غزة / طارق جميل حمديه
باتت الهجرة حلم يراود العديد من شباب قطاع غزة ويفكرون بها ، حتى وإن كانت بشكلٍ غير شرعي أو غير آمن، الأمر الذي جعلهم يجازفون بحياتهم ويٌعرضون أنفسهم للموت ، إضافةً إلى إهدار مبالغ ماليه طائله من أجل ترك قطاع غزة .
وبدأت فكرة الهجرة تراود شباب غزة بشكل كبير وتقتحم عقولهم عقب انتهاء العدوان الأخير على قطاع غزة صيف العام 2014 ، واستشراء البطالة، وانتشار الفقر، وعدم الحصول على فرص عمل للخريجين من الجامعات، بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ قرابه العشرة سنوات .
ويعتقد الشباب الراغبون في الهجرة من قطاع غزة أن ظروف المعيشة في بلاد الغرب لاسيما أوروبا وبلجيكا علي وجه التحديد ستكون أفضل بكثير من الحياه في القطاع ، وإن العمل متوفر بشكل كبير وينتظر وصولهم ، لكن من سبقهم إلي هناك يعارضهم هذا الاعتقاد ويخالفهم القول .
بلال شاهين وسليمان فايز شابين من القطاع هاجرا في ظروف صعبه واستثنائية ، وجها نصيحتهما لكل شخص يبحث عن الهجرة بأن يتوقف لصعوبة الغربة وعدم التأقلم معها ومساوئها الكثيرة والتي لا يحتملها البعض .
و يوجها رساله للراغبين في الهجرة وترك غزة مفادها ” لاتدع عمرك يذهب ثمناً للأحلام التي تراودك ”
فيما لايزال سليمان بانتظار إجراءات السفر لزوجته وأطفاله الذين تركهم في غزة منذ ثلاثة سنوات من أجل الوصول اليه عبر جمع الشمل ، رغم إدراكه أن هذه القضية قد تأخذ وقتاً طويلاً .
وشهد قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي هجرة عدداً من الشباب تجاه بعض الدول الأوروبية ، حيث تتم إجراءات الهجرة بدفع مبلغ من المال لشخص يتكفل بإخراجهم عبر الأنفاق الأرضية على الحدود الجنوبية التي تربط القطاع مع مصر في ذاك الوقت ، ومن ثم الهرب عبر قوارب من شواطئ الإسكندرية باتجاه إيطاليا التي تعتبر المحطة الأولي .
فيما يختلف الحال اليوم ليهاجر الشباب من معبر رفح البري بحجج مختلفة منها العلاج والتعليم ويدفعون أموال قد تصل إلي ثلاثة ألاف دولار أمريكي لمنسقين من أجل إدراج أسمائهم في الكشوفات المصرية ، لتتم تلك التسهيلات بعيداً عن عيون الحكومة وصناع القرار في قطاع غزة .
مدير العلاقات العامة والإعلام في هيئه المعابر والحدور محمد فوزي ناصر يؤكد أن التسجيل للسفر في مجمع أبو خضره الحكومي فقط للحالات الإنسانية والتي يندرج تحتها المرضي شريطه أن يمتلكون تحويلات طبيه ومن ثم الطلبة الحاصلين علي ” فيزه الطالب “وورقه القبول الجامعي الأصلية كي لا يتم التلاعب في هذه الاوراق ، إضافة الي أصحاب الإقامات وجوزات السفر المصرية والأجنبية ، مؤكداً علي عدم تسجيل أي مواطن تحت بند الهجرة أو ما يخالف الحالات الإنسانية .
وعلي الرٌغم من الخطر الكبير الذي يٌحدق بالمهاجرين وقد يؤدي بحياتهم الي الهلاك في بعض الأحيان ، يروي شاهين وفايز تعرضهما لإطلاق النار ومحاولات سارقه أموالهم وما يحملونه من متاع للسفر مرات عديده كغيرهم مما يتعرض له المهاجرين ، ناهيك عن الابتزازات الكثيرة والتي مختصرها ” أن لم تدفع لنا فسيتم قتلك ” .
ويؤكدا ” بلال وسليمان ” بأنه يشرف على عملية الهجرة غير الشرعية مهربين “نصابين محترفين” هدفهم الوحيد هو سرقة ما يملكه ذلك المهاجر بعد لمسهم لإصراره على هذا الطلب ، والذي يضطر للخروج من بلده لأسباب اقتصادية وسوء الأوضاع في مجملها وربما سياسية في بعض الأحيان .
ونادراً ما تؤدي الهجرة “غير الشرعية” الهدف المنشود منها بعد طول عذاب ورحلة كبيرة يخوضها المهاجر تحيطها المخاطر والصعوبات ، قد تكلفه حياته وتحرمه أمواله ، عدا عن ذلك الوقت الذي يقضيه في الطرقات وهو يهرب من طريق إلي أخر ويتحول إلى سلعة رخيصة بين أيدي المهربين .
وعلي الوجه الأخر يقضي الشاب الغزي باسل عدوان 22 عام معظم يومه بالتفكير في كيفيه الهجرة من القطاع أو الوصول لاحد المهربين لمساعدته في تحقيق هدفه دون أي اعتبار للتجارب التي مرت أمامه والتي كان أبرزها إغراق سفينه السادس من سبتمبر عام 2014 والقصص التي يرويها من خاضها قبله .
فيما لم تقتصر فكره الهجرة علي الشبان فقط بل توسعت لتشمل عدد من الفتيات اللواتي يرغبن في ذلك اليوم وقبل غداً .
فاطمه صبري ودعاء رمضان فتاتان من القطاع في منتصف العشرينيات من العمر يحاولن وبكل قوه ترك القطاع مهاجرين الي دول الاتحاد الأوروبي .
ويتواصلن ” فاطمه ودعاء ” مع العديد من الأصدقاء والأقارب خارج حدود الوطن لمساعدتهن في ذلك .
حاولنا خلال رحله العمل إجراء بعض الأسئلة علي عينه عشوائية لعدد من الراغبين في الهجرة فتبين لنا العديد من النتائج والتي كان أبرزها، افتقار المهاجرين لأقل المعلومات عن الدول التي يرغبون الهجرة إليها مثل جغرافيا المكان ومناخها ، والعملة المتداولة أو حتى المسافات والطرق والمدة الزمنية التي سيقطعونها من أجل الوصول إليها ، وما لمسناه فيهم هو فكره الهجرة فقط لا غير دون النظر الي أبعادها ونتائجها التي كانت في غالب الأحيان ذات مردود عكسي .
وبرغم كل ما يسمع ويقرأ أو يدون علي صفحات مواقع التواصل الاجتماعي من تجارب وحكايات للمهاجرين تتمثل في إهدار الأموال والمخاطرة بالأرواح وصعوبة الحياه بل ضنكها في بلاد الغرب ،لايزال عدد من الشبان في قطاع غزة يحاولون حتي اللحظة تخطي المرحلة الأولي من طريق الهجرة وهي اجتياز بوابه معبر رفح الحدودي باحثين عن المنسقين أو مكاتب غير ظاهره للعيان بعملها من أجل تمكينهم في تحقيق هدفهم
0 738 3 دقائق