أخر الأخبار

دجاليون والقرية قصه قصيره بقلم غاده المصري

 

تزاحم الجميع ليلا يحتفلون ويتسامرون في ساحه القرية ،، فاليوم هو أول عرس يقام لإحدى بنات القريه بعد ذهاب الوباء الذي حصد كثيرا من الأرواح ،وعزل أهل القرية عن كل ما كان يربطهم بالعالم الخارجي،،توقفت سياره سوداء اللون فارهه ترجل منها رجلا ضخم الجثة طويل القامه يرتدي عباءة فوق سترة رمادية، ويمسك بيده عصا انيقه ويحيط به مجموعه من الرجال من ذوات الأجساد الضخمة والعيون المخبأة خلف نظارات سوداء بظلمة الليل الحالك، بدا للجميع المشهد انهم يحرسون الرجل ويتبعونه، تخطي الزحام حتي وصل إلى العروسين صاح أحد رجاله بلهجة مسرحية مفتعله لقد عاد الدكتور “دجاليون “إليكم يا أهل القرية وقام بإعطاء العريس رزمة من الأوراق المالية بطريقه أكثر تباهيا وافتعالا، مما جعل الجميع يقف متصلبا دون حراك، ، يتساءلون في همسات بينهم من هذا الرجل أو المدعي الدكتور” دجاليون” الذي هبط علي قريه” أولاد المسالمه” فجأه وبدأ الهمس كل يسأل الآخر هل تعرف هذا الرجل …!!

دخلت” نور” من الشرفة وهي فتاه صغيره في العقد الثاني من عمرها تمتلك وجه بريئا وعيون صغيره ملونه بلون السماء، لتجد جدها العجوز الطيب ” سيف الدين “الذي تعدي العقد السابع من عمره وتعيش “نور “معه بعد وفاه ابويها جراء الوباء الذي اصاب البلاد ، كان سيف الدين يقوم بإطعام العصافير التي يقوم بتربيتها ويعشقها كثيرا ،، ويخبر الجميع أنه يحادثهم و ويتجاذبان معا أطراف الحديث طويلا ، نظرت” نور” إليه ثم قالت: جدي هل تعرف ذلك الرجل صاحب المنزل الكبير الذي يقع في أول القريه ؟؟نظر اليها الجد سيف الدين وقال: تقصدين المنزل المهجور!! لقد اختفي صاحبة وكان رجلا عجوزا منذ سنوات طويلة ولا أحد يعلم أين ذهب أو ماذا حدث له ولم يفتح المنزل منذ ذلك الوقت ..وكانت هناك أقاويل عن هذا الرجل انه كان يقوم بطقوس السحر الغريبه داخل هذا المنزل الذي لم يستطيع أحد الإقتراب منه طيلة هذه السنوات ! ثم جلس الجد علي الاريكه واعتدل في جلسته واقترب من نور وهو يهمس وكانه يخبرها بسرا لا يريد أن يسمعه أحد …
أتعرفين كنت لا ارتاح قط لهذا الرجل ملامحه كانت تبدو لي تحمل شيء مبهما ….كنت اتحاشي النظر إلي عينيه كل ما أتذكره أن كان لديه ولدا صغيرا ،ولد بعين واحده وكان يخفيه عن الناس حتي اختفيا كلاهيما في صباح يوما ولم نعلم عنه شيئا منذ ذلك الوقت !!.

نظرت “نور “إلي جدها العجوز وجلست بجواره وقد امتدت يدها لتفتح التلفاز فنظر كلا منهما الي الشاشه كان يذاع برنامجا يجلس فيه رجلا اربعينيا تحاوره مذيعه شابه علي احدي القنوات الفضائية، وقد كتب علي الشاشه أنه باحثا في شؤون الاديان، يتحدث عن أشياء غريبه مبهمه لم تستطع نور الصغيره صاحبه الخمسه عشر عاما فهمها، نظر الجد سيف الدين بامتعاض ثم صاح بأسي وحزن عميق””” زمن الروبيضه “”” هل هذا عالم دين أم ماذا!! انه يعتمد علي إبراز كل ماهو غريب وشاذ ولا يتفق مع جموع الآراء لاشاعه الفوضي والبلبله ورويدا رويدا سينجح فيما يريد ..همست “نور” وماذا يريد يا جدي ..أجاب الجد… يريد أن يهدم الأديان يا ابنتي وما أكثر من يريد رخصة بخاتم الدين لفعل ما تهواه نفسه وما يغلبه هواه! !! ، اعطيني الريموت لاغير هذه المحطه لا أستطع سماع هذا الهراء…أخذ “سيف الدين” يقلب المحطات وكل مره يصيبه الاندهاش نفس الرجل ونفس الملامح علي كل القنوات !!ماذا حدث ؟ نظرت نور الي الرجل الذي يتحدث عنه جدها ثم أطلقت شهقه قويه وهي تصيح …جدي هذا هو الدكتور “دجاليون” ابن صاحب المنزل المهجور الذي عاد اليوم للقريه !!لقد شاهدته انه هو !!
اندهش الجد ثم قال لحفيدته ولكن كما قلت لك ان صاحب المنزل كان لديه ولدا واحدا ولد بعين واحده وهذا لديه اثنان!!..أجابت “نور” بسرعه جدي الآن هناك ثوره في عمليات التجميل وربما قام بإجراء عملية تجميل لتركيب عين اخري .!!!!.اخذ الجد يقرب صوره الرجل علي الشاشة حتي صاح انظري لعينيه جيدا أري والله انه دجال.. وكاذب.. كيف لا يري الناس كذبه ويرونه عالم دين يأخذون برأيه ويمجدون كلامه ويصفقون له !!..
أجابت” نور” لأن هناك من يشيع عنه أنه صاحب بركات وأسرار بل رأيت بعض البرامج وبها يتصل بعض الناس واظنهم من أتباعه علي القنوات يتحدثون عن ملامحه الملائكية ومعجزاته وكراماته في شفاء الأمراض العضويه والروحيه و يرددون هذا الكلام كثيرا حتي صدقهم بعض الناس و أخذ بعضهم يشيعون أن من لن يشاهد انواره المزعومه وملامحه الملائكية كما يدعون فهو صاحب ظلمة في قلبه وتسكن روحه الشياطين ولذلك يخاف الناس قول الحقيقة… ثم اعتدلت “نور” وكأنها شعرت بخوف اعتراها فجأه واقتربت من جدها قائله….

جدي أنني أري هذا الرجل قبيحا جدا بل أخاف نظراته و أشعر بحزن عميق عندما اراه …هل أنا كما يزعمون امتلك روحا مظلمة !!

نظر الجد إلي السماء وهو يهمس يا الله حتي انت يا ابنتي تملكك الظن والوهم حتي انت !!..ساخرج الآن للناس أخبرهم انه كاذبا وأنه ليس عالما وليس شيخا ساخبرهم انه دجاليون الكاذب .

نور في رثاء وهي تربت كتف جدها بحزن …لن يصدقوك يا جدي فمعظم القريه الآن صارت من أتباعه وتصدقه وتؤمن بما يحدثهم به بل يسردون قصصا يتناقلونها عن معجزاته وقوته وعلمه …لقد تملكهم” دجاليون” جيدا واستطاع تشويه سمعهم وابصارهم فما ترك لهم شيئا يريدون تحليله لأنفسهم إلا اباحه،، انه زمن” دجاليون” يا جدي،، علينا أن نصمت ونحتمي بالقليل من أهل القريه الذين يدركون كذب هذا المدعي بالعلم ،واطلب منك أن تجتمع مع هؤلاء في ساحه القريه كل يوم في المساء تعلمهم وتذكرهم جيدا بدينهم، بالحب الحقيقي، بالسماحه والعفو وحب الخير ….ذكرهم يا جدي بما استطاع دجاليون أن ينسيهم اياه !!!.

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى