المختار عوض قنديل يكتب إسرائيل و يهودية الدولة !!!

هيا نتفاهم في هذا….
أولا و قبل كل شيء يجب أن يعرف الجميع أن إسرائيل دولة علمانية و ملحدة لا دولة متدينة و قضية التديُّن هذه ما هي إلا كذبة و لعبة كبيرة يستغلها أصحاب القرار في إسرائيل برمي المبررات و العقبات السياسية في حجر المتدينين لتسويق سياسات خارجية كشماعة يعلقون عليها رفضهم و تعنتهم في المفاوضات .
و يستغلها بعض الجمهور من الداخل لتسويق أمور و منافع شخصية و أولهم شريحة المتدينين التي هي أكذب شريحة في المجتمع الإسرائيلي و ينطبق عليهم المثل القائل : مثل عواجيز الفرح , أكل و شرب بلا حمدٍ و لا شكور, مع حشر أنف و تدخل فيما يعني و ما لا يعني , ناهيك عن المخصصات المالية الضخمة و الفائدة الأكبر من ذلك أنهم لا ينطبق عليهم قانون الخدمة العسكرية الإجبارية أي لا خطر عليهم من المشاركة في أي حرب بل هم أيضا عقدة أي سلام بحجة أنهم ملتزمون في مدارسهم الدينية يتعلمون التوراة و التلمود و لا يعملون بها على أرض الواقع قط .
أما غير المتدينين فهم إما علمانيون أو ملحدون من رعايا الدول الاشتراكية ذوي الأيديولوجية الشيوعية و الاشتراكية العلمية من الذي سجلوا في مكاتب الوكالة اليهودية بغرض الهجرة لإسرائيل و الهروب من الجور و الاضطهاد الرسمي في دولهم مع علم الوكالة اليهودية بذلك لأنه يُعد أولا و أخير مهاجرا إسرائيليا و إن أخفى ديانته الحقيقية , إلا أنهم فضَّلوا جلب المهاجرين إلى إسرائيل هو الشيء الأهم لأنهم في أمَسِّ الحاجة لكل كادر و كل يد تعمل و تُدير عجلة الباء و الاقتصاد و الحرب كيفما كان و كيفما يكون .
و طبقا لما سبق , لن تقوم لهم دولة دينية يهودية ليس لأن فيها حوالي مليون و نصف المليون من السكان العرب بدياناتهم و طوائفهم المختلفة عن اليهودية بل لأن ثلاثة أرباع الشعب الإسرائيلي غير متديِّن و لا يقترفون الفواحش و المخالفات الدينية إلا في حرمة يوم السبت , لذلك لن يُفسد قيام دولة دينية إلا رعاياها اليهود الذين لا يربطهم باليهودية إلا الاسم فقط بل ينتمون لدولة علمانية حتى النخاع و لا يغرَّنا تصريحاتهم و شعاراتهم التسويقية و طعامهم الحلال ( الكوشير ), و لا يخدعنا تمسكهم بيهودية الدولة ( كبعبع ) للعرب الذين يخافون من خيالا تهم .
لماذا لا نضع لهم الزيت على النار و نوافق على يهودية الدولة بشرط واضح و جلي لا يتعارض مع الشرائع و المواثيق الدولية بحيث لا يُحرج و لا يتعارض مع حجج و مبررات الحكام العرب الذين يقدسون هذه القرارات خوفا من غضب الأسياد أكثر ما يقدسون القرآن .
لنجرب أن نُتَّهم بالعمالة مرَّة واحدة فقط و نعترف بيهودية الدولة حسب قرارات الأمم المتحدة و أولها قرار التقسيم 181 الخاص بتقسيم فلسطين إلى دولة يهودية و دولة عربية لا طبقا لتنازلات و صفقات المفاوضين العرب في مفاوضات التعرِّي
( ستريب تيز ) إلى أن أصبحنا نفاوض على الماء و الهواء لا على الانسحاب و مسح الحواجز من الوجود و إزالة المستوطنات التي حلت محل حق العودة و حق تقرير المصير .
هم يطالبون الألمان بتعويضات عمَّا اقترفه هتلر في الحرب العالمية الثانية و ما قبله مع أن هتلر كان يمسح كل معارض له لا على الدين بل على الأيديولوجية و العداء الفكري للنازية و الدليل أن ضحايا الحرب الذين زادوا عن ثلاثين مليون نسمة و ما كان اليهود إلا ضمن هؤلاء الضحايا و هم من المواطنين الألمان قبل أن يكونوا و قبل أن تكون إسرائيل إلا أن إسرائيل تطالب لهم بتعويضات ليس لذوي الضحايا بل لدولة و كيان لم يكن موجود في تلك الحرب , و مفاوضونا الأفذاذ لا يطالبون بحق بين أيديهم ينتزعه الاحتلال ظلما و عدوانا !!
تنازلنا عن الكفاح المسلح , غيَّرنا الميثاق الوطني بما يتماشى مع وقاحتهم و إملاءاتهم الانبطاحية , مرروا علينا مشروع ألون لسنة 1968 الذي كان حلما إسرائيليا بالسيطرة على الأغوار و نهر الأردن إلى السيطرة على النقاط الإستراتيجية في رؤوس الجبال ليصبح واقعا ثقيلا علينا باتفاقات أوسلو التي هي نسخة مطوَّرة و معكوسة لاتفاقية خيبر حين أصبحنا عبيدا في ممتلكاتنا و سجناء في سجن مفتوح لتتفتت حياتنا اليومية ما بين حصار و ما بين تفتيش على حواجزهم الأمنية في حين أن المستوطنين يصولون و يجولون في بلادنا بلا حسيب و لا رقيب .
ألزمونا بالشرائع الدولية الخاصة بالكلاب و لم يلتزموا بما يخص أصحاب الحق من البشر و هم المُحتلون الغاصبون لكل ما نملك حتى الماء و الهواء و الكلأ , تغيَّر مفاوضوهم عشرات المرَّات للهروب من التزامات و عهود التزموا بها أثناء سباق التنازلات في حين بقاء مفاوضينا على نفس الأشخاص و نفس الملفات في مربع محلَّك سر !!
مفاوضونا الذين برَّئوا الاحتلال من التزاماته القانونية كدولة باغية محتلة تفرض عصمتها علينا بلا أدنى مسئولية لأنها وجدت من يُبيِّض صفحتها و يتحمَّل عنها مهماتها القذرة باسم المفاوضات و استحقاقات السلام .
ماذا يعني ملف مفاوضات لا يتقدم للأمام منذ عشرين عاما بل يتبخَّر ما به من حقوق في كل جولة تفاوضية و ما زال كبير المفاوضين هو الكبير و كأن الأمهات عقمت أن يلدن مثله و كأن الله لم يخلق غيره.
مفاوضونا الذين ألزمونا بما لا يُعقل و لم يلزموهم برد تحية الصباح إذا حُيُّوا بها , جعلونا مضربا للذل و الاضطهاد في كل معابر و مطارات الكرة الأرضية بعد أن كنَّا أيقونات فخر و ثورة أحرار لكل أحرار العالم , يتعلم منا الناس معنى الكرامة, لا شمَّاعة يُعلَّق عليها فشل الآخرين و نحن لا دخل لنا في شئونهم و لا نتدخَّل فيهم قيد أنملة . مفاوضينا , أنتم الذين حولتم ثورتنا من ثورة أحرار كرماء إلى ثورة تجار و رجال أعمال , مليونيرات و مقاولي مفاوضات و متعهدي تنازلات رخيصة , كرَّستم الانقسام و خلَّفتم التفرقة في البيت الواحد .
إلى أين أنتم بنا ذاهبون ؟؟
هل يوجد هاوية أكبر مما نحن فيه!!!
أغرقتمونا في الأزمات اليومية من نقص في كل شيء لتصبح متطلباتنا الإستراتيجية , حولتمونا من أصحاب حق إلى متسولين على أبواب قطر و الرباعية الدولية لتصبح إسرائيل علينا سيدة الموت و سيدة الحياة .
صنعتم لنا أعلام ترفرف أقل مما كانت ترفرف أيام الاحتلال و جوازات سفر لا يُعترف بها إلا بضمانات إسرائيلية و سفارات جُباة رسوم و ضرائب و تجارة خدمات و لا تعترف بنا إلا بواسطة .
قوات أمن وطني لا تدافع حتى عن نفسها بل تنسحب قبل أي اجتياح أو توغُّل بناء على أوامر إسرائيلية و وزراء من كل شكل و لون عالة على ميزانية السلطة التي هي أصلٌ عالة علينا و على الدول المانحة التي هي استثمار مالي لإسرائيل على حسابنا حين تأخذ نصيب الأسد من كل مساعدة دولية أو عربية و تترك لنا ما تبقى من فتات يمر عبر مكاتب الأبوات و الباشاوات قبل أن يصل مخسوفا إلى الجمهور .
ما الذي استجد علينا و تغيَّر بعد أوسلو؟ كنا تحت الاحتلال أسرة واحدة نضمَّد جراحاتنا و نشارك بعضنا الألم و النزف قبل الفرح و نمسح دموعنا المشتركة في سجن واحد لسجان واحد لا يُميِّز في ضخ جرعات الوجع بألوانه العجيبة التي نتلقاها صباحَ مساء على مرأى من القاصي و الداني و لم نركع و لم نفكر بالركوع لأحد إلا الله و لم ننحني إلا للآباء و الأمهات .
أصبحنا بعد أوسلو و بعد الانقسام نعاني من ثلاثة سجون واحد لغزة و الثاني لرام الله و الثالث سجن الاحتلال الأكبر الذي يمارس قهره على الجميع بصفته الغاصب و المحتل الذي أخذ كثيرا من الراحة حين وفَّرت أوسلو عليه الجهد الأكبر حين أخذنا دور التعذيب و حرمان أنفسنا من إنسانيتنا بحجة التأديب لمن ضل عن الطريق مع أننا جميعا ضالون بقبولنا أوسلو و العرب هم الأضَّل بعد أن جرَّتهم أمريكا علنا إلى مدريد.
معظم الطيور ترقد في المتوسط على بيضها ثلاثة أسابيع ليفقس و يؤتي صيصانه, أما أن يرقد المفاوض الفلسطيني على بيضة المكدَّس في ملفات التفاوض أكثر من عشرين سنة و لم يفقس فهذا يعني إما أن يكون البيض غير ملقَّح أو أن المفاوض ( أصلا ) لا يرقد و يسوِّف في قصة الرقود لأنه ليس أهل لها , أو أنه يرقد على مؤامرة و خيانة أكبر من عقليته و إعاقته التفاوضيَّة !!

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى