كتبت شيماء نعمان
تعتبر مشكلة الإسكان فى مصر واحدة من أهم وأكبر المشكلات الإجتماعية و الاقتصادية التى ظلت تنمو وتستفحل وتتفاقم خلال الأربعين سنة الماضية للدرجة التى جعلت من هذه المشكلة المزمنة واقعاً مألوفا لدى الجميع وكأنه من بديهيات
الحياة اليومية المصرية ، حيث توالت على هذا الواقع الأليم العديد من الحكومات والوزارات التى تفاوتت فيها طرق المعالجة لهذه المشاكل ما بين تأجيل للملف برمته نظراً للظروف السياسية والاقتصادية التى مرت بها البلاد فى الفترات المضطربة السابقة وما بين المواجهة الحقيقية والمباشرة بدءا بالملفات الأخطر فى هذا المجال كتطوير العشوائيات ونقل المواطنين من الأماكن الأكثر خطورة و التى تشكل خطرا حقيقيا على حياة سكان هذه الأماكن حتى يتم بعدها التفرغ للثقل الأهم والكتلة الرئيسية لمشكلة الإسكان فى مصر ، حيث تتناقض مظاهر هذه المشكلة مابين وفرة المعروض من من الإسكان فوق المتوسط والفاخر بسبب توجه شركات التطوير العقارى إلى هذه الأنماط الإنشائية التى تدر على هذه الشركات أرباح هائلة وخرافية ، وذلك على عكس ندرة وتناقص المعروض من السكن الاقتصادى والمتوسط الذى يلائم أغلب شرائح الشباب والمجتمع نظراً لإنخفاض المقدرة والملاءة المالية لهم
ومن أجل الوصول إلى حل نهائى وجذرى لمشاكل الإسكان فى مصر عموما، فإنه يمكن إتباع الخطوات والإجراءات التى تكفل حل هذه المشكلة فى أسرع وقت ممكن وهى على النحو التالى : –
أولاً / إلزام جميع شركات التطوير العقارى العملاقة و التى تعمل فى مصر بأعداد كبيرة وبحجم تمويل
وإستثمارات ضخمة من أن تخصص نسبة ٦٠% على الأقل من حجم الأراضى التى تحصل عليها من الدولة لإقامة عدد من وحدات الإسكان الإقتصادي والمتوسط بمساحات وبأسعار مختلفة وتصاعدية حتى تتناسب مع حجم المقدرة المالية للشباب الراغب فى تأسيس الأسر الجديدة وحتى لا تتراكم الأعداد المجهزة من وحدات الإسكان فوق المتوسط والفاخر و التى يوجد بها فائض كبير لدى جميع شركات التطوير العقارى وبشرط أن تظل نسبة ٦٠ % من هذا التخصيص مستمرة لمدة تصل إلى نهاية ٢٠٢٥ حتى يمكن لهذه الشركات مستقبلا الإستمرار فى إقامة مشروعاتها الخاصة وإلا يتم سحب الترخيص وسحب الأراضى المخصصة لها مع فرض الغرامات المالية التى تراها الدولة مناسبة لذلك ، وحتى يحدث تكامل بين القطاع الخاص والحكومى ممثلا فى وزارة الإسكان لتوفير السكن الخاص والمناسب لكل أسرة مصرية حسب مقدرتها الشرائية ، حيث يجب على هذه الشركات أن تقوم بدور وطنى فى مجال أعمالها لمساعدة الدولة التى توفر لهم الأراضى المستخدمة فى مشروعاتهم على توفير سكن ملائم لكل المصريين من الأسر الجديدة
ثانياً / إنتقاء واختيار أماكن معينة من قبل الدولة فى المحافظات داخل المدن والقرى بعيدا عن القاهرة وذلك لعمل مشروعات للاسكان الإجتماعى كأستثناء خاص من قانون المبانى الجديد بعد توصيل المرافق إليها ويمكن أيضاً الاستعانة باراضى هيئة
الأوقاف لتوفير المساحات اللازمة لإقامة هذه التجمعات السكانية التى تستغل اقل مساحة ممكنة لإقامة اكبر عدد ممكن من الوحدات السكنية المطلوبة ، وهو ما سيؤدى بدوره إلى تخفيف حمل الوحدات السكنية المطلوبة بالقاهرة إذا علمنا أن أكثر من نصف الموجودين يوميا بالقاهرة ليسوا من سكانها الأصليين بل انهم يعملون فقط بها أو أتوا لمباشرة بعض شئونهم بالمصالح الحكومية فالأفضل إذن أن يتم إتاحة إقامة هذه المساكن قدر الامكان وتوفيرها كذلك بالمدن و المحافظات الأخرى مع عدم التركيز على العاصمة وحدها حتى يكون هناك نوع من التوزيع السكاني المتساوى بين كل المدن المصرية .
ثالثاً / إنشاء نظام الكترونى جديد بمركز المعلومات الخاص برئاسة مركز ومدينة كل مدينة أو حى يقوم بتسجيل وإنشاء ( صحيفة وحدة سكنية إليكترونية ) على أن يشكل فريق العمل بها من( موظفين تابعين للضرائب العقارية مع موظفين آخرين تابعين لقسم الشئون الهندسية برئاسة المركز أو الحى مع موظفين تابعين لقسم الإحصاء ومركز المعلومات ) وذلك حتى لا يتم ترك هذه المهمة بكاملها بيدى موظفى الشئون الهندسية الذى يتصف أحياناً هذا القسم بسوء السمعة لدى معظم المصريين وحتى نضمن الرقابة المتبادلة بين الجميع على الأعمال التى توكل هذه اللجنة للقيام بها و من هذه الأعمال حصر جميع الوحدات السكنية لأى مبنى يتجاوز عدد أدواره ٤ طوابق حتى يمكن إعتباره منشأة مخصصة للسكنى سواء بالايجار أو التمليك كسكن خاص او وحدات إدارية أو مخازن او اى اغراض أخرى .
وعلى أن يكون التسجيل بمبلغ رمزى مناسب ويحدد لكل وحدة عقارية رقم خاص للمبنى بأكمله مع وصف كامل لمساحة كل وحدة وعدد الطوابق وعدد الشقق بالطابق الواحد وحالة هذه الوحدة هل تم تمليكها ام انها مؤجرة وعلى أن يذكر أسماء أطراف عقد البيع والتمليك أو عقد الإيجار كما يثبت أيضاً حالتها إذا كانت خالية وغير مسكونة مع تحديد اليوم الذى يتم إثبات هذه البيانات بموجب محضر اللجنة مع منح أصحاب هذه العقارات المدة التى تحددها الدولة أولا للتسجيل ثم مدة سنة كاملة من تاريخ التسجيل للتصرف فيها من جانب المالك سواء بالبيع أو الإيجار فإذا لم يحدث يتم الزامه بالتأجير على الأقل للراغبين فى الإيجار ولو لمدة سنة طبقا لجدول الإنتظار الذى سيعد أيضاً بمركز المعلومات حتى لا يصبح وضع هذه الوحدات السكنية الشاغرة سبباً فى إهدار الموارد الطبيعية فى الدولة من الحديد والأسمنت وكافة مستلزمات البناء دون طائل او منفعة وذلك بالنظر أيضا إلى أن عدد ليس بقليل من هذه العمارات والابراج قد تم إقامتها من غسيل الأموال .
وإذا كانت بعض هذه الوحدات غير كاملة التشطيب ايا كان موقعها فإنه يمكن من خلال التسجيل توفير بعض راغبى الايجار ذوى القدرة المالية للقيام بنوع التشطيب المناسب مع خصم قيمة التشطيبات من الأجرة لمدة تتراوح بين من ٥ إلى ٧ سنوات حتى يمكن بعدها أن يستلم المالك هذه الوحدة مشطبة وعلى نحو ما أراد هو سابقا دون يضطر السلف او الاقتراض من أحد وبذلك تحقق مصلحة للطرفين المالك والمستاجر مع التخفيف من مشاكل عدم وفرة الوحدات المطلوبة للسكنى .
رابعاً / يمكن لهذا الموقع الكترونى أن يقوم بتقديم خدمات الدعاية والإعلان للوحدات السكنية الواقعة فى نطاقه بمقابل مالى معقول حتى يمكن أن يكون مثل هذه المواقع مرجعا لكل لراغبى التمليك او الإيجار سواء بغرض السكن الخاص او بغرض إقامة مشروع تجارى . ويمكن بعد ذلك أن يكون هذا الموقع هو الأساس فى عملية إثبات الملكية أو تسلسلها للحفاظ على حقوق الغير من الضياع خوفاً من حالات النصب كما حدث لشخصية “شحاتة أبوكف” فى الفيلم الشهير ” غريب فى بيتى ” ويمكن من خلال هذا النظام الإلكتروني أن تكون الدولة على علم بجميع من يسكنون هذه العقارات حتى لا تتسرب للسكنى بينهم اى عناصر إرهابية وحتى يتم تحديد المسؤوليات فى حالة حدوث ذلك .
خامساً / إجراء تعديل على قانون الإيجارات القديمة سىء السمعة( ابو ٥ جنيه فى الشهر ) وكذلك على قانون إمتداد عقد الإيجار للأبناء الذى جعل من أبن المستأجر الذى لا يملك اصلا أفضل حالاً من أبن المالك صاحب العقار أساساً والذى غالباً ما يدور هو الآخر فى دوامة البحث عن سكن خاص لمستقبله الذى حرمه هذا القانون الوضعي الجائر وخراب ذمم الناس من الإستفادة باملاكه كشىء من عجائب سخرية القدر ، ولحل هذه المشكلات معا دون أن يتعرض أحد للظلم فيجب أن يصدر تشريع جديد وبسيط يعالج مثل هذه الثغرات القانونية بأن يتم السماح لمالك العقار إذا كان خاليا من السكان المستأجرين إلا لدواعي العمل بالخارج مثلا بأن يقوم بعمل عدد لا يقل عن ٣ محاضر إثبات حالة بخلو العقار من المستأجرين وبشرط أن يتم عمل المحضر على أرض الواقع وبحضور عدد لا يقل عن ٢ شهود من الجيران على الأقل لإثبات خلو العقار وبشرط مرور مدة بينية بين كل محضر وآخر لا يقل عن شهرين لايجار المحلات التجارية ومدة لا تقل عن ٣ شهور للوحدات السكنية ثم يكون للمالك أن يلجأ إلى ساحة القضاء لطلب فسخ العقد لخلوالعقار من ساكنه الأصلى الذى لا يترك للمالك إلا الجن والعفاريت بهذه الوحدات ثم يلقى له بموجب إنذار عرض كل سنه الإيجار مقدما حتى لا ينفق من بخله وإصراره على الأضرار بالآخرين مبالغ أخرى يذهب بها لدفع الأجرة هى اكبر بأضعاف من الأجرة ذاتها . وذلك ليورث إبنه بالعافية السكن بالإيجار القديم أو ليأخذ خلو رجل بعشرات أو مئات الألوف فى بعض الأحيان ظلما وعدوانا .
سادساً / يجب على الدولة فى زمام المدن الجديدة التى لها إمتدادات تسمح بالتوسع خارجا أن تعمل على على توفير الأراضى بأسعار مناسبة بغرض البناء حتى لا تتحكم فى هذه المساحات شركات تقسيم وبيع الأراضى بعد أن تشتريها هى اولا من الدولة بأسعار زهيدة جداً ثم بيعها بأسعار غالية مما يضطر راغبى البناء للشراء بهذه الأسعار العالية التى تفرض عليهم مما يضطرهم للإنتظار عدة سنوات أخرى ليدخر أموالاً جديدة يكون قادراً بعدها على البدء فى البناء مما يساهم فى تأخير الحلول المتاحة للقضاء على مشاكل توفير السكن المناسب فى أسرع وقت ممكن .
0 17٬387 5 دقائق