بسمة حجازي
تراجعت القيم وانهارت الأخلاق وانحسرت صفات الشهامة والجدعنة وظهر ذلك جلياً في الشارع المصري وانتشرت الفوضي وانحراف السلوك وانتشار الفساد والرشوة والتجرؤ علي الفتيات والتحرش بهن.
أصبحنا نجد مواطنين يضربون عرض الحائط بكل قواعد السير والمرور وآخرين يتصرفون بعدوانية غير مبررة وتحولنا إلي مجتمع منعدم الأخلاق والقيم والمعايير وأصبح الدين مظهراً شكلياً ووسيلة لتكريس التعصب واستخدم أخيراً في المتاجرة السياسية.
غاب الدين كقوة للإرتقاء والتهذيب وغاب التعليم والعدالة مما أدي إلي تحول الإنسان إلي كائن همجي وسبب ذلك ما يعقب الثورات من حالات الفوضي واختلال المعايير مع استرخاء القوانين وهشاشة البعد الأمني.
المسئولية الأخلاقية أشمل وأوسع من المسئولية القانونية لأن المسئولية الأخلاقية ثابتة وتخضع لسلطة داخلية «سلطة الضمير» أما المسئولية القانونية فتخضع لسلطة خارجية «الشرطة» لبسنا طاقية الإخفاء لارتكاب الموبقات وانشغلنا بتربية الذقون عن تربية الأولاد وأهملنا السلطة الداخلية «الضمير» واعتلي الجهلاء أكتاف العلماء وركب الأراذل ظهور الأفاضل.
وفي هذا السياق يقول د.علي ليلة الخبير الاجتماعي أن أي ثورة من الثورات تعبقها حالة من الفوضي واختلال المعايير مع ملاحظة استرخاء القوانين وهشاشة البعد الأمني. وأكد علي أن الصفات السلبية كانت كامنة منذ سنوات في الشخصية المصرية فمنذ ثورة ١٩٥٢ مَرَّ المجتمع المصري بمراحل متباينة ولم تنل ثقافته وقيمه أي دعم أو تقوية حتي الألفية الثالثة لنصبح شعباً بلا قيم ولا تحكمه أي معايير فضعفت الأسرة ومؤسسات التنمية الاجتماعية وانتهكت قدسيات المدارس وضعفت القيم وانطلقت الغرائز ونظراً لأننا شعب يعاني من الغلاء ومحاصرة القوي الكبري التي تريد إفشاله بالإضافة إلي زيادة عدد الشباب العاطل وتعاطي المخدرات فكان لابد أن يتحول الإنسان إلي مخزون توترات يتحرك علي الأرض وعلي استعداد للانفجار في أي لحظة. ويأتي الانحطاط علي الشيوخ حتي اتفقنا علي الجهر بالبلاء وأصبح الإنحطاط علي الشيوع وتورط الجميع في دفع رشوة أوراق أو التزكية من خلال الوساطات.
نحتاج إلي استراتيجية قومية لإعادة منظومة القيم للمجتمع لأنها لا تقل أهمية عن المشروعات القومية وعلي الوزارات أن تقوم بتأسيس ميثاق الشرف لبناء الأخلاق والمعايير التي يلتزم بها الجميع مع ضرورة تحسين ظروف الأسرة وضبط الإعلام وتفعيل كل عناصر ضبط السلوك والحد من عدد الأطفال في الأسرة الواحدة. حان وقت بناء الإنسان ويجب أن تعتبره الدولة أهم مشروعاتها لأن انهيار الأخلاق هو انهيار للدولة.