بعد أن أغلقت ”تمني ” الهاتف مع ”منذر” الذي بدأ لها في حاله غريبه وعرضه المفاجيء للزواج منها.. تمنت أن تخلد إلي النوم لبعض الوقت، ولكنها ما أن استلقت بجسدها المتعب إلي درجه الإعياء ،حتي افاقها صوت والدتها تقف بجوارها، وهي تطلب منها سرعه إرتداء ملابسها لمقابلة بعض الضيوف ..ارتدت سريعا ملابسها لتخرج إلي غرفه الضيوف…. لتجد أمامها زميل الدراسه السابق ”حازم الحديدي ”، الذي جاء بصحبه والده دون التحدث معها، ودون إنتظار سماع الرد الذي تأخر كثيرا واعتقدت ”تمني ” ان ”حازم ” قد أدرك رفضها لعرضه بطريقه انيقه.
جلست ”تمني ” دون أن تنطق بكلمه، أما ” حازم ” كان يتحدث ويضحك وكأنه علي يقين من موافقه ”تمني ” ووالديها، متظاهرا بأنه أصبح فردا من أفراد العائله، مما أثار دهشة والدها ووالدتها ،اللتان تبادلا النظرات معها في محاوله لفهم ماذا يحدث !ولكن دهشة ”تمني ” و صمتها جعل الجميع في حاله من عدم الفهم لما يجري أمامهم .
وفشلت محاولات ”حازم ” لجذب ”تمني ” إلي أي حوار من أي نوع، فقد كان هناك هاجس يشغلها أكثر ويجعلها تفكر ماذا لو صدق ”منذر” وجاء الآن بحالته الغريبه وهو مخمور ليعرض عليها الزواج في وجود ”حازم” ووالده، وشعرت بدوار وكأنها تشاهد فيلما سينمائيا لا يصدقه أحد …
وانصرف ”حازم ” ووالده بعد أن تحدث إلي والديها برغبته في الزواج منها وتحدث عن وضعه المادي وزيجته السابقه، وكل شيء عن حياته وودعه والداها علي أمل الرد عليه في أقرب فرصه، ولكنه رمقها وهو يتجه إلي باب الخروج بنظره يملؤها التساؤل لصمتها الغريب طيلة فتره تواجده هو ووالده .
أرادت ”تمني ” الذهاب سريعا إلي غرفتها بعد أن أخبرت والديها برجاء وتوسل لتأجيل الحديث في هذا الأمر لاحقا .
واسرعت إلي غرفتها وهي تتمني أن تنام ،لتنهي هذه الليله الغريبه ،ولكن لا تأتي الرياح غالبا بما تشتهي السفن فقد دق جرس الهاتف لتجد محدثها الدكتور ”سامي ” ،الذى طلب المقابله لأمر هام في الصباح…وقد شعرت بشعور قد افتقدته وقتا طويلا ..الشعور بالرغبه في مرور الساعات بسرعه لمقابلة من تحب .
وفي الصباح ارتدت أجمل ملابسها وهي تفكر في ماذا يريد منها، وكيف ستكون المقابله وتوجهت إلي مكان اللقاء، وانتظرته حتي ظهر امامها، ودعاها إلي ركوب السياره، وهو يبتسم في سعاده ..جلست بجواره وهو يقود السياره ويجوب معها شوارع القاهره ،وهو يحكي لها ويسرد عليها الكثير من الحكايات والأسرار، التي لم يعرفها أحد عنه من حكايات الحب والإعجاب وغيرها كانت تضحك في سعاده وكان هو يسرق من حين لآخر بعض النظرات إلي عينيها، وكأنه يسعد برؤية هذه الضحكات التي تحمل معني السعاده بداخلهما ..ضحكات انثي تخبر رجل تحبه أنها لا تحبه فقط…بل إنها تعشقه.
دعاها إلي الغداء وأمام إصراره وشعورها إلي احتياجه إلي تناول الدواء، الذى لم تكن تعرف تحديدا ما هو.. ولم تحاول أن تسأله أيضا فهي ليست كائنا فضوليا بطبعها…وتناولا معا الغداء…كان يتحدث ويضحك وينظر إليها ..كانت تتمني أن يصارحها بما تشعر ..ولكنه لم يتحدث عن أي شيء غير بعض حكايات عن حياته السابقه والحالية ..وودعها في سعاده واهتمام وتركته وهي تتمني الا تتركه ابدا ..وعادت إلي المنزل سعيده . .تشعر إنها قد وصلت إلي عنان السماء فقد شعرت اليوم أنه يحبها، وأنها أصبحت شخصا هاما جدا لديه، حتي انه كان يعيد بعض كلمات لها بنفس طريقتها في الحوار ضاحكا ..فهي تدرك أن عندما تكرر مرادفات شخصا آخر فهو بالطبع قد استأثر علي جزء كبير من عقلك وقلبك بلا أدني شك .
واسرعت إلي جهاز الحاسوب لتكتب له رساله بأنها قد عادت إلي المنزل سعيده وشكرته كثيرا علي هذا اليوم الذي اعتبرته من اجمل أيامها .. وفي الصباح أرادت أن ترسل له رساله تحمل باقه من الورود ليشاهدها قبل الذهاب الي عمله ..وانتظرت أن تري الرد ولكن لم تري أي رد …ارتدت ملابسها واسرعت إلي الجامعه وقابلت ”ندي ”، واصطحبتها إلي قاعه الدرس، حيث محاضره الدكتور ”سامي ” وبعد إنتهاء المحاضره …خرج الطلاب للوقوف معه كعادتهم وانضمت الفتاتان إلي الجمع ،ولكنها شعرت بذلك الشعور الذي بدأ يخيفها.. وكأنها تتعامل مع رجل يحمل شخصيتين. ..تعمد تجاهل النظر إليها تماما ..وتحدث إلي الطلاب بطريقه مختلفه تحمل بعض من التعالي الذي لم يتضح في حواراته معهم من قبل وانصرف مسرعا إلي سيارته.
أسرعت إلي المنزل لتناول الغدا والراحه لبعض الوقت ثم الذهاب الي القناه لتصوير حلقه جديده من البرنامج ولكنها شعرت أنها تريد أن تفهم لماذا يفعل هذا الرجل بها ما يفعل .. يقربها وقت أن يشاء ويبعدها وقت أن يريد ..شعرت أن الأمر يبدو غريبا وغير مفهوما ودون شعور امتدت يدها إلي الهاتف لتطلب رقمه ويأتي صوته حاملا إليها ما لم تصدق وما لا تحلم بسماعه.
ما أن سألته عن محاولات تجاهلها وهل يوجد ما اغضبه منها حتي صاح بها قائلا إن طريقتها في الحياه تختلف عن طريقه تفكيره !
وان رؤيتها للأمور تختلف عن رؤيته، وان هناك فارقا في السن لا يستطيع نسيانه،وأنه حاول التجاوب معها وان يكون رقيقا كثيرا ،ولكنه يريد الآن إنهاء هذا الأمر، وان تبتعد عن حياته .
شعرت أنها تسمع إنسانا آخر وكأن هذا الرجل يحمل شخصيتين مختلفتين تماما ..فكثيرا ما سمعت عن حالات الازدواجية ،ولكنها لم تراها كما رأتها بوضوح الآن ..أنهت الحديث وهي لا تصدق ما سمعته وتسألت، هل هذا هو الرجل الذي كان يجلس من ساعات أمامها كالطفل الذي وجد امه بعد عناء من البحث !هل هذا هو الرجل الذي احتضنها بعينيه وقلبه وهو يحدثها عن كل شيء قد مر به وأدق أسراره الشخصيه التي لم يعلمها أحد ..هل هذا هو !أم أنه اثنين ..وقررت أن هذا الرجل قد انتهي من حياتها وللابد فقد كانت كلماته بمثابة طرقات علي رأسها افقدتها التوازن. .جعلتها تتساءل في دهشة كيف يمكن لإنسان أن يجمع بين الحب والكره ..الطيبه والشر ..التواضع والغرور. .كيف يمكن لإنسان يتحدث دائما عن الخير وينتقد كل أوجه الشر، أن يجعل من إنسان لم يخطيء في حقه ولم يقدم إليه أي إساءة” دميه ” يلهو بها حينما يريد ويقذفها من أعلي حينما يشعر أنها لم تعد تناسبه ..شعرت أنها بالفعل قد أخطأت التقدير …قد قدمت الحب لمن لا يستحق ولن يستحق ..بكت واغرقت الدموع عينيها..ولكنها قررت أن هذا الرجل لم يعد له مكانا داخل عقلها وقلبها فقد سقط من نظرها كما تمنت أن تسقط كل ذكري له من داخل عقلها ولكنها رددت بداخلها لن اسامحه حتي آخر عمري ..لن اغفر لإنسان أساء إلي انسانيتي. .تلاعب بمشاعر إنسان لم يقدم له سوى الخير ..بكت كثيرا ليس من أجله ولكن من أجل وهما عاشته ..من أجل شعور لم تشعره يوما تجاه أحدا غيره ..
إلي اللقاء في الحلقه الاخيره من ”تمني ”
0 247 4 دقائق