من مذكرات الرئيس “محمدنجيب” الشعب المصري يمكن أن تكسبه بالود و ليس بالعنف و الترهيب ..

 

متابعة/ فتجى طنطاوى

يقول الرئيس محمد نجيب في كتابه ” كنت رئيسا لمصر ” :-
اثناء فترة رئاستي كثيرا ما خرقت شروط و احتياطات الأمن ، و سافرت إلي أرجاء متفرقة في مصر ، سمعت خلالها للناس ، و شجعتهم علي الأفشاء عما في صدورهم ، و كنت اتحدث اليهم بلغتهم … و لم تتعرض حياتي لأي خطر ..
و كان حدسي سليما دائما … اللهم الا مرة واحدة فقط .
كنت عائدا الي منزلي في حلمية الزيتون في يوليو من عام 1953 ، لاحظت رجلا يرتدي ثيابا رثة و يصرخ :
“منك لله يا ظالم …. منك لله يا ظالم”
كان عجوزا إلي درجة أنه لا يمكن أن يحدث بي أذي ، فأوقفت سيارتي و امرت حارسي الخاص بأن يحضره الي منزلي في اليوم التالي .
عرفت منه ان اسمه أحمد محمد منصور و انه كان لص خزائن ، قبض عليه 33 مرة و قضي قرابة 28 سنة في مختلف السجون ، و بالرغم من انه كان يريد أن يحيا حياة شريفة إلا ان البوليس يمنعه من ذلك …
كان يرغب في استخراج رخصة لبيع المشروبات الغازية ، و لكن طلبه كان يرفض دائما بسبب سوابقه ..
أعطيته 5 جنيهات ليشتري بها ثلاجة لبيع المرطبات ، و علمت فيما بعد انه اصبح يبيع المشروبات في كشك اقامه امام احد اقسام البوليس .
كان احمد محمد منصور واحدا من الالاف الذين ساعدتهم ، و انا اذكر هذة الواقعة لأوضح مدي أقتناعي التام بأن الشعب المصري يمكن أن تكسبه بالود و ليس بالعنف و الترهيب ..
و لكن للاسف هذا عكس ما حدث
كان الضباط شبابا
كانت خبرتهم في الحياة بسيطة
و خبرتهم في الحكم ابسط ..
احسوا انهم يحكمون فاندفعوا يتعاملون بعنف و بغطرسة.
كان للثورة اعداء
و كنا نحن اشدهم خطورة .
كان كل ضابط من ضباط الثورة يريد أن يملك … يملك مثل الملك … و يحكم مثل رئيس الحكومة !
لذلك كانوا يسمون الوزراء بالسعاة … او الطراطير … او المحضرين !
و كان زملائهم الضباط يقولون عنهم :
طردنا ملك و جئنا بثلاثة عشر ملكا آخر
هذا حدث بعد ايام قليلة من الثورة
و اليوم اشعر ان الثورة تحولت بتصرفاتهم الي عورة … و اشعر ان من كنت أنظر اليهم علي أنهم اولادي ، اصبحوا بعد ذلك مثل زبانية جهنم ، و من كنت اتصورهم ثوارا ، اصبحوا اشرارا ..
فيا رب لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا
لقد خرج الجيش من الثكنات … و انتشر في كل المصالح و الوزارات المدنية .
فوقعت الكارثة التي لا نزال نعاني منها الي الان في مصر .
الصورة للرئيس محمد نجيب اثناء زيارته لاحدي مدن الدلتا سنة 1953 .

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى