب هو من يضفي تلك الروح ف تسعد بها الحواس وباقي أعضاء الجسد، فتعانق الأيدي بحب، وتمشي الأقدام بحب، وتأكل المعدة بحب، وتهضم الأمعاء بحب وتمتص بحب ويعيش الكبد وينام على حب، وينبض القلب ويدق على أبواب الحب. وهكذا يحيا الجسد على حب وعلى حساب نبضات ودقات القلب الذي لا يشتكي أبدا حتى ولو أصبح غير قادر على تحمل أعراض الحب، فيمرض وهو يحب وقد يتوقف عن النبض وهو يحب إنه القلب.
علموا أنفسكم وأولادكم الحب، الحب بالقلب هو المفتاح البيولوجي لتحقيق والسلام والامان بين البشر!
وكل عيد حب وانتم دائما في حب .. حب لا ينتهي ابدا.

د. محمود التطاوى

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي الزائر،،يرجى إيقاف حاجب الإعلانات ،، فمساهمتك تعمل على استمرار تقديم خدماتنا