بقلم د محمد عبد الخالق
تحدد أسعار الغاز الطبيعي بناءاً على حجم العرض والطلب في السوق. ونظرا لوجود بدائل محدودة للغاز الطبيعي كوقود للتدفئة في المنازل وتوليد الكهرباء خلال فترات ذروة الطلب، فإن التغيرات في العرض أو الطلب خلال فترة قصيرة قد تؤدي إلى تغيرات كبيرة في الأسعار، وغالبا ما تعمل الأسعار نفسها كعامل رئيسي في تحقيق التوازن بين العرض والطلب.
هناك العديد من الأسواق في العالم فيها يتم بيع وشراء الغاز الطبيعي، وكل سوق لديه أسعاره الخاصة وطرق وعوامل تحديد السعر التي يمكن أن تختلف من سوق إلى آخر. فأسعار الغاز الطبيعي في أوربا ليس هي بالضرورة المطبقة في الولايات المتحدة الأمريكية.
كما يمكن تداول الغاز الطبيعي عبر شركات الوساطة لتداول السلع، التي توفر خدماتها عبر الانترنت لأغلب الأسواق العالمية عبر منصات تداول خاصة، مثل منصة شركة UFX (يو اف اكس) لتداول السلع.
وتشمل العوامل من حيث المعروض والإمدادات التي تؤثر على أسعار الغاز الطبيعي، حجم الانتاج وصافي الواردات من الخارج، ومستويات الاحتياطات والمخزون.
وتؤدي الزيادة في الإمدادات والعرض إلى انخفاض الأسعار، في حين أن الانخفاض في العرض يميل إلى دفع الأسعار إلى الارتفاع.
وتؤدي ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي إلى تشجيع الإنتاج والواردات وأيضا المبيعات من احتياطات المخزون، أما انخفاض الأسعار فيحدث العكس.
أما من جانب العوامل التي تؤثر على الطلب، فنجد حالة الطقس (درجات الحرارة)، والظروف الاقتصادية، وأسعار النفط.
ويؤدي الطقس البارد (درجات الحرارة المنخفضة) إلى زيادة الطلب على التدفئة، في حين أن الطقس الحار (ارتفاع درجات الحرارة) يزيد من الطلب على التبريد، مما يزيد الطلب على الغاز الطبيعي من محطات الطاقة الكهربائية.
الظروف الاقتصادية تؤثر على الطلب على الغاز الطبيعي، وخاصة من قبل الشركات والمصانع، ويرتبط الطلب على الغاز الطبيعي بأسعار الوقود المستخرج من النفط الخام، الذي قد يكون بديلا اقتصادياً للغاز الطبيعي لتشغيل مولدات الطاقة، والمصانع، والمباني الكبيرة.
ويؤدي ارتفاع الطلب إلى ارتفاع الأسعار، في حين أن انخفاض الطلب يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الأسعار. كما أن الارتفاع والانخفاض في الأسعار يميل إلى تقليل الطلب أو زيادته.
الطقس:
الطقس الشتوي يؤثر بقوة على الطلب المنزلي والتجاري، وخلال الأشهر الباردة، يزيد الطلب على الغاز الطبيعي للتدفئة، وهذا ما يخلق ضغطا تصاعديا على الأسعار.
وإذا زادت برودة الطقس بشكل مفاجئ ولفترة زمنية أطول من المعتاد، فإن التأثير على الأسعار يشتد بسبب عدم قدرة العرض على الاستجابة بسرعة للزيادات القصيرة في الطلب. وقد يكون تأثير الطقس على أسعار الغاز الطبيعي أكبر إذا كان نظام نقل الغاز الطبيعي يعمل بالفعل بكامل طاقته.
وقد تساعد إمدادات الغاز الطبيعي من مخزونات الاستراتيجية على تخفيف من أثر ارتفاع الطلب أثناء الطقس البارد.
ويمكن أن يكون لدرجات الحرارة المرتفعة في الصيف تأثيرات مباشرة وغير مباشرة تمتد حتى فصل الشتاء على أسعار الغاز الطبيعي. وتزيد درجات الحرارة الدافئة من الطلب على تكييف الهواء، وهو ما يزيد عموما من الطلب على الغاز الطبيعي.
وخلال فترات الطلب المرتفعة، قد تزداد أسعار الغاز الطبيعي في السوق الفورية زيادة حادة إذا كانت مصادر إمدادات الغاز الطبيعي منخفضة نسبيا أو مقيدة. وقد تؤدي الزيادات في استهلاك الغاز الطبيعي من قبل قطاع الطاقة الكهربائية خلال فصل الصيف إلى تخفيض حجم الغاز الطبيعي الموجه لتخزين الاحتياطي الموجه للاستعمال في فصل الشتاء، مما قد يؤثر على الأسعار.
ويمكن أن تؤثر الأعاصير وغيرها من الأحوال الجوية القاسية على إمدادات الغاز الطبيعي. على سبيل المثال، في صيف عام 2005، أغلقت الأعاصير على طول ساحل الخليج الأمريكي نحو 4٪ من إجمالي إنتاج الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي بين أغسطس / آب 2005 ويونيو / حزيران 2006. وفي فصل الشتاء، ينخفض إمدادات الغاز الطبيعي في بعض الأحيان مؤقتا بسبب مشاكل الإنتاج المرتبطة بالطقس البارد.
النمو الاقتصادي:
قوة الاقتصاد تؤثر على أسواق الغاز الطبيعي. وخلال فترات النمو الاقتصادي، قد تؤدي زيادة الطلب على السلع والخدمات من القطاعين التجاري والصناعي إلى زيادة استهلاك الغاز الطبيعي. ويمكن أن تكون الزيادات ذات الصلة بالاقتصاد في الاستهلاك قوية بوجه خاص في القطاع الصناعي الذي يستخدم الغاز الطبيعي كوقود ومواد أولية لصنع العديد من المنتجات مثل الأسمدة والمستحضرات الصيدلانية.
أسعار بدائل الغاز الطبيعي:
يمكن لبعض مستهلكي الوقود الكبار مثل محطات انتاج الكهرباء ومصانع الحديد الصلب ومطاحن ورق التبديل بين الغاز الطبيعي والفحم والنفط، اعتمادا على تكلفة كل وقود. فعندما تنخفض تكلفة الوقود الآخر، قد ينخفض الطلب على الغاز الطبيعي، مما قد يقلل من أسعار الغاز الطبيعي. فعندما ترتفع تكلفة الوقود المتنافس مقارنة بتكلفة الغاز الطبيعي، قد يؤدي التحول من الوقود إلى الغاز الطبيعي إلى زيادة الطلب على الغاز الطبيعي وأسعاره. في عام 2016 في الولايات المتحدة، ولأول مرة يتم توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي أكثر منه من الفحم الحجري، وكان الغاز الطبيعي أكبر مصدر لتوليد الكهرباء بشكل عام.