أخر الأخبار

( الرمل مقابل المياه والتنمية ) المعادلة الصعبة و السهل الممتنع لضمان المستقبل الزاهر لمصر ولجلب مزيد من العملة الصعبة

كتبت شيماء نعمان
مستقبل الطاقة المتجددة فى العالم هو مضمار السباق العالمى القادم والذى يجب على مصر أن تبادر بالخوض فيه بشكل قوى وغير تقليدي و مقارنة بالماضى نجد أن تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية فى العقد الأخير قد انخفضت بشكل متسارع الأمر الذي سمح بإنتاج الطاقة من مصادر متجددة بطريقة أكثر تنافسية بلغت من ٢ : ٤ سنت / كيلو وات فى مقابل ٥ سنت للوقود .
_ وبمراجعة بعض الإحصائيات الرقمية العالمية والمحلية نجد أنه فى ألمانيا بلغت القدرة الإنتاجية للطاقة الشمسية وحدها حوالى ٥١ جيجاوات عام ٢٠٢٠ في حين أنه فى مصر خلال نفس العام بلغ إنتاج مصر من الكهرباء حوالى ٥٨ جيجاوات وبلغ الاستهلاك حوالى ٣١ جيجاوات فقط وبالتالى بلغ فائض الإنتاج حوالى ٢٧ جيجاوات . وطبقا لتصريحات رئيس هيئة الطاقة الجديدة و المتجددة المصرى فإن إجمالى القدرات المركبة من الطاقة المتجددة في عام ٢٠٢٠ بلغ( ٥٨٠٠ ميجاوات )منها ١٣٧٥ ميجاوات من طاقة الرياح و ١٦٢٣ ميجاوات من الخلايا الشمسية و ٢٨٣٢ ميجاوات من الطاقة الكهرومائية . وبالتالى يتضح مما سبق أن ألمانيا تنتج من الطاقة الشمسية حوالى ٣٢ ضعف الإنتاج المصرى أغلبها من الإنتاج المنزلى أعلى أسطح المنازل وواجهاتها . وذلك نتيجة الثقافة الألمانية والتشجيع الحكومى الذى وصل إلى حد أن بعض الولايات الألمانية تشترط تركيب الألواح الشمسية في المبانى الجديدة وهو نفس الحال فى الولايات المتحدة الأمريكية إذ أن ولاية كاليفورنيا الأمريكية
لا تصرح بتشييد أى مبنى أو منزل جديد إلا إذا إحتوى على ألواح الطاقة الشمسية ، ثم اتبعت هذا النهج العديد من الولايات الأخرى فى أمريكا .
ولكن بالنظر إلى التجربة الألمانية الرائدة فى مجال الطاقة الشمسية نجد أن ألمانيا لا تتوافر لها نفس المقومات المصرية الموجودة بحكم الطبيعة وبوفرة تدعو للاستغراب و الدهشة فى نفس الوقت فهى لا تتوافر لديها معدلات السطوع الشمسى التى تعتبر الاكبر عالميا فى الأراضى المصرية ولا تتوافر لديها أيضا رمال السيلكا البيضاء التى تعد المادة الخام الأساسية فى تصنيع ألواح الطاقة الشمسية ، بل إن كل ما يتوافر لديهم فى هذا المجال هو الصناعة المتقدمة والتكنولوجيا المتطورة والرغبة الحقيقية و الصادقة فى النهوض بمكانة بلادهم بين الأمم ، وهو ما أدى مع هذه الجهود الحثيثة إلى تجاوز حصة الطاقة المتجددة المنتجة للكهرباء فى ألمانيا لأول مرة إلى ٦٠% من كمية الكهرباء المنتجة فى عام ٢٠٢٠ .
وبالعودة الى المقومات والامكانيات المصرية المتوفرة نجد أن الرمال البيضاء تتواجد بوفرة وباحتياطيات ضخمة فى جنوب سيناء بمنطقة أبو زنيمة وكذلك بمنطقة الزعفرانة غرب خليج السويس إلى جانب واحة الداخلة وواحة الخارجة بالوادى الجديد التى توجد فيها أشهر الصحارى البيضاء في العالم ، حيث يمكن من خلال الرمال البيضاء تصنيع الخلايا الشمسية والرقائق الإلكترونية ولذلك يمكن من خلال إنشاء مصنع كبير أو عدة مصانع لإنتاج كل مشتقات الرمال البيضاء ورمال السيلكا أن تصبح مصر من أغنى دول العالم ، إذ أن تصدير هذه الرمال كمادة خام يصل سعرها إلى حوالى ١٥٠ دولار تقريبا فقط ولكن عند تنقيتها وتصنيعها يتجاوز سعر الطن بعد تصنيعه حاجز الألف دولار واحيانا يتجاوز ١٠ آلاف دولار ويصل إلى ١٠٠ ألف دولار إذا تم تصنيع الرقائق الإلكترونية منه ، وكان يتم منذ سنوات تصدير هذه الرمال الى اليونان وتركيا والصين وغيرهم .
وعلى ذلك أكد الأدغم أن كل ما ينقص مصر هو زيادة عدد المصانع المنتجة لألواح الطاقة الشمسية حتى ولو بالشراكة مع الشركات الألمانية الكبرى مثل شركة سيمنز مع الحصول على أفضل العروض من خلال تدخل سيادة الرئيس السيسى شخصيا والذى فعلها أكثر من مرة مع هذه الشركة لنقل تكنولوجيا التصنيع المتطورة والاستفادة من كم الاحتياطي الكبير من الرمال البيضاء المصرية لاستخراج أكبر قيمة مضافة من هذه الرمال لأنه بالرغم من الإنجازات التى تحققت فى مجال إنشاء محطات الطاقة الشمسية والطاقة الشمسية المستخرجة من واجهات وأسقف المنازل يبدو أننا ما زلنا فى بداية مضمار هذا السباق مقارنة بالدول المتقدمة في هذا المجال مثل الصين والهند وألمانيا ، ويمكن كذلك الإستعانة بالتكنولوجيا الأوربية فى مجال تصنيع الانفرتر وبطاريات تخزين الطاقة الشمسية حتى تكون صناعة الطاقة الشمسية متكاملة الأركان بما يحقق الأهداف المرجوة منها على أن يتجاوز الجميع في مصر الحواجز والقوالب الفكرية الجامدة التى تجعل من الصعب على الكثير من الناس أن تتصور أن تصبح الطاقة الشمسية هى المصدر الرئيسي المهيمن على سوق الطاقة فى هذا القرن الحالى وربما للقرون الأخرى التالية فى مستقبل كوكب الارض ، وعلى ذلك يجب أن تولى مصر ملف الطاقة المتجددة اهتماما خاصا تستحقه بالفعل لأن هذا هو مضمار السباق العالمى القادم نحو الطاقة والذى يجب على مصر أن تسبق فيه الجميع لتوافر الظروف والمقومات التى تهيئ لتحقيق نجاح منقطع النظير في هذا المجال . وأقترح من حيث المبدأ أن يتحرر قطاع إنتاج الطاقة الشمسية من التبعية لعباءة وزارة الكهرباء والطاقة ليكون تحت ولاية وزارة جديدة ومستقلة هى وزارة ” الطاقة المتجددة ” لتحقق نفس النجاح الذى حققته وزارة الكهرباء تحت قيادة الوزير الكفء محمد شاكر لأن نمو قطاع الطاقة الشمسية وأهميته الاستراتيجية لمصر فى المستقبل أشبه بمنزلة وأهمية الحجر الأسود من بناء الكعبة ، وهو قياس مع الفارق بقصد إظهار مدى أهمية نمو هذا القطاع لمصر وذلك للأسباب التالية : –
اولا / أن التكلفة الحالية لإنشاء محطات الطاقة الشمسية قد انخفضت كثيرا بحيث أصبحت تكلفة إنتاج الكيلو وات ساعة من الطاقة الشمسية أرخص عن تلك المنتجة من الوقود الاحفوري كما أشرنا سابقا .
ثانياً / يجب على الدولة بالنسبة لمنح تراخيص المبانى الجديدة أن تشترط أن يتم تركيب الألواح الشمسية أعلى المبانى على الأقل فور الانتهاء من المبانى وإلا فسوف يتم فرض غرامة تساوى ثلاثة أضعاف قيمة المحطة الصغيرة التى تناسب مساحة تلك الأسطح مع إمكانية أن يتم منح قروض ميسرة على خمس سنوات بما يعادل ٥% للمبانى الجديدة وبواقع ٤% للمنشآت والمبانى القديمة بما يعادل قيمة تكلفة المحطة المناسبة لأسطح تلك المبانى وعلى أن تلزم أجهزة الدولة نفسها قبل المواطنين بتسليم جميع الوحدات السكنية التى يتم تسليمها للمواطنين فى المدن الجديدة وهى مكتملة بتركيب محطات الطاقة الشمسية الصغيرة أعلى هذه المبانى سواء كانت للأهالى أو لأجهزة الدولة نفسها .
ثالثاً وأخيراً /الرمل مقابل المياه :- فعلى غرار برنامج النفط مقابل الغذاء الذى تم فرضه من الغرب بعد تدميرهم للعراق يمكن من خلال تحويل الرمال البيضاء المصرية إلى ألواح الطاقة الشمسية بكميات كبيرة أن تستطيع مصر وبسهولة تحقيق أمنها المائي مع البلاد الافريقيه من خلال إمدادهم بعدد كبير من محطات الطاقة الشمسية بتركيبها فى عدد كبير من الأماكن بالدول الأفريقية للحصول على صفقات فى إطار المصالح المشتركة للحصول منهم على فائض المياه وتوصيلها الى مصر من خلال ربط النيل بالكونغو واستكمال قناة جونجلى وجلب مزيد من المياة من بحيرة تنجانيقا لمضاعفة حصة مصر من المياة أو أن يتم زراعة أراضى هذه الدول لصالح سد احتياجات مصر من بعض المحاصيل دون اللجوء لدول القارات الأخرى فى إطار من التعاون والتكامل بين الدول الأفريقية لأنها العمق الاستراتيجي لمصر بحق وهو ما سيصب فى النهاية على نمو قطاع الصناعة المصرى وجلب مزيد من العملة الصعبة أو توفيرها من خلال توفير شبكات نقل الكهرباء لأماكن بعيدة وبتكلفة مرتفعة تقلل من كمية التيار الكهربائي المنقول لطول المسافة وهو ما يضمن فى النهاية إستمرار نمو قطاع الزراعة والصناعة المصرى مع ضمان ضم أراضى جديدة للرقعة الزراعية في مصر بإذن الله .

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى