دكتور التطاوى يكتب”ولكن هل تستريح الروح”

 

بقلم د.محمود التطاوي جراح القلب واستاذ بجامعه كمبردج

كلنا يعلم أن الإنسان من روح وجسد، وكلاهما مختلف عن الآخر، الروح خلق من أعظم مخلوقات الله شرفها الله وكرمها غاية التشريف والتكريم فنسبها لذاته العلية في كتابه القرآن فاقرأ قول الله تعالى للملائكة ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِين﴾ الروح لها طبيعة مستقلة ومغايرة تمامًا عن الجسد؛ فالروح فيها سمو، أن الروح من طبيعة خاصة لا يعلمها إلا الله تعالى، وقد جاء ذلك في قوله تعالى (يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا).

فالجسد يعبر عنه بالجانب المادي، ف راحة الجسد فى ان تشبعه هذه الأشياء الملموسة في الحياة التي يسعى الإنسان إليها كي يشبع رغباته، ومنها الرغبة في جمع المال وإشباع الشهوة الجنسية والسعي للحصول على المناصب المرموقة.. وغير ذلك من الأشياء المادية.
ولكن الروح لها اشباع مختلف تمامًا عن اشباع الجسد؛ فاشباع الروح الحب وعندما تحب ستتأمل وستتدبر وسترتقى بروحك إلى آفاق السماء والعالم الرحب، فالروح تلك التي تبحث عن السلام، وأما الجسد فهو المخلوق من طين أي من الأرض، وشتان بين السماء والأرض.. وغذاء الجسد مرتبط بالماديات، حيث أن ما يغذي الجسد الطعام الذي أساسه من الأرض، وذلك الجسد لديه رغبات ومتطلبات، تدفع الإنسان إلى الحركة في الحياة للحصول عليها، ومنهم المتزن في ذلك ومنهم من غلبته روحه ومنهم من غلبه جسده.

والروح تعبر عن الجوانب المعنوية للإنسان، وكثير من الناس تحركهم الأمور المعنوية إلى القيام بعظائم الأشياء، فكلما تغذى الجانب المعنوي لدى الإنسان كلما ارتقت روحه وتلألأت، لذلك كان للحب الصادق أثر في تغيير سلوكيات الكثير من البشر، فهذا الحب جعل روحهم تسمو وتعلو وتحقق المعجزات، بل ان الحب هو منبع التضحيات فحب الأم لأبنائها كان محركًا لها لأن تقدم من نفسها إلى أولادها، وتضحى من اجلهم بالكثير وحب العدالة جعل الكثير من القضاة واصحاب الكلمة يضحون بأنفسهم في سبيل تحقيقها رغم أنف الظالمين والمتجبرين، وكل إنسان أحب شيئًا بصدق استطاع بفضل ذلك أن يحقق الكثير من الأشياء ذات الأثر الطيب والقيم على مستوى الحياة.

كلنا نملك تلك النفس البشرية المتقلبة التي تنطلق من حال إلى حال؛ فمن طاعة إلى معصية ومن معصية إلى طاعة ومن رضا إلى قنوط ومن قنوط إلى رضا فلابد من النظر فيها وتدبر طبيعتها، ونتعامل معها على أنها مخلوق يحتاج الى حبنا ورعايتنا المستمرة لها .
وهنا ليس التدين بيت القصيد ولا المظاهر الخداعة فكثير من هؤلاء ، يقتلون ويذبحون وتراهم يصلون بخشوع!! عجاب أمركم، أم أنكم تقتلون بحب!!!! مرضى وإن كنتم تظهرون لمشاهديكم أصحاء، حمقى وإن ظهرتم للناس عقلاء، من يقتل الطفل البريء والشيخ العليل، من يحرق الزيتون وأغصان النخيل، ليس بمحب للبشر وإن صلى وقام في دجى الليل الطويل، فالأرض ليست لكم وحدكم، الأرض لله يورثها عباده الصالحين، والصلاح هنا صلاح القلوب وليست صلاح المظاهر الخداعة فسلام على الأرواح الزكية التي غادرت اجسادها وآمنت بالخير وعاشت بالخير والحق والعدل، ولن تموت نفس أسعدت البشرية جمعاء، وإن هلكت بيولوجيًا فستبقى روحها تسيح في الأرض كما الرياح يحس بها كل ظمآن للمعرفة، للعلم، للحرية و للقيم الإنسانية النبيلة.
ولكن هل ستستريح روح الإنسان قبل ان تغادر الجسد؟ مؤكد ستستريح حين تشعر بالحب ،ستشعر بالسلام مع النفس ستكون قريب من الحقيقة وكلما احببت وتعمقت فى حبك كلما ابتعدت كثيرا عن الزائفون..
.. فالحب هو هالة الروح وسر راحتها…

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى