الغانيه قصه قصيره بقلم/غاده سمير

احتشد الجميع أمام البنايه الكبيره التي تتوسط منطقه وسط القاهره العامره، صاح ”عادل صالح ” الكاتب والإعلامي الكبير في لهجه تمثيليه… اخرجو تلك الغانيه ، هذه اللعينه التي دنست هذا البيت، وعلي مقربه منه كانت تقف إبنته ”ندي” الطالبه بالجامعه تنظر إليه في خوف وآلاف الاسئله تدور داخل رأسها بلا إجابه…ومن الخلف جاء صوت الأستاذ ”عابد ” أستاذ الجامعه الذي يتصدر بلا منازع شاشات الفضائيات كل يوم، ليتحدث عن الأخلاق وإقامة مجتمع تعلو هاماته المباديء وهو يردد في صياح يجب أن تترك البيت الآن.
كانت هناك في ركن بعيد بجوار المصعد ، تقف ”جيجي” أو هكذا اشتهرت بين الجميع ، الراقصه بإحدي الملاهي الليليه، ترتدي ملابس سهره قطعت بوحشيه، والدماء تنزف من أنفها وكل أجزاء جسدها الذي تلتهمه كل يوم آلاف النظرات من رواد الملهي الليلي الذي تعمل به، كانت تبكي وتنتحب جراء إعتداء الجميع عليها بالضرب بعد أن صاح بهم الإعلامي الشهير انه رآها ترتكب الافعال المشينة داخل شقتها ،وأنها تدنس البنايه التي تضم الشرفاء من هذا الوطن وصاح بهم اطردوها…لا مكان بيننا للغواني.
اقتربت منها ”إيمان ” التي تقطن نفس البنايه مع زوجها ”وليد عرفان” تاجر الأقمشة الثري، وأطفالها الثلاثه ووضعت علي جسد ”جيجي” عباءه سوداء تستر بها الجسد الذي غطته الدماء . لا أحد يعلم أن ”إيمان” تعاني مرار خيانه زوجها كل يوم ،لا أحد يعرف أن هذا الرجل الذي يجلس بالساعات ليكتب منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ،هو في حقيقه الأمر صيادا ماهرا لكل أنواع النساء وتاجر لكل أنواع المخدرات التي تذهب العقل وتدمر مجتمعا كاملا، ولا يعرف شيئا عن الحرام الذي يكتب عنه كل يوم متظاهرا بالعفه المزعومه.
تماسكت الغانيه وهي تري حقائب ملابسها ترمي على الأرض أمام قاطني البنايه، اما البعض فتطوع بتحطيم مكونات الشقه التي تنجس ذلك المكان الطاهر! ..تحاملت ثم صرخت وهي تنظر إلي الكاتب والإعلامي ورددت…نعم أنا غانيه.. ابيع ذلك الجسد لمن يشتري وانتم مثلي جميعكم غواني!
واقتربت أكثر وهي تشير إليه وهو ينظر إليها في غضب… نعم انت مثلي ايها الكاتب والإعلامي تبيع نفسك لمن يشتري.. تبيع أفكار تتغير وتتبدل من شاشة لأخرى ومن عصر لآخر، تلعب علي كل الأوتار، تبيع نفسك كل يوم كما تبيع أبناء وطنك؛، تروج فكر من يدفع لك وتعادي فكر من لا يدفع ..تدافع عن الباطل وتبتعد عن الحق.. انت مثلي لا فرق بيننا.
واقتربت من ”وليد ” الذي وقف ينظر إليها وعلامات الازدراء ترتسم علي وجهه ثم أشارت إليه و صرخت في وجهه.. أنت أيضا مثلي!! ..بل أنت أكثر!!.. أنا غانيه اعترف أمام الجميع .. . أعلم بذنبي، واثقه أن الله سيسامحني لاني أعلم خطأ ما أفعل، لا أدافع عما أفعل ،ولكن هناك أشباه الرجال الذين ساعدوني واوصلوني إلي ما أنا به الآن. .لم أكن وحدي… أنا لا اكذب أيها الشرفاء…أنت تكذب … أنت تدعي كل يوم أكاذيبك وتنسي انك طالما تمنيت ذلك الجسد الذي تلعنه الآن وتصفني بالغانيه النجسه.
انتم مثلي ..لا فرق بيننا تبيعون أنفسكم لرؤساء عمل .. لأصحاب مصالح … لمن يشترون أفكار توجه… لمن يدفع الثمن …تبيعون وطنكم ..وشرفكم وتلعنون الغانيه …ترتدون أقنعة الطهر المزيف لتلعنونني به وانتم أيضا كذلك .
صاحت وهي تبكي ثم جلست علي الأرض تنتحب، وهمست وهي تنظر إلي الجميع الذين ساد صمتهم المكان ،من اليوم لن أكون غانيه ولكن هل ستنسون ذلك ؟هل ستصدقون توبتي؟…هل سيوافق يوما أحدكم أن يزوج ابنه لابنتي؟..اجيبكم انا لن يحدث .. ربما يتزوج من ابنه غانيه لا يعلم بها أحد ..تمتلك كل شيء وتفعل في السر ما يجعلكم تصفقون لها …ستزوجون أبنائكم من لصوص الخفاء ، من تجار البشر ولكنهم أمام الجميع صفوة المجتمع الذي يصفق لهم ويصفهم بكل صفات الإنسانيه …تصفقون لكثيرات من الغواني مثلي ..تمجدونهن. .تمنحوهن الجوائز. ..تكرموهن علي الشاشات .. أم أنا سأظل في عيونكم ”غانيه ” أصدر الجميع الحكم ولن يتراجع .
امتلأت عيون النساء بالدموع ،اقتربت منها بعضهن ليساعدونها في النهوض حتي وقفت وهي تردد فى صوت مكتوم. ..أيها الغواني هيا كل إلي مرقصه ليكمل أكاذيبه، أما أنا سأترك لكم البيت الذي نجسته، وسامضي إلي مكان آخر لاعيش بعيده عن الغواني .

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى