ما أفضل أن نتحاور بالعقل والسلام لخير البشرية جمعاء.. عندها ننجح في التصدى للإرهابيين

.
بسمة حجازي
سؤال يلح على عقلى- منذ زادت حدة الإرهاب- هل توقف أو تعثر الحوار بين الحضارات، وتوقف محاولات التقريب بين المذاهب الإسلامية وراء تزايد الصراع بين الشيعة والسنة وأصابع تابعة للشيعة.. وأخرى للسنة، كل ذلك وراء اللجوء إلى حوار الأسلحة والمدافع والمتفجرات.. أم الذين يقفون وراء إشعال هذه الصراعات هم السبب، لتحقيق مطامع لدولهم أو لأشخاصهم.. ولذلك نبذوا الحوار الهادئ العاقل الذي يستخدم العقل.. ولجأوا إلى حوار العضلات والمتفجرات.. ليس هنا في المنطقة العربية فقط.. بل امتد صراع السلاح إلى أوروبا وأمريكا وغيرهما من قارات.
ثار كل ذلك في عقلى، وأنا أشارك صحبة طيبة من كبار مثقفى مصر وعلمائها في بيت الأستاذ أحمد بن عبدالعزيز قطان، سفير السعودية بالقاهرة، ومندوبها لدى الجامعة العربية، بدعوة كريمة من سعادته إحياءً لفكرة الصالون الثقافى.. وهو بذلك يحيى الصالونات الثقافية الجادة، التي تناقش أعمق القضايا الفكرية التي تموج بها المنطقة العربية.. وما أحوجنا لهذه الصالونات.
البداية كانت ندوة- ومحاضرة- يلقيها الدكتور محمود حمدى زقزوق، العالم الإسلامى وأستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر، قبل أن يصبح وزيراً للأوقاف لسنوات طويلة ماضية.. وكان موضوع المحاضرة عن الحوار بين الحضارات وإن امتدت- في تبادل للأفكار من الحاضرين- فشملت الحوار بين الأديان.
وقبل أن تبدأ المحاضرة، عالية المحتوى، تكلم سعادة السفير السعودى، وطرح رؤية السعودية فيما يتعلق بتعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات المختلفة وضرورة تعميق المعرفة بالآخر، وتاريخه، وقيمه، وتأسيس علاقات على قاعدة الاحترام المتبادل، والاعتراف بالتنوع الثقافى والحضارى، وأكد أن الاختلاف في الأديان والثقافات لا ينبغى أن يؤدى إلى النزاع والصراع، وأن المآسى التي مرت في تاريخ البشر لم تكن بسبب الأديان ولكن بسبب التطرف الذي ابتلى به بعض أتباع كل دين سماوى، وكل عقيدة سياسية.. وأن ذلك هو ما يؤمن به الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأيضاً جاءت منه مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين الأديان لتقدم للعالم صورة عن الإسلام مغايرة لما يطرحه المغرضون والمفسدون.. ولهذا خاضت السعودية معركة حضارية وفكرية للدفاع عن الإسلام الصحيح وتغيير الصورة التي رسمها الإرهابيون للإسلام، بأفعالهم الدموية المشينة في العالم.. والأهم- أيضاً- نقل ثقافة الحوار إلى الرأى العام، وإلى الشارع.. وفق آليات فكرية وثقافية واجتماعية وإعلامية.
وأكد السفير السعودى سعى الملك سلمان وتأكيده على أهمية نشر ثقافة السلام والحوار بين مختلف الحضارات والثقافات، كما جاء ذلك في القمة العربية- اللاتينية بالرياض، في نوفمبر الماضى، وأيضاً أشاد المشاركون في مؤتمر حوار الأديان، الذي عقد في طوكيو في إبريل الماضى أيضاً، وهو المبدأ الذي رسخه لقاء الملك عبدالله مع رأس الكنيسة الكاثوليكية عام 2007 لإرساء السلام في المنطقة وتعزيز التعاون بين المسلمين والمسيحيين واليهود.. وأن على جميع الشعوب التكاتف للتصدى للعنف والإرهاب.. والقضاء عليهما.
من هذا المنطلق، جاء موضوع محاضرة الدكتور محمود حمدى زقزوق، أمس الأول، عن أهمية الحوار بين الحضارات، وفى البداية تحدث الدكتور زقزوق عن أن الاختلاف من الأمور الطبيعية.. وهو سنة الله في أرضه.. وأن احترامنا للآخر هو ما يجب أن يكون عليه سلوكنا.. ولذلك فإن دعوة الاعتراف بالاختلافات هي دعوة أكثر إلحاحاً الآن مما مضى.. وهنا تبرز أهمية الحوار.. وأن الحوار بين الحضارات قام على الدين.. والدين أحد العناصر الأساسية للحضارات.. ولذلك تبرز أهمية الحوار الدينى للقضاء على الصراعات.. ولاحظوا أن المؤرخين العرب أطلقوا على حروب العصور الوسطى اسم حروب الفرنجة.. وليس الحروب الصليبية.
وأكد الدكتور زقزوق أن من شروط الحوار أن يكون بين قوتين متساويتين وليس بين طرف قوى وآخر ضعيف.. حتى لا يبعد القوى الطرف الآخر عن الحق وعن هدف الحوار الأساسى، وضرب مثلاً بأن النبى، عليه الصلاة والسلام، بنفسه، هو أول من أجرى حواراً بين الإسلام وبين النصارى، وحدث ذلك في مسجده بالمدينة المنورة مع نصارى نجران.. وأن الإسلام يعترف بكل الأديان السماوية.. ولا إكراه في الدين، وتحدث المحاضر العالم عن أهمية الحوار مع المستشرقين في الغرب.
** ومضت الندوة والمحاضرة- في بيت السفير السعودى- لتؤكد ضرورة الحوار.. لكى نواجه العنف والإرهاب الذي يعيشه العالم كله الآن وليس فقط الشرق الأوسط.
حقاً.. ما أفضل أن نتحاور بالعقل والسلام لخير البشرية جمعاء.. عندها ننجح في التصدى للإرهابيين.

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى