أخر الأخبار

دكتور سمير عبدالرازق يكتب “الصقيع أرحم من دفء بطاطينكم”

متابعة/ فتحى طنطاوى
قسوة الحاجة أرحم من عطاء فيه إذلال ورجفة الجوع أرحم من شبع البدن على حساب الروح ورعشة البرودة أرحم من دفء المتاجرة بحاجة المساكين لم يدرك البعض أن هذا المسكين أو صاحب الحاجة بشر له قلب ربما ينكسر عند ذل السؤال لم يدرك البعض أن هؤلاء ضحايا مجتمع لا يعرف العدالة يكسرونهم مرتين مرة بالفقر ومرة بمذلة العطاء لم يدرك هؤلاء أن الأيام دول لم يدرك هؤلاء أن الفقر ليس فقط فقر مال ففقر الخلق وفقر الرحمة وفقر العقل وفقر الرضا أشد أثرا من فقر المادة لم يدرك هؤلاء أن الفقير لم يأخذ وظيفة لا يستحقها ولم يرتشى رغم عدم حاجته للرشوة لم يدرك هؤلاء أن الفقير لم يتاجر فى بيع أعضاء بشرية رغم مكانته كأستاذ جامعة وطبيب ناجح لم يدرك هؤلاء أن الفقير هذا لم ينعم بواسطة تسمح له وأبنائه فى سلب وظائف دون حق ومكاسب دون حق ولم يدرك هؤلاء أن الجرائم هجرت الأحياء الفقيرة للأحياء الراقية فى عالم معيب يفضل القتل على الحياة يفضل السلاح على السلام دول تنهب دول وأفراد يسرقون قوت أفراد وبشر يعذب بشر وبشر يستعذب مهانة بشر يتاجرون مع البشر ولا يعرفون تجارة مع الله لا يعرفون حقوق المساكين ولا جبر الخواطر رغم أن مِن أعظم الأعمال التي تُقرِّب إلى الله تعالى، وترفع الدرجات، وتحط الخطيئات، وتملأ القلب أنسًا وسرورًا، وتبعث في النفس راحةً وحبورًا، هو حب المساكينِ والفقراء، والعنايةُ بهم، وسدُّ حاجتهم، ومُجالستُهم ومُحادثتُهم. فليس هذا العمل العظيم مُقتصرًا على إطعامهم فقط،
فقد ثبت في الصحيحين أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: “قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَكَانَ عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينَ، وَأَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ”. أي أصحاب الغنى والمال محبوسون، ليحاسبوا على هذه النعم
الله سبحانه وتعالى خلق الناس متفاوتين في الرزق وفي المكانة الإجتماعية، وهذه سنة الكون، وبالمساكين والفقراء يُرزق الأغنياء، وبالضعفاء يُنصر الأقوياء، يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم”. فوصانا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نضع المساكين في حسباننا، وأن نحبهم، وندنو منهم، ونتفقدَ أحوالهم، ونسعى في قضاء حاجاتهم، ومراعاة مصالحهم، تخفيفا عليهم من وطأة الفقر، ومشاركة لهم في همومهم، وثقل أعباء الحياة.
قال الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم: “من أحب للَّه، وأبغض للَّه، وأعطى للَّه، ومنع للَّه، فقد استكمل الإيمان”، والحب في الله جزء منه محبة المساكين والذي يجعلنا نتذوق حلاوة الإيمان قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان”، ومنها: ” وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله”.
وبهذا وصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمنا عائشة رضي الله عنها فقال لها: “يا عائشة أحبِّي المساكين، وقرّبيهم، فإن اللَّه يقربك يوم القيامة”.
وذلك لأن المساكين الصابرين المؤمنين مقربين إلى الله يوم القيامة، فإذا اجتمع في الشخص إيمان مع فقر ارتفعت منزلته في الدنيا بقوة صبره وإجابة دعائه، وفي الآخرة بتشفيعه في الناس وعلو منزلته.
فاعمل بما أوصى به الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم حينما قال: “أحب المساكين وجالسهم وانظر إلى من تحتك ولا تنظر إلى من فوقك، فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عندك”.أما في أمر الدين فانظر إلى من هو أعلى منك مقامًا وتدينًا وصلاحًا حتى تنشط روحك وتقبل على العبادة والتقرب من الله سبحانه
ولذا، كان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يسأل الله أن يحييَه ويميته مسكينًا، بل ويحشره معهم فقد روى الترمذيُّ وصححه الألباني أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: “اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا، وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ يَوْمَ القِيَامَةِ”، فعجبت عَائِشَةُ لهذا وقَالَتْ: لِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فقَالَ: “إِنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا، يَا عَائِشَةُ: لاَ تَرُدِّي الْمِسْكِينَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، يَا عَائِشَةُ: أَحِبِّي الْمَسَاكِينَ وَقَرِّبِيهِمْ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يُقَرِّبُكِ يَوْمَ القِيَامَةِ
فهذا الفاروقُ عمر -رضي الله عنه- حين وقف على امرأةٍ مسكينة جاءها المخاض، عاد يُهَرْوِلُ إلى بيته، فقال لامرأتِه أمِّ كلثومٍ بنتِ عليِّ بن أبي طالب: هل لك في أجرٍ ساقه الله إليكِ؟ وأخبرها الخبر، فقالت: نعم، فحمَل على ظهره دقيقًا وشحمًا، وحملت أمُّ كلثومٍ ما يَصْلُحُ للولادةِ وجاءا، فدخلَت أمُّ كلثومٍ على المرأةِ، وجلس عمرُ مع زوجها وهو لا يعرفُه، يتحدَّث معه ويؤانسه، ولم يذهبا حتى ولدت المرأةُ وحَسُن حالها.
وهذا عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- لا يأكل طعامًا إلا وعلى مائدته يتيم.
وهذا إمام هذا الزمان، ابنُ بازٍ -عليه الرحمةُ والرضوان-، لا يأكل في طعامه إلا مع الفقراء والمساكين، فدائمًا في سفرته لا يأكل إلا معهم
وكان سفيان الثوري -رحمه الله- يعظّم المساكين، ويجفُو أهل الدنيا، فكان الفقراء في مجلسه هم الأغنياء، والأغنياء هم الفقراء.
وعن المرُّوذي، قال: “لم أر الفقيرَ في مجلسٍ أعزَّ منه في مجلس أحمد بن حنبل -رحمه الله-؛ كان مائلاً إليهم، مُقصِّرًا عن أهل الدنيا”.
قال جابر بن زيد -رضي الله عنه-: “لأن أتصدق بدرهم على يتيم أو مسكين، أحب إليّ من حجة بعد حجة الإسلام”.
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤُه، يعدلون بين المسلمين،‏ غنيهِم وفقيرِهم في أمورهم. ولَمَّا طلب بعض الأغنياء من النبي -صلى الله عليه وسلم- إبعادَ الفقراء، نهاه الله عن ذلك‏.‏ وأثنى عليهم بأنهم يريدون وجهه، فقال‏:‏ (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) ‏[‏الأنعام‏:‏52‏]‏، وكانوا يستوون في مقاعدهم عنده، وفي الاصطفاف خلفه، وغيرِ ذلك، وكان يجلس مع أهل الصفة
فهذا علي بن الحسين -رحمه الله- إذا ناول السائل الصدقة، قبله ثم ناوله. لم يصوره ولم يفضح حاجته بين الناس فهذا يقدم لليتامى ملابس أو حقائب مختومة بختم الفقر حتى يسير بين أقرانه رهين فقره وهذا يركز على صور المحتاجين فى دعاياته لا يعرفون نتائج ما يزرعون وللحديث بقية

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى