“أحلام وجود” قصه قصيره بقلم غاده سمير

 

كانت تعلم منذ البدايه أن الخيال هو ذاك السفير الذي يقودنا أحيانا للسعاده وبعض أوقات هو ايضا من يصل باتباعه إلي ذاك المجهول…”وجود” طالبه الطب رقيقه المشاعر صاحبه الوجه الباسم والعينان الساحره، ورغم أن عينيها كانت تفتقد كل مواصفات الجمال المتعارف عليها… إلا أنها كانت ساحره ،ينتاب من ينظر بداخلهما شعور غريب كأن هناك قوه مغناطيسيه تعادل كل قوي الأرض تصيبه.. تجعله يفكر في صاحبة هاتين العينان فقط ، كانت ”وجود ” ابنه لاب يعمل مزارعا بسيطا أم لا تعمل ولا تعرف في الحياه سوي إعداد الطعام الذي يكفي سته أفراد يعيشون داخل منزلا ريفيا متواضعا يكفي لستر اجسادهم من حراره الشمس أو حبات المطر، التي كانت لا يتحملها أحيانا كثيره ذلك السقف المتهالك و الذي كان كثيرا ما يسرق من ”وجود” لحظات انغماسها ف استذكار دروسها او لحظات مشاركه الاسره لوجبه طعام بسيطه تكفي لسد الرمق. .كانت رغم كل هذه الظروف القاسيه تجتهد وتذاكر حتي تصل إلي ذاك الحلم البعيد ..حلم الطبيبه والمشفي وابتسامه مريض قد أعادت له الأمل بعد أن تسرب اليأس إلي أعماق قلبه أو نهش المرض دون هواده أو رفق جزءا من جسده الضعيف .. استطاعت بمهارة أن تنهي دراستها الجامعيه واستطاعت أن تلتحق بعد إنتهاء سنه الامتياز بالعمل بمشفي والد زميلتها الطبيب الجراح الشهير ..داخل مشفاه تبدل كل شيئ وتغير أصبحت ”وجود ” انسان آخر تتحدث بمفردات لا تحمل نقاء ابنه الريف الطيبه أصبحت تتحدث بلغه الأرقام …لم تعد تهتم برؤية ابتسامه المريض أكثر من إهتمامها أن تسأل هل سدد ذويه قيمه رسوم المشفى أم لا؟ . لم يعد شاغلها رساله الرحمه أصبح كل ما يشغلها أرقام الحساب، ورسالات المصرف الخاص بها ما أفظع أن يصبح الإنسان عبدا للمادة والأرقام والحسابات ،تبدل الخيال الذي كان يسافر بها عبر المنزل المتواضع إلي الحياه الأكبر والأوسع. .انتقلت إلي قصر صاحب المشفى بعد أن تزوجت والد زميلتها وصديقتها الوحيده التي قدمت لها والدها لتعمل معه فتزوجته لتكون هي صاحبة كل شيء..تناست ‘وجود ‘ الرساله الساميه كما تناست أسرتها الفقيره التي كانت ترسل لهم بعض النقود كل شهر دون أن تكلف نفسها عناء الذهاب الي قريتها الفقيره …شعرت أنها أصبحت الأكبر والأهم ولم تعد القريه وأهلها الفقراء يناسبون الطبيبه الكبيره زوجه صاحب أكبر مشفي ..تبدلت الملامح وسقطت الاقنعه يوم أن استيقظ الجميع علي خبر اتهام صاحب أكبر مشفي بتجارة الأعضاء، والذي تورط معه الكثيرين من الأطباء العاملين بالمشفي وخارجها ،ووجهت النيابه العديد من التهم إلي صاحب المشفى وزوجته الطبيبه التي ثبت تورطها بالأدلة القاطعه في التحريض علي سرقه بعض اطفال اهل قريتها الفقيره المعدمه ..قدمت لهم ”وجود ” الموت بدلا أن تقدم لهم الحياه ..ما أبشع أن تتحول آدمية الإنسان وان يترك نفسه مرتعا أمنا للشيطان ليسكن بداخله ويدبر له ما يريد ويمليه بكل ما يخطط…انتهت أحلام ”وجود” بعقابا دنيويا افقدها اللقب الذي تمنته وعاشت له سنوات أما عقاب السماء فالله وحده يعلمه .

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى