جلس”’عدنان” أمامها غاضبا واتاها صوته الذي أصبحت تعلمه جيدا حينما يحمل بداخله ثورة غضب تجاهها، نظر إليها وهو يجلس علي المقعد المقابل لها ويشعل سيجارته ثم ينظر إلي الدخان وهو يملأ المكان وهي تنظر إليه وتتصارع ضربات قلبها بقوه فكم تخشي رؤيته وهو غاضبا .. نظر إليها وهي لا تعرف ماذا فعلت لكل هذا الغضب تجاهها.
جاء صوته وهو يسرد عليها كل أحداث يومها منذ أن خرجت صباحا من المنزل في طريقها للمعهد .. سرد عليها كل ما فعلت أعاد علي مسامعها كل ما قالت وكل ما حدث وكل ما فعلت حتي إنتظار السياره في إشارة المرور لم يغفلها ..كانت تسمع وهي تنتظر أن تعرف ماذا يغضبه ..أصبحت تخشي غضبه أكثر مما تخشي وجوده المفاجيء… اقتحامه لمدينتها المغلقة وعالمها الحصين…انتظرت حتي سمعته يقول من ”أسعد ” ؟
أصابها سؤاله بالمفاجاه ثم نظرت وهي تبتسم إبتسامة تحمل كل معاني الخوف والترقب ثم أجابت بتردد…هل أنت لا تعرفه ؟وكيف ذلك وانت تعرف كل شيء ؟..نظر إليها وهو يدق بدون وعي زجاج النافذه بحركة عصبيه ويردد في حزم ..بالطبع اعرفه كما لم يعرف نفسه .. بل أعلم جيدا كيف تعرف والده بوالدته قبل أن يتزوجها.. لقد أخبرتك مرارا أنني أعلم عدد أنفاسك هل تذكرين؟أم لا؟ ..ولكني أريد أن أسمع منك أنت ماذا يشكل هذا الإنسان لك ودون كذب لأنني أعلم .
نظرت إليه ثم جاء صوتها الرقيق يحاول جاهدا الخروج من بين تلك الشفاه التي أصابها البرود حد التجمد…فقالت في هدوء ”أسعد ” كان زميلي في المعهد والآن هو زميلي أيضا في الدراسات العليا ..صمت وهو يتابعها ثم نظر إليها نظره جعلتها ترتجف من الخوف ثم صاح ””فقط زميل ””’؟؟ أجابت. .. لا هو يحبني وسبق وطلب مني الزواج ولكنني رفضت طلبه بطريقه مهذبة حتي لا أسبب له أي إحراج أو الم .
نظر إليها طويلا ثم نهض واقفا وهو يسألها بقوه هل أحببتيه؟ وما أن حاولت الرد حتي صاح بها ..نعم أحببتيه أعلم ولكنك لم تتزوجيه لأنه وغد قذر و علي علاقه بكثير من الساقطات أليس كذلك ؟ولكنه مازال يشغل بداخلك حيزا، مازال هذا الأحمق يحتل داخل قلبك مكانا ، اجابته وهي ترتجف… لا صدقني لم يعد بداخلي أي شيء له فأنت لي الآن كل شيء …نظر إليها ثم ربت علي كتفيها وهو يردد أعلم يا ملاكي الجميل أعلم أن ”عدنان ” الآن هو من يجلس داخل قلبك فقط .. تنهدت في تعب وتسألت إذن لماذا غضبك ..لماذا ظننت بي ما ظننت..لماذا تفعل هذا بي أصبحت لا أعلم …نظر إليها طويلا وهو يشعل سيجاره اخري قائلا في هدوء وبلهجه حانيه .. حبي لك لم ولن يعرفه بشر فهو خارج حدود كل منطق وعقل .. انا حارسك.. انا من يبعد عنك كل شرور العالم …انا فقط افهمتي انا فقط .
وصلت زوجه الوالد إلي المنزل ،”سعاد ” امرأه في نهايه العقد الرابع علي قدر من الجمال والبساطة ربه منزل ..أرملة توفي عنها زوجها ولم ترزق منه بأطفال، حاولت جاهده منذ اليوم الأول لها بالمنزل أن تقترب من ”نغم ” التي شعرت تجاه زواج والدها من اخري بالخيانه لذكرى امها التي عانت كثيرا من أجل تربيتهم والحفاظ علي هذه الأسره، ولكن ”سعاد ” فعلت كل ما بوسعها للتقرب من ”نغم ” و باءت محاولاتها في البدايه بالفشل الذريع ،ولكن بعد عدة أشهر حدث نوع من التالف بينهما واعتادت كل منهما الجلوس والحديث مع الأخرى في أمور عديده مما أسعد ”عبد العاطي ” كثيرا واراحه نفسيا .
رن هاتف ”نغم ”أسرعت تلتقطه بسرعه، نعم أنها الرنه التي خصصتها له .. جاء صوت ”عدنان” يخبرها بأنه افتقدها كثيرا ثم سألها لأول مره عن زوجه أبيها ”سعاد ” فأجابت دون تفكير بخير تجلس مع أبي يشاهدان أحد البرامج ..فضحك ضحكه اصابتها بالدهشة ثم قال لها ما رأيك في زوجه أبيك؟ فأجابت سيده طيبه وربه بيت رائعه ولقد اعتدت وجودها معنا ..فضحك مره أخري ثم صاح كما انتي لن تتعلمين شيئا! !…تسارعين في الحكم علي الجميع بأنهم يحملون قلوبا نقيه.. اسمعي لا تثقي في هذه المرأه ولا تقصين عليها أي من أسرارك افهمتي ما أقصد …
أجابت ”نغم ” فهمت ولكن لماذا ؟”سعاد” طيبه ..جاء صوته عبر الهاتف أفعلي ما أقول و إلا لن تريني مره أخرى. وضعت الهاتف وبداخلها ألف تساؤل وتملكتها رغبه شديده في البكاء فأسرعت إلي غرفتها وجلست تبكي حتي غلبها النعاس .
افاقها صوت ”سعاد ” وهي تصيح ‘ نغم ” انهضي بسرعه لا أدري ماذا أصاب والدك هو متعبا جدا اسرعي ،نظرت ” نغم ” وهي تحاول أن تستجمع قدرتها علي النهوض ودون شعور ركضت إلي غرفه والدها الذي كان يرقد متعبا وانطلقت إلي الهاتف لتتحدث إلي شقيقتيها للحضور ومعهم الطبيب بسرعه .
أسرعت للرد علي الهاتف فجاءها صوته يردد اسمعي ”نغم ” أعطي انتي الدواء لوالدك لا تعطيها الفرصه للتخلص منه ..أفعلي ما أقول و إلا ستفقدين والدك علي يد هذه المرأه.
وضعت ”نغم ” الهاتف وهي ترتجف وذهبت لتفتح باب المنزل لشقيقاتيها وازواجهما والطبيب الذين اندفعو وبسرعه إلي غرفه الأب الذي يرقد بلا حراك .وبدأ الطبيب يفحص الوالد المستسلم في نوم عميق وضربات قلب الجميع تسابق ما يفعله الطبيب خوفا علي هذا الأب الطيب ومرت الدقائق طويله حتي افاقت ”نغم” علي صوت” غنوه” شقيقتها تردد بفرحة”” الحمد لله”” لقد تحرك وشعر الجميع بالارتياح واسرعت الفتيات لتقبلن الأب بلهفه وبينما كانت ”نغم ” تعانق والدها بكل سعاده وحمد لله، كانت عيناها تراقب بريبه تلك الفرحه المرسومه علي وجه ”سعاد ” فقد باتت تخشاها وتخاف منها علي حياه والدها مثلما نجح ”عدنان ” في زرع الشك بداخلها تجاههه ، واصرت ”نغم” أنها ستكون المسؤلة الوحيده عن إعطاء والدها الدواء وأمام إصرارها الشديد الذي أصاب ”سعاد ” بالحيرة أعلنت موافقتها بل انصرفت تاركه الغرفه للفتاه ووالدها وذهبت لتنام في غرفه أخري .
وبعد أيام قليله تحسنت صحه الأب ”عبد العاطي ” وعاد لمواصلة عمله ومرت أيام وبدأت ”نغم ” تشعر بالقلق والحيرة لغياب ”عدنان ” المفاجيء وعدم اتصاله بها أو رده علي مكالماتها، وقررت أن تذهب الي المعهد لمواصلة دراستها ونادتها صديقتها ”مها ” وبعض الرفاق ودعوها إلي تناول قدحا من الشاي في إستراحة المعهد وجلست ”نغم ” معهم زائغه البصر تبحث عن شيئا ضائع افتقدته ..رددت بداخلها أين أنت أيها الحارس الرفيق ..وبعد مرور بعض الوقت لمحت شخصا يرتدي ملابسا سوداء يشير لها من بعيد وينادي اسمها فأسرعت إليه تاركه رفاقها في لهفة وإذ به ”عدنان” يقف أمامها، ثم يشير لها بالخروج من باب المعهد فتبعته دون تردد حتي توقف ثم استدار إليها قائلا ”كيف حالك نغم ” ؟فأجابت بلهجه تحمل العتاب والضعف والحب أيضا أين أنت ؟اجابها وهو يشير بيديه كان لدي الكثير من العمل لانجزه ولكنني افتقدتك كثيرا وكنت اشاهدك دائما…نظرت إليه بعينين مملؤتين بالرجاء والدهشه ..ثم قالت ”’تشاهدني. ..أين ؟؟عدنان اتوسل إليك تخبرني حقيقتك ”من أنت ” ؟؟
نظر إليها وهو يخبرها بكل ما فعلت وكل ما مرت به خلال أيام غيابه حتي صاحت لأول مره في وجهه مردده في حزم ””من أنت؟
أخبرني وإلا سانصرف الآن ولن تراني مره أخرى.
نظر إليها طويلا ثم قال لها أنا ”عدنان” انا من أحبك ومن أبعد عنك كل شرور هذا العالم ..أنا فقط ولكنك لم تحبيني مازال عقلك يشغله هذا الملعون الوغد …نظرت إليه وهي تردد هذه ليست الحقيقه وانت تعلمها كما تعلم كل ما أفعل وما يفعله الجميع حولي ..أشعل سيجاره ونظر إليها ثم همس لها افحصي هاتفك فقد ارسلت لك صديقتك ”مها ”رساله تشكو إليك من تحب وتخبرك برغبتها في إنهاء العلاقه بينهما .
امتدت يد ”نغم ” لهاتفها وإذ برسالة من ”مها ” كتبت فيها نفس الكلمات التي أخبرها بها ”عدنان ” فشعرت بدوار والتفتت فلم تجد إلا” مها” أمامها تسألها في لهفة ماذا أصابها.
تابعونا الحلقه القادمه من ”الطيف الباهت ”
0 265 5 دقائق