أخر الأخبار

سعاد بدوى تكتب بريق البدايه

 

دائما تكون البداية جميلة، بداية كل شىء ، وأى شىء ، بداية الحياة ، بداية النهار ، بداية العلاقات ، بداية عمل جديد ، بداية المشاعر ، تلك اللحظات التى تحيا بها مشاعر وتموت أخرى ، نتذكر دائما البدايات ونتمنى أن تكون كل حياتنا وعلاقتنا بدايات….!
ليت اللحظات تتوقف عند اول فرحة ، وأول دقة قلب مغمورة بالسعادة والأمل ، عند بداية أجمل المشاعر واصفاها وهى مفعمة بالحماس والإشراق والحيوية والدهشة والشغف ، عند اول كلمة حب صافية وصادقه من القلب .. البداية هى الصدق والعهد والرؤية والأمل والحلم بين الجفون فى غد اجمل ، فى حياة اجمل..
”أجمل ما في الحب البدايات لا أريد من الحب إلا البداية”.. هذا ما أكده الشاعر محمود درويش في إحدى أروع قصائده.. فالجمال والبهاء يكون في لحظة طلوع الفجر ومع شروق الشمس الذى يغمر الدنيا دفىء وحياة ونور ، لهذا تكون البدايات في علاقات الأشخاص جميلة ، سهلة، ونقية مغلفة بطابع من الجمال فى كل شىء ، يتوجها بريق عينين مشرق يغمر الروح لذة وسعادة وحياة.
لكن السؤال لماذا دائما تكون البداية جميلة واحيانا النهاية مؤلمة؟ لماذا نتمنى أن البداية يتوقف الزمن عندها وأن تدوم؟
الانسان بطبعه سريع الملل عندما تتغلف الأحداث بالروتين وتأخذ طابع التكرار تصبح على الرغم من انه كان يسعد بها الا انه يملها ، ويجعل التكرار منها احداث باهته بارده، حتى المشاعر تفقد البهجه والشغف ، وتصبح مشاعر ساكنه فاتره يسلبها التعود ما كانت تمتاز به من اندهاش وإثارة تسعدنا وتزرع البهجة فى نفوسنا ، و نذكر بداية العلاقات الإنسانية بصفة خاصة ، تكون فيها البدايات كلحظة الشروق كلحظة نور الفجر بعد ليل مظلم ..
لحظة ميلاد المشاعر والأحاسيس النقيه لحظات الانبهار الأولى مع دقات القلب التى تعيد للجسد روحه وتعيد للروح الحياه…
كثيرا ما يظهر الناس فيها أجمل ما عندهم من صوت وصورة وتصرفات تشعرنا أنهم الأنسب والأفضل لبناء علاقة جميلة وطيدة معهم .. وتكون البداية معهم وليدة مغلفة بلذة المعرفة نقية من المشاكل والاختلاف ، كل مافيها جميل ، مما يجعلنا فى رغبة فى ربط علاقات الود والحب معهم ، إلى أن تأتى مرحلة سقوط الأقنعة ، فتأتى النهاية مسرعة محملة بألم لوم النفس وتأنيبها على عدم الحكم بشكل سليم منذ البداية، وألم الصدمة من عدم الإلتزام بالعهد والوعد الذى كان ، فعلى الرغم من جمال البداية إلا أن للنهاية ايضا رونق وجمال يتمثل بالصدق والوضوح ، وتجلى العقل فيها بالقرار الراجح والصائب ، لانه قرار صافى بدون زيف او تجميل، بظهور الكثير على حقيقتهم التى لا تظهرها البدايات.. احيانا لا تكون فيه نهايات وتستمر سعاده البدايات لاتنتهى تتجسد فيها الحياة بكل مقوماتها من سعاده وحب ونقاء ووفاء تحيا فيها النفس كل يوم بأجمل مشاعر ود وحب وأتلاف وذوبان مع الآخر فى حالة عشق لا تنتهى تلك هى الحياة الحقيقية التى نحلم بها ونتمناها ونبحث عنها ونسعى اليها ..
يقول نزار قبانى رغم كل البدايات الجميلة التى مر بها وعانقته نشوتها، لم يجد فى آخر أيامه من يؤنس وحدته من صديق أو محب أو قريب فراح يردد حزينا (لم يبق شىء فى يدى هربت عصافير الطفولة من يدى، هربت حبيباتى وذكرياتى وأقلامي وأوراقي لم يبق عندى ما أقول يبست شرايين القصيدة وانتهى العمر الجميل).
قيل لأحدهم : كيف تعرف من يحبك؟؟ قال من يحبني يشعر بالنقص من دوني ولو امتلك كل شيء ويشتاق إلي ولو كان حوله ألف حي..!!
هو الذي يعاملني كأنه يراني لأول مره، ويحافظ علي كأنني الوحيد فى العالم، هو الذي لا يعترف معي بالنهايات ، يحبني كل يوم مثل البدايات ، هو من يحفظ العهد والوعد تحت تأثير المتغيرات ، ثابت لايتغير ..
عند ذلك يصبح لدينا جمال البداية والمنتصف والنهاية ولنجعل البداية أكبر محفز لنا واكبر انطلاقة بأمل وحماس وحياه لا تعرف النهايات .! اللهم ارزقنا جمال البدايات وتوفيق الاستمرار وحسن النهاية فما بين بداية ونهاية حياة

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى