العشوئيات في مصر بين الحقيقة و الســراب

تحقيق / هاله المصري
كثيراً ما نسمع فى هذه الأيام عن كلمة العشوائيات و لكن لماذا دائماً ما يخرج الاعلاميين و الصحفيين و يتكلمون عنها على أساس أنها مشكلة أليس هؤلاء هم ناس لم يجدوا المال الكافى لشراء منزل آدمى فاضطروا إلى بناء منازل غير مؤهلة للعيش بها بعدما فشلت الحكومة فى حل الأزمة السكانية؟؟؟
للإجابة على هذه الأسئلة يلزم فى البداية التعرف على عدة مفاهيم
أولاً ما معنى كلمة المناطق العشوائية
العشوائيات هى المناطق التى لم تقم الحكومة بتخطيطها أو عمل تخطيط عمرانى لتلك المناطق بل نشأت أما بجوار بعض المناطق الراقية حيث كانت مناطق مأهولة بالسابق و لكنها هجرت منذ زمن طويل و لم تهتم الحكومة بتطويرها أو تزويدها بالخدمات الأساسية التى تلزم لجعل حياة الانسان آدمية ، لذلك كانت الملاذ و الفرار من الأماكن المرتفعة الثمن بالنسبة للمعدمين الذين يعيشون دون خط الفقر
هناك قطاع آخر من المناطق العشوائية و التى تقام على أطراف المدينة مثل تلك التى أقيمت عند منطقة العامرية و برج العرب و الدخيلة بالقرب من أطراف مدينة الاسكندرية.
هنا يأتى السؤال البديهى “هما يعنى ذنبهم أنهم بنى آدمين حاولوا يحلوا أزمة الاسكان على قد امكانياتهم ، يعنى الحكومه لا بترحم ولا بتخلى رحمة ربنا تنزل؟ ما هو لوكان فيه مساكن مكانش وافقوا على السكن الغير آدمى الذى يعيشون فيه؟”
إذاً لماذا تعتبر الحكومة و الاعلام و المجتمع العشوائيات مشكلة؟
فى البداية دعونا نتخيل الحقيقة أن هؤلاء المعدمون يعيشون دون خط الفقر فى تلك العشوائيات بدون شبكة صرف صحى و مياه غير صالحة للشرب و ظروف معيشية لا يستطيع أن يعيش بها أى انسان فإذا كنا لا نحتمل المياه الملوثة و نضع فلتر على المياه التى تصل إلينا فما بالك بمياه غير صالحة للشرب و تخيل أيضاً عدم وجوج شبكة صرف صحى من الأساسفى المنطقة بأكملها.
هذا بالطبع بالإضافة لغياب القانون عن تلك المناطق العشوائية و ما يتبعه من جرائم قتل و سرقة و ادمان وكل أشكال الخروج عن القانون و لكم أن تتخيلوا أيضاً كم سيكون حجم القمامة و عدم اهتمام السلطات بإزالتها لعدم قدرتها لدخول تلك المناطق العشوائية.
و بدون أن نتكلم عن مستوى التعليم أصبح من المتوقع أن فى بيئة صعبة مثل تلك الموجودة فى المناطق العشوائية سيكون من الصعب جداً أن نجد نسبة متعلمين عالية بل و لن يكون غريباً أن نرى نسبة أمية عالية.
دور الحكومة فى حل تلك المشكلة :
اتخذت الحكومة دورها تجاه هذه المناطق فى عدة اتجاهات فمن ناحية تزيل هذه المناطق العشوائية و من ناحية أخرى تحاول بناء مناطق سكنية جديدة بحيث لا يصبح قاطنى العشوائيات هم قاطنى الشوارع و لذلك عند هدم تلك العشوائيات يجب وضع البديل للأهالى بحيث لا يصبح فقط هدم دون بناء.
و من ناحية أخرى انشئت الحكومة صندوق تطوير المناطق العشوائية حيث تم تكليفه قريباً من قبل مجلس الوزراء بتطوير و تنظيم الأسواق العشوائية حتى تتجنب مصر الوقوع فى أزمات اقتصادية و اجتماعية سيكون من الصعب جداً العامل معها إذا اهتممنا بها بعد فوات الآوان.
إن عدد العشوائيات فى مصر بلغ 1221 منطقة ، منها 20 منطقة تقرر إزالتها لأنها لا تقبل التطوير، بالإضافة لـ 1130 منطقة قابلة للتطوير، و 71 منطقة فى محافظات السويس والإسماعيلية ومرسى مطروح وشمال سيناء وبورسعيد، وهذه المناطق لم تدخل خطة التطوير الحكومية حتى عام 2007، على الرغم من إدراج 11 محافظة فى خطة التطوير الأولى.
المحافظات التى تم إدراجها فى خطة التطوير هى أسيوط وقنا وأسوان وسوهاج والمنيا والفيوم وبنى سويف والقاهرة والإسكندرية والقليوبية والجيزة، وذلك لوجود أكثر من 600 منطقة عشوائية بها ووجود مناطق عشوائية بمحافظات دمياط والبحر الأحمر والأقصر والدقهلية بلغت أكثر من 235 منطقة عشوائية، فى المقابل نجد أن أكثر من 14 محافظة انتهت من تطوير 340 منطقة عشوائية موزعة كالتالى، 66 منطقة بمحافظة قنا و33 بأسوان و45 بسوهاج و84 بأسيوط و18 ببنى سويف و19 منطقة بالغربية وواحدة بكفر الشيخ و30 منطقة بدمياط.
وأشار التقرير إلى أن عدد المناطق العشوائية فى الوقت الحالى 870 منطقة، يسكنها أكثر من 13 مليون نسمة، وأكد التقرير أن جملة الاستثمارات المخصصة لتطوير تلك المناطق منذ بداية عام 1993، وحتى عام 2007 بلغت 4 مليارات، وذلك خلال الخطط الخمسية الثلاث الأولى منذ عام 1992/1997 و1997/2002 حتى مايو 2007، فازت خلالها محافظة القاهرة بنصيب الأسد من جملة تلك الاستثمارات وحصلت على 9.956 مليون جنيه، وجاءت الجيزة والقليوبية والإسكندرية فى المراكز التالية من جملة الاستثمارات على مستوى القطاعات المتعددة للبنية الأساسية.
الحملات الشعبية و القومية لمشكلة العشوائيات
هناك العديد من الجهات الغير حكومية و الأحزاب و جماعات ثقافية و اجتماعية مختلفة و فنانون و اعلاميون يشاركون فى عملية تطوير المناطق العشوائية وعلى سبيل المثال حملة المليار لتطوير عشوائيات مصر و هناك أيضاً تجربة رائدة طورت من منطقة حوض عشرة بحى المنتزة بالاسكندريه.
فى النهاية نسأل أنفسنا من المسئول عن علاج مشكلة الاسكان و العشوائيات ….. هل الحكومة ؟ أم الجمعيات الخيرية؟ أم الاعلام؟ أم الشركات العقارية أم المجتمع المصرى؟
أليس من الممكن أن تكون الإجابة فى كل ذلك مجتمعاً…!

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى