الست ام حسنى الخياطه

كتبت عزة الجراح
فى حيينا القديم فى محرم بك عرفناها .. ايوه عرفناها كده .. اسمها ام حسنى الخياطه .. وزى معظم جيلنا .. مكناش بنروح لها الا لما الاعياد تقرب عشان تفصل لنا البيجامات الكستور .. اللى كنا بنستلم قماشها بكوبون من عمر افندى .. ويمكن حتى ستات الشارع مش بيزوروها الا ف الموسم ده تقريبا .. كانت لوحدها بتفصل بيجامات الشارع بتاعنا والشوارع اللى حوالينا .. بنات والاد .. ومفيش مانع كمان تعمل جلابيتين لامى واختى .. وعشان كده ماكينه الخياطه بتاعتها كنا نسمعها طول الليل .. عشان تلحق تخلص حاجة الناس ..كان لها اولاد فى سننا تقريبا .. كنا بنلعب معاهم .. وكننا كلنا شبه بعض .. لان احوالنا كلنا زى بعض .. كلننا بنلبس بالكوبون من عمر افندى او شركة بيع المصنوعات .. ويتصادف ان القماش ينزل تشكيله واحده .. فكلنا نلبس نفس اللون ونفس الشكل .. ويمكن كمان نفس تسريحة الشعر وعمل فرق على جنب .. وف رجلينا صندل من باتا .. نقضى بيه ليلة الوقفه . وجزمه برضه من باتا ليوم العيد .. كانت الناس بسيطه وطيبه .. ومكانوش بيبخلوا على بعض بحاجه .. الى يقدر على حاجه بيعملها .. كلنا كننا عارفين ظروف بعض .. كان مثلا لو امى عملت حلة بليله .. كانت تعملها ف الحله الكبيره .. لانها عارفه ان الشارع كله هياكل منها .. وكانت ترجع الاطباق برضه مليانه .. بانواع مختلفه من الحلويات .. او حتى اى حاجه مطبوخه .. العيان كانوا ابهاتنا يلموا نفسهم المغرب يروحوا له .. ويحطوا له الظرف فيه الفلوس اللى لموها من بعض تحت المخده .. والعيانه كانت ستات الشارع تروح لها برضه بالظرف .. واللى تنضف لها الشقه والى تحمى لها عيالها .. والى تطبخ لها .. كنا مكملين بعض .. حتى فى دراستنا .. اللى واقف معاه حاجه يشوف مين المدرس او اللى المدرسه الى ف الشارع يروح له عشان يفهمهاله ..دكتور وديع رزق الله .. كان صاحب بيتنا الى ساكنين فيه .. كان دكتور صيدلى .. اللى كان تعبان كان يروح يسال الدكتور وديع او ابنه دكتور عبد الله .. ينصحه يروح لدكتور متخصص او لو الامر بسيط يدى له علاج من عنده .. حتى لما جت الست فاطمه السويسيه دخلت شارعنا مهجره من السويس .. احتضنتها الست ام حسنى الخياطه , لحد ما رجالة الشارع يوفروا لها السكن .. والى يقدر يجيب كنبه يجيب .. اللى يقدر يجيب سرير يجيب .. اللى يقدر يجيب لها طبليه او ترابيزه يجيب .. لحد ما كملت شقتها من كله .. واتدفع لها كمان ايجار الشقه اربع شهور ..كنت صغير جداا .. بس كنت باشوف وبالمح وباركز واعرف كل واحد بيعمل ايه .. حتى عم ابراهيم المكوجى .. كان ياخد بؤجه الهدوم يكويها .. وابوك وهو راجع من شغله يحاسبه .. فيه ماشى .. مفيش يبقى لما يبقى فيه ..بس الست ام حسنى كان لها مهمه اكبر شويه من انها تبقى خياطه بس .. اهالينا زمان اغلبهم مكانوش كملوا تعليمهم او يمكن حتى مدخلوش مدارس .. وكان الحياء سمه من سمات امهاتنا .. فكان الى عندها بنت فى سن البلوغ .. كانت تبعتها للست ام حسنى الخياطه تفهمها .. وتنصحها .. وتعرفها يعنى ايه بنت ويعنى ايه شرف .. وعشان كده مكانوش شايلين هم المصارحه مع بناتهم .. ومكانش حد فينا يقدر يبص لبنت من الشارع .. استحاله .. ومفيش حاجه اسمها بيكلمها عشان عاوز يتجوزها .. لو عاوز يتجوزها اهله يروحوا يطلبوها .. كانت الاصول كده .. وعشان كده كانوا بيعتبروا ان الست ام حسنى هى اللى ربت بنات الشارع الشوارع الى حوالينا .. فى نظر الكثير انه دور بسيط .. لكن بالعكس كان دور حيويى وقوى .. ربى اجيال تعرف العيبه ومتعملهاش .. شارعنا ف حيينا لم يخرج منه حامل مؤهل متوسط الا نادر .. كل ولاد شارعنا كلهم مؤهلات عليا .. بل وحصلوا على درجات الماجيستير والدكتوراه فى مواقع مختلفه .. وظباط بحريين تجاريين وبحريين عسكريين .. وظباط داخليه وجيش وقضاه ووكلاء نيابه … رغم بساطه اغلب اهالينا فى التعليم ..
رحم الله اجيالا علمت اجيال .. ان بالحب والتكافل والاخلاق ,,ترقى وترتقى المجتمعات

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى