محاكمه الأموات بقلم / غاده سمير

استوقفني كثيرا خلال تأملاتي اليوم موقف النائب البرلماني الذي طالب بمحاكمه الأديب الراحل ”نجيب محفوظ” علي أعماله التي -طبقا لزعمه -تخدش الحياء، وجعلني أتساءل ما الذي فكر سياده النائب اليوم بأعمال الكاتب الكبير الراحل ،مع الشعور لحد اليقين بأنه لم يقرأ أي روايه لنجيب محفوظ ،الذي وصف رواياته بأنها تحتوي علي ما يخدش الحياء!
يا سياده النائب هل تركت كل من يفسد المجتمع الآن من أصحاب الفكر المتدني والمجادلين بغير الحق ولا الدرايه ولا المعرفه ،لتذهب بنا لمحاكمة رجل في قبره! هل طالبت بمن افسدو مجتمعا كاملا علي مر سنوات بالسرقة والرشوه والفساد لتنبش في قبر من رحل؟ هل وقفت لتنادي بمحاربة كل مسؤل باع ضميره، وتسبب في إهدار مال عام وضياع حقوق مواطنين شرفاء؟ هل ناديت من خلال منبرك الذي منحك إياه مواطنون فوضوك لتكون لهم صوتا ينادي من أجل أبسط حقوقهم في مأكل ومشرب وملبس بمحاربة كل ما يتسبب في اهانه مواطن أو إستخدام سلطاته لإذلال وإهانة غيره…هل وقفت لتنادي بعوده حقوق كل ما ضاع حقه يوما علي هذه الأرض التي تحيا عليها ،وتتحدث بأسم الشعب الذي فوضك لتكون له سندا ومعينا. .هل انتهت كل مشاكل المواطنين لتتفرغ بالدعوة لمحاكمة خيال الأدباء الأحياء منهم والأموات.
من الواضح أننا نعيش الآن في واقع جميل، وحياه تمتلئ رغدا ورفاهيه ومجتمع بلا مشاكل، حتي أصبحنا نستيقظ كل يوم لنجد من يدعي أنه المهدي المنتظر، ومن ينادي بمنع المرأه من العمل لانها تزاحم الرجال، ومن يطالب بمحاكمه الأموات وربما نستيقظ غدا لنجد من يطالب بمحاكمه من يتنفس أكثر من الآخرين بتهمه إهدار الهواء النقي، ولا أجد إلا أن أتوجه إلي الله العلي القدير بأن يرحمنا مما نشاهد ونسمع في أيامنا هذه .

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى