أخر الأخبار

ماجد طوبيا يكتب… التغير الاجتماعى ظاهره عامة اصابت المجتمع

بقلم ماجد طوبيا

دراسه جاده فى واقع التغيرات والتشوهات التى اصابت الشخصيه المصريه فى اعماقها واثارها السلبيه فى حياه المصريين (لمن يتتبعون الحقائق)

يعد التغير الاجتماعي ظاهرة عامة وسمة مميزة للمجتمعات الإنسانية، وما يصاحب ذلك من تغيرات في القيم والاتجاهات وأنماط السلوك المختلفة، والتي تعد ركناً أساسياً من أركان القيم الثقافيه للمجتمعات.

وقد توالت التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية على المجتمع المصري خلال العقود القليلة الماضية، والتى أدت إلى حدوث تغيرات جوهرية إلا أن وتيرتها تسارعت مع مرور المجتمع بتحولات كبرى في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير 2011.
تميز المجتمع المصري على مر عصور طويلة بسمات كانت أقرب إلى الثبات، ولذلك يعتبرها العلماء سمات أصيلة، فالمصري اتسم بكونه ذكياً، متديناً، طيباً، ومتسامحاً، وكان هذا يشكل الخريطة الأساسية للشخصية المصرية في وعى المصريين ووعى غيرهم.
ويعود هذا الثبات النسبي لهذه السمات إلى ارتباطها بعوامل جغرافية ومناخية مستقرة نسبياً.بيد أن تحولات نوعية حدثت فى بعض السمات،وتعددت صور التدين التي كان بعضها أصيلاً وبعضها الآخر غير ذلك، وظهرت بعض الميول العنيفة أو العدوانية وتأثر الجانب الفني في الشخصية تحت ضغط العشوائيات

أما عشق المصري للاستقرار فقد اهتز إلى حد ما بعد تصاعد ظاهرة الهجرة إلى الخارج، التي تحولت إلى “حلم” لكثير من الشباب لتحقيق أهدافه. ويرجع ذلك إلى عوامل التغير التي مر بها المجتمع والتي لم تكن مستقلة عن بعضها البعض وإنما متداخلة ومتفاعلة، وتتضمن العوامل الاقتصادية والمجتمعية والثقافية.

الأمر الذى انعكس بصورة مباشرة على المجتمع، حيث انخفضت مستويات الدخول والأوضاع المعيشية للأسر، مقابل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، واتساع الفجوة بين طبقات المجتمع (التفاوت الطبقي)، على نحو دفع العديد من الآباء إلى القيام بأعمال إضافية أو الانخراط في القطاع غير الرسمي لفترات طويلة، أو السفر للعمل بالخارج.

كما أدت ثورة الاتصالات والمعلومات إلى إحداث تقارب بين الدول والمجتمعات المتقدمة والأخرى النامية وبين الثقافات المختلفة. وأصبحت الأسرة المعاصرة في مهب كافة المتغيرات والمؤثرات الإقليمية والعالمية، مما جعلها تقع بين جذور وقيم وتراث يشدها ومستحدثات عصرية استهلاكية وإعلامية وثقافية وترويحية تجذبها سواء كانت ملائمة لخصوصيتها وهوية مجتمعها الثقافية أو غير ملائمة لأسلوب حياتها ومستوى دخلها الاقتصادي.

ورغم كل الأطروحات التى تؤكد على وجود سمات ثابتة للشخصية المصرية، إلا أنثمة تغيرات ارتبطت بالسياق السياسي والاجتماعي والثقافي، وانعكست على الجانب القيمي في المجتمع بعد 25 يناير 2011؛ حيث أن الأحداث التي شهدتها مصر فرضت تغييرات كبيرة في منظومة القيم الاجتماعية والأخلاقية الإيجابية التي صاغت سلوك المصريين، وأفسحت المجال لبعض القيم السلبية مثل التراجع النسبي لقيم التسامح والإيثار

مقابل زيادة ملحوظة في العنف والتعصب، وتغليب المصلحة الفردية والتمركز حول الذات، وغياب العمل الجماعى، وشيوع الثقافة الاستهلاكية.

1- تغير النسق القيمي
تطورت قِـيم المجتمع المصري منذ منتصف القرن الماضي. ففي الخمسينيات سادت قيم العدالة الاجتماعية والمساواة، كما ساعد التوسـع في التعليم على إزالة الحواجز الفاصلة بين الطـبقات الاجتماعية، خصوصاً في ظل مجانية التعليم الجامعي، لكن تغيـر الحال في السبعينيات والثمانينيات، إذ اتجهت سياسة الدولة إلى الانفتاح، مما ساعد على بروز قيم غريبه ادت الى ظهور قـيم مثل إحلال الولاء محل الكفاءة في العمل.
كما شهدت تلك المرحلة هجرات واسعة إلى دول النفط، مما أدى إلى تراجـع قيم الاستقرار والانتماء
وانتشر بشده ظهور الفساد بأشكاله المختلفة

2- التعصب وأحادية الرؤية
يبدو اتجاه التعصب السياسي قائماً فى حياة المصريين بشكل عام، وجوهر ذلك هو غياب الحوار وعدم التسليم بحق الآخر فى الحرية والتفكير والاعتراف بحقه فى إبداء الرأى. ومن ثم فإن النظرة الأحادية التي أثرت على التكوين الثقافي للمصريين كانت غالباً ما تنهي المناقشات بالخلافات وربما الخصومة.

3- التدين الشكلي
ويعد سمة أصيلة وقديمة قدم الأديان، بيد أن هذا النمط من التدين قد يقترن في كثير من الأحيان بغلبة التصورات الميتافيزيقية والقناعات الخرافية والشعبية. فضلاً عن الازدواجية بين التمسك المفرط بالعبادات دون أن ينعكس ذلك على المعاملات في بعض الأحيان. ويبدو أن السمة الأهم في هذا السياق هى نزعة التشدد الديني، التي صاحبت الهجرة إلى بعض دول النفط، وانتشار مظاهره في الشارع المصري متمثلة في المبالغة في المظاهر الدينية على نحو لم يألفه المصريون من قبل، وبما أفضى إلى توترات عديدة شهدها المجتمع.

4- انتشار الثقافة الاستهلاكية
أدت الهجرة إلى دول النفط فى سبعينيات القرن الماضى إلى حدوث تغيرات فى نمط الاستهلاك فى الأسرة سواء فى الريف أو الحضر لمحاكاة نمط الاستهلاك في هذه المجتمعات. وقد أثرت هذه الأنماط الاستهلاكية على ميزانية الأسرة، وبالتالى نتج عنها الكثير من أشكال الصراع والتفكك الأسري، حيث أصبحت هذه السلع الاستهلاكية رمزاً للمكانة الاجتماعية يتسابق أفراد المجتمع على اقتنائه. كما تراجعت قيم العمل المُنتج مقابل صعود القيم المادية التي تحث على تحقيق الثراء السريع بأسهل الطرق

أيضاً تغيرت العديد من عادات الأسرة، وافتقرت للمناخ الاجتماعي والنفسي المصاحب لتناول الطعام داخل البيت وجلوس أعضاء الأسرة معاً وتبادل الموضوعات والخبرات أثناء تناول الطعام وإشباع الحاجات النفسية والعاطفية والاجتماعية.مما أدى إلى مزيد من الانعزال بينهم.

كما ظهرت في الفترة الأخيرة على هذه القنوات الفضائية بعض البرامج التي تبث قيماً غريبة عن المجتمع، إذ تشجع على انفصال المرأة،ادت الى زيادة معدلات الطلاق أو العزوف عن الزواج بين الشباب.

5- تراجع السلطة الأبوية
دفعت التحولات الاقتصادية العديد من الآباء لمزاولة أعمال إضافية أو الانخراط في القطاع غير الرسمي لفترات طويلة، ما أدى إلى تقلص دورهم في تنشئة الأبناء وإسناد مهام تنشئتهم إلى الأم في الكثير من الأسر. ونتيجة لغياب السلطة الأبوية وآليات الضبط الأسري ودورهما فى عملية التنشئة الاجتماعية وقيام المرأة بأدوار تفوق قدراتها، زادت معدلات الانحراف والاضطراب بين الأبناء المفتقدين للرعاية الأبوية.

وفي عصر التقنيات والتكنولوجيا، أصبح الإعلام شريكاً مباشراً للأسرة في عملية التنشئة الاجتماعية، وقد يكون، في بعض الأحيان، شريكاً سلبياً، لأن التنشئة الاجتماعية التقليدية التي تقوم بها الأسرة تعمل وفق نظام اجتماعي مرتبط بالدين والعادات والتقاليد،

أما التنشئة الاجتماعية الناتجة عن وسائل التواصل الاجتماعي فهى تنشئة هجينة من ثقافات متعددة لا يمكن تقنينها أو وضع ضوابط لها أو السيطرة عليها
ويشير علماء الاجتماع إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي أثرت سلباً على العلاقات الأسرية، حيث اتسعت دائرة التباعد وغاب الحوار ونشأت فجوة في الأفكار بين الآباء والأبناء، مما أضعف الصلة والتقارب ودفء العلاقات في الأسرة

6- تزايد ظاهرة العنف
تعتبر ظاهرة العنف من الظواهر القديمة فى المجتمعات الإنسانية، فلا يكاد يخلو أى مجتمع من مظاهر وسلوكيات العنف، إلا أن تلك المظاهر والسلوكيات تطورت وتنوعت بتطور الإنسان والبيئة من حوله، فبعدما كانت مظاهر العنف بين البشر تتمثل فى الصراع على المأكل والمسكن والمشرب، أصبحت على المصالح الخاصة وجمع الأموال، وبدا واضحاً عبر السنوات الأخيرة تغير أنماط ومعدلات الجرائم في المجتمع المصري، فتزايدت معدلات الجرائم العائلية، واتخذت أشكالاً أكثر عنفاً، كما ظهرت أنماط مستحدثة من الجرائم المعلوماتية والجرائم المنظمة والإرهاب؛ وهو ما يخالف سمة التسامح والاعتدال المعروفة عن الشخصية المصرية

مما سبق يتضح أن الواقع فرض سياقاً جديداً قابلاً للتجدد المستمر، حيث ترتبط سمات المجتمع المصري بالتغيرات التاريخية والبنائية، فنجد أنفسنا أحياناً أمام سيل من الصفات الإيجابية عن المصريين الذين يتسمون بالشهامة والتسامح وغيرهما من الصفات،

وأحياناً ينهمر أمامنا سيل آخر من الصفات السلبية والاخلاقيه والتى تنحرف بشده عن القيم والمبادئ الاساسيه التى تربى ونشئ عليه ابناء هذا الوطن منذ فجر التاريخ
مما يحمل فى طياته اخطار حقيقيه ، تهدد اركان واستقرار المجتمع ومستقبل هذا الوطن العظيم….. فلننتبه فالسياره ترجع الى الخلف

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى