يجعل كلامنا خفيف عليهم

 
كتبت : غاده سمير

لا شك أنه لا تتشابه أصابع اليد الواحده ،ولا نتشابه نحن أيضا كاشخاص، فلكل منا طابعه الخاص وطريقه تفكيره، ولكن أكثر ما يميز الكثير منا من أفراد المجتمع المصري، هي قدرتنا الفائقة علي قلب الأوضاع، وتغيير كثير من الحقائق في نفس ذات الوقت ،وهذا أصبح أساسيا لدينا، فأصبحنا كثيرا نسمع عبارة ”’ فلان غلبان وابن حلال”’، وممكن بعد عدة ثواني وليس دقائق تسمع”’ أعوذ بالله من دي ناس”’ لنفس محدثك الذي كان يتأمل من قليل في الشخص نفسه .

ومن أوجه التناقضات التي نعيشها الآن أيضا ،وتغرقنا حتي الأذان، الحكم السريع علي الآخرين سواء شخصا عاديا أو مثقفا ينتمي إلي أحد فصائل المجتمع التي تتميز بالمعرفة والإدراك والإطلاع بحكم العمل أو الرغبه ،أو نجما من نجوم المجتمع في مجال السياسه اوالفن أو الإعلام أو الأدب…التسرع في إصدار الحكم وحضرته قاعد في البيت وبيشرب شاي أو قهوه أو بياكل قطعه من البطيخ ويشاهد التلفاز مع المدام والأولاد فينظر فجاه إلي الضيف الذي ربما لم يتذكر اسمه، وربما لا يعرف حقيقه شخصيته اصلا أو إلي أي فصيل من الفصائل المجتمعيه السابق ذكرها ينتمي ،ويردد وهو يرتشف الشاي بصوت جهوريا… ” والله يا أم سفروت ما حد ضيع البلد غير الناس دي ..ناس عميله، باعو البلد.. فتنظر إليه أم سفروت بأسي وتكاد الدموع تنهمر من عينيها ”’ اه والنبي يا بو سفروت يا خويا ”’ طب السؤال هم مين الناس أصلا؟وبالطبع لا هو ولا أم سفروت ولا سفروت نفسه عارفين !

نأتي إلي نوعيه اخري من أنصار الفهلوه والدنجله وهؤلاء الأفاضل نجدهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ده بقي” المهياص ” الذي يقحم نفسه في أي منشور من أجل إحداث ضجه والاستمتاع الغريب بإن كل الناس وقعت في بعضها، فعلي سبيل المثال؛ لو منشورا دينيا، تجده يضع تعليق لإشعال الفتنه بين الفريقين ،وربما حضرته عمره ما ركعها ولا يعرف اصلا عدد ركعات صلاه العشاء كام ، أو يعرف ومش بيصلي بس عامل نفسه واعظ علي عباد الله وبيكفر الكل متأكد أنه بدون شك علي الجنه حدف وقاعد ينقد فقط، وممكن جدا يكتب صفحه من الوعظ والإرشاد لأي بنت تقع ف طريقه وف الآخر يرسل لها طلب إضافه! …ولو منشور لبنت من بتوع منك لله وربنا يوريني يوم فيك ياللي سيبتني واشوفك متشحتف انت واللي خبطتك مني.. تلاقي ده داخل بقي وبسم الله وحنبدا الليله وتلاقي كاتب للغلبانه المتشحتفه ورا الخاين الندل عباره ”’ممكن نتعرف ”’، وليس له أي إهتمام من قريب أو بعيد بالمنشور اصلا ولو المنشور سياسي يبقي وسع بقي للكبير وأعطي حضرته الفرصه لإستخدام كل العبارات والمصطلحات التي ربما لا يعرف اي معني لها مثل أجندات وايدلوجيات والذي منه .

وهناك أيضا نوع آخر انتشر جدا وازداد، وهو النوع الذي يريد أن يدخل بين عظامك وجلدك ،ليعرف كل كبيره أو صغيره عنك في حين أنه لا يريد أن يعرف أحد أي شيء عن حياته ..يردد دع الخلق للخالق وهو أبعد ما يكون عن ذلك، فتجد هؤلاء مشغولين جدا بمراقبة الآخرين ويجدون سعاده غريبه في التلصص واستنتاج قصص ، ربما أغلبها خطأ ليكون بها ثروه من الاشاعات، ويقولك ده بيقولولك إن فلان عمل كذا وكذا وتنتقل الإشاعة من فرد لآخر تحت مسمي ” بيقولولك” ومين اللي قال اصلا ولا حد عارف، وبسرعه البرق يضاف إليها التوابل وتصبح ليست مجرد اشاعه عاديه لا قنبله إجتماعيه ،ولا حد عارف مين اللي قال أو من هم اللي ”بيقولولك”.

.نوع آخر من أصحاب الفهلوه وده بتاع علي كل لون ،يعني لو في السياسه موجود لو في الفن شغال لو سب أو شتيمه في أي كائن مستعد.. وهؤلاء يمتزون بجرعة غير عاديه من سواد القلب والتشاؤم ،ويكره غيره بمهاره ف الدنيا والعيشه واللي عايشينها ،ومن الممكن أن تجده علي مستوي جيد من الدخل المادي والوضع الاجتماعي ولا يوجد أي سبب منطقي لكمية التشاؤم والسواد التي يبثها بإعجاز وبمهاره في غيره بدون أي سبب، سوي الاستمتاع بالشكوي وأحداث تأثير سلبي علي كل المحيطين به، دون شفقه أو رحمه .

هؤلاء الفهلويه وأنصار المهيصه واحداث الفتن وقلب الحقائق لهم تأثيرا يفوق السحر في تخريب مجتمعات وليس مجتمعا واحدا ،ويرتكبون دون شعور الكثير من الذنوب والمعاصي تفوق الكثيرين ممن يتحدثون عنهم ويصفونهم بالجرم …متي نجد من يقول لا أعرف ..متي نجد الشخص الذي إذا سألته عن معلومه أو طريق اعتذر بزوق لعدم معرفته. .الإعتذار أفضل من أن يكذب ويجعلك في متاهة تستغرق وقتك وجهدك. . متي نعرف أن إطلاق الشائعات علي البلد التي نعيش بداخلها وعلي أرضها هو لعنه ومحرما بكل المقاييس ،وطبقا لكل الشرائع السماويه. .متى يأتي اليوم الذي لا نسمع فيه كلمه ”بيقولولك ”.

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى