شعرت ‘ تمني ” بأنها أصبحت علي مشارف تحقيق الحلم، الذي عاشت تتمناه ، الحلم الذي بات قريبا ،كنسمه هواء تداعب وجه طالما عاني الألم فتمنحه قليلا من السعاده ..ولكن كان يؤرقها محاولات ”منذر ” المستميته للتقرب منها ،فهو لا يدع أي فرصه للحديث معها عن أي شيء، والاتصال بها للتحجج بالسؤال عن أي شيء ..استطاع أن يفرض وجوده داخل أسوار القلعه الحصينه التي عاشت بها سنوات كثيره ..لكنها دائما ما كانت تراه بعيدا عنها … فليس هو من تتمني ..ليس هو فارسها الذي عاشت تنتظره .. تقارن بين حكاياته عن علاقاته ونزواته التي لا يعلم عددها ،ونظرات التباهي بعينيه، وهو يسرد ذلك بلا حياء ولا أي شعور بالندم، وبين تلك النظره التي تراها في عين والدها وهو يصلي وخلفه ولديها الصغيرين …بين صوت والدها الذي يأتيها عقب أذان الفجر كل يوم ، وصوت ” منذر” حينما يحادثها أحيانا متحججا كعادته، وهو مخمورا يهذي بكلمات لا معني لها …وبدأت تشعر بمحاولاته لجذبها لذلك العالم الذي لم تعتاده ولم تتمني يوما ان تخطو إليه ، مما جعلها تشعر بمزيد من القلق بل و الخوف أيضا .
جاءها صوت والدها وهو يضحك مع طفليها، ويحملهما فوق ظهره كعادته، وهما يضحكان لدرجه البكاء، فابتسمت في هدوء، وذهبت إليهم ثم جلست ،وكأنها تريد أن تسترجع معه ذكريات الطفوله التي عاشتها، وربما أرادت إيقاف عقلها قليلا ، فقد بات ينهكها ويؤلمها كثيرا .
نظر إليها والدها ، وهو يجلس امامها متعبا، جراء اللعب مع طفليها، اللذان سرعان ما ارتميا بين ذراعيها ضاحكين، وكأنهما يكملان اللعب بين تلك الذراعين الحانين.
بادرها بالسؤال عن أحوال العمل داخل القناه وعن ” ندي ” وأخبرها بسعادته لنجاح الحلقات الأولي من البرنامج ،وتمنى لها ولرفيقتها النجاح ثم نظر إليها ،وهو يرتشف كوبا من الشاي صنعته له والدتها، التي جاءت من الداخل لتجلس وبيديها جريده يوميه تقرأ ما بها من أخبار .
شعرت ”ندي ” أنه يخشي أن يحادثها في أمر يشغله، خوفا من غضبها، فسألته دون تردد عما يخفيه ويظهر من خلال نظراته ..التي تحمل الحيره والتردد، فأجابها عن رغبه ”حاتم ” ابن شقيقه الذي توفيت زوجته منذ عدة سنوات بالزواج منها ،وأضاف إلي حديثه التأكيد بأن هذا الأمر يعود إليها ،ولها حريه الموافقه أو الرفض.
نظرت إليه ودون أن تنطق توجهت الي تلك النافذه القريبه لتفتحها، نظرت الي أعلي، وكأنها تناجي الله فقط، وكأنها تشكو إليه كل هذه الحيره التي باتت تؤرقها وتذهب عنها أي رغبه خالصه في النوم ..افاقها من صمتها ايدي والدتها الحانيه ،التي تركت الجريده بعد ان تظاهرت بقراءتها لفتره من الوقت ، لتربت علي كتفيها بحنان وهي تبتسم، ثم تجذبها إليها في عناق، أرادت ”تمني” أن يستمر، وكأنها تهرب بداخله من كل شيء يخيفها ومن كل شيء يتعبها.
وفي الصباح ذهبت إلي الجامعه، وشاهدت الدكتور ”سامي ” يقف مع بعض الطلاب كعادته، ولكنه لم يحاول الإلتفات إليها ، وبعد إنتهاء المحاضره أرادت أن تتحدث إليه ،ولكنه انصرف بسرعه تاركا لها مزيدا من الحيره فلم تعد تفهم ذلك الرجل ..ولا تفهم في ماذا يفكر أو يريد ..تراه يقترب إلي الحد الذي يشعرها أنها داخل عالمه ..ثم يبتعد كعادته تاركا روحها عالقه بين ما تراه وما ترفض تصديقه.
وبعد إنتهاء المحاضرات ،اتجهت إلي مقر القناه برفقه ”ندي ” ، لإعداد حلقه البرنامج الجديده، وداخل مكتب مدير القناه ، كان يجلس دكتور ”سامي ” يحتسي معه فنجانا من القهوه، أثارت المفاجاه الفتاتين رغم علمهما السابق بتعاقد دكتور ”سامي ” مع القناه، لتقديم برنامجه الحواري الجديد ، نظر ”سامي ” في دهشة إليهما، ثم صافحهما بابتسامه باهته…وبعد لحظات من الصمت قطعه صوت ” منذر” الذي دخل إلي الغرفه وهو يضحك بطريقته الغريبه ويداعب الجميع في محاوله إضافه طابعا من المرح علي شخصيته التي تحمل المزيد من الغرابه والغموض.
شعرت ”تمني ” بمحاولات ”منذر” الغير مألوفه للضحك والحديث معها أمام الجميع، مما أثار انتباه ”ندي ” و”عادل ” وكأنهما أدركا شعور ”منذر ” الغريب بالغيره تجاه دكتور ”سامي” أو محاوله جعله يشعر بوجود علاقه تربطه و”تمنى” .
وغادر الجميع مكتب مدير القناه ليذهب كل منهم إلي مكان التصوير الخاص ببرنامجه وعند الخروج من باب الغرفه شعرت ” تمني ” ان دكتور ”سامي ” يحاول جاهدا ألا ينظر إليها وكأنه يحاول تجاهلها بكل ما أمتلك من قوه في حين ازدادت محاولات ”منذر” الذي بذل كل ما يملك من جهد ليجعل الجميع يلتفت إليه والي طريقته الغريبه في التعامل مع ”تمني ” وكأنه أراد إعلان أن هذه المرأه أصبحت داخل عالمه هو فقط ،مما أصاب ”تمني ” بحاله من الصمت الغريب ،وتمنت أن ينتهي التصوير حتي تعود الي المنزل بسرعه لينتهي كل هذا وتنعم ببعض الهدوء الذي بات مطلبها الوحيد .
عادت إلي منزلها وهي تدعو الله أن تنتهي هذه الليله دون مزيدا من العناء فقد شعرت أنها اكتفت وحملت من الحيره ما يجعلها تريد الفرار إلي نفسها فقط ..ذهبت إلي غرفتها…أدارت مقطوعه من الموسيقي الهادئه ولكن أخرجها من هذا الهدوء صوت رنين الهاتف الذي أسرعت لتلتقطه، ليأتيها صوت ”منذر ” وهو يصيح بطريقته التي تتشابه مع بعض معلقي مباريات كره القدم …وهو يعرض عليها الزواج ويكمل عرضه المفاجيء بكلمه.. الآن.
أصابها الذهول والصمت فصمتت لدقائق وهي تحاول التأكد مما سمعته… ثم سألته عما قال .. فاعاد عليها رغبته في الزواج منها ولكنه كرر مره اخري كلمته الغريبه …الآن…مما جعلها تتساءل في دهشة ماذا يعني بكلمه الآن…
فأجابها في رغبته في أن يأتي إلي والدها ومعه المأذون ليتزوجها…مما جعلها ودون أن تشعر تصيح به أنه مخمورا ، ولا يدري بماذا يهذي وطلبت منه الا يعاود الإتصال بها في هذه الحاله مره أخرى … وأغلقت الهاتف والموسيقى، وذهبت إلي فراشها محاوله استجداء النوم وافاقت علي صوت والدتها تقف بجانبها لتخبرها بضرورة إرتداء ملابسها سريعا لمقابلة بعض الضيوف …
وتتوالي الاحداث في الحلقات القادمه من ”تمني ”.
0 303 4 دقائق