الحب والموت وما بينهما

 

بقلم: د.محمود التطاوي جراح القلب واستاذ مساعد بجامعه
كمبردج
هل من ارتباط بين الحبّ والموت؟ ألا يعني الحبّ بالنسبة للمحبّ حياة بل يعنى له الموت أيضا ف عندما تعشق الروح الروح حرفيا يكون البعد هو الموت حيا وهنا يكمن السر فكيف يمكن أن تتحوّل من حب الحياة إلى طريق للخيبة والكآبة والموت؟ نعم فالحب هو هالة الروح وسر وجودها نعم الحب هو الوجودية وبدونه تفقد الروح هويتها ألا تتكرّر كثيراً حكايات عن عشّاق أودى بهم الحبّ إلى الموت، أو أقعدهم عن الاستمرار في الحياة بصيغتها المفترضة فباتوا أحياء كالأموات؟ هل الحبّ عصيّ على التوصيف كالموت إلى درجة أنّه لم يبق كاتب أو فنّان إلّا وحاول مقاربته وتقديم تصوّره عنه؟ هل هناك تعالق بين الحبّ والموت؟ أو الحبّ وسر الحياة؟

يظلّ الحبّ كالموت من الأسرار التي يجدّ الأدباء والمفكرّون للبحث عن مقاربات وتوصيفات له، من دون أن يكون هناك قطع بتقييد معيّن، لذا يظلّ منفتحاً على الاجتهادات، يستدرج إلى رحابه السائرين في عوالم البحث عن اكتشافاتهم المتفرّدة المنشودة.

هناك رواية استغرقتنى ل الألماني باتريك زوسكيند اسمها “عن الحب والموت” عن مفارقة متمثّلة في أسطورة أورفيوس عن علاقة الحب بالموت، ومسعى أورفيوس لاستعادة حبيبته من عالم الموت، وخيبته ونكبته بعد ذلك، وعدم قدرته على التغلب على الموت، ووقوعه في فخ اليأس والكآبة وتخليه عن متع الحياة، ولا سيما عشق النساء. لان بموت حبيبته ماتت كل النساء في نظره واسطورة أورفيوس ما زالت تلامسنا حتى اليوم، لأن بعد الحبيب او موته سواء تعنى حرفيا الإخفاق في الحياة. وأن المحاولة الرائعة للتوفيق بين القوتين الأوليين الغامضتين في حياة البشرية؛ الحب والموت، وتحريك الأعنف منهما على الأقل لتسوية بسيطة أخفقت في النهاية.

انطلق زوسكيند في كتابه من توصيف القديس أوغسطين للزمن: “إن لم يسألني أحد عن الزمن فإني عند ذلك أعرفه، أما إن سألني عنه أحدهم، وأنا أود شرحه، فإني عندها لا أعرفه”. واجد أن ما يقوله أوغسطين عن الزمن يسري بالدرجة نفسها على الحب. وأنه كلما استغرقنا في الحب ، يبدو الزمن أكثر بداهة، ويزداد الشعور بقيمة الوقت حالما نمعن التفكير في من نحب ونغوص فيه فالوقت بالنسبة للمحب هو الوقت فى وجود حبيبه فقط .

انه الربط بين الحب والموت كخيط حياة فاصل بين عالمين يبدوان متنافرين ظاهراً، أو مفهومين متباعدين، في الوقت الذي يكون أحدهما بالنسبة للمسكونين به درباً مفضياً إلى الآخر، ومجمّلاً له، ما قد يعني للمحبّ أنّه يتحدّى الموت طالما أنّه يتشبّث بحبّه، وأنّه على النقيض حين يفقد حبّه، فإنّه يعشق الموت، لأنّ البعد عن الحبيب أقسى من الموت بالنسبة له.

سيظل الحبّ طرفاً في أيّة ثنائيّة ستظل سر من أسرار الله ..؟ نعم الحب هو سر الله في ارضه هو كالروح تماما لا يعلم بماهيتها سوى الله ::::::
د٠محمود التطاوى

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي الزائر،،يرجى إيقاف حاجب الإعلانات ،، فمساهمتك تعمل على استمرار تقديم خدماتنا