لا شك أن اللغه هي الأساس والركيزه لبناء أي حضارة أو ثقافه نشأت وازدهرت في أي زمان و مكان .
اللغه هي الطريقه التي تسهل عملية التفاعل والتواصل بين أفراد اي مجتمع وبدونها لن يكون هناك اي نوع من أنواع التواصل ولا المعرفه بين البشر.
وقد شهدت اللغه تطورات بالغه الأثر وما أكثر اللغات واللهجات التي انتشرت من أجل خدمة رساله واحده ..وهي ”التواصل ” الإنساني ..اللغه هي أساس الحضارات ،أساس التقدم وأساس التدني والتدهور أيضا ،لن اتحدث عما ساهمت فيه اللغات القديمه في بناء وازدهار حضارات عظيمه مثل الفرعونيه والصينيه والفينيقيه و الآشوريه وغيرها ، عقب حقب وعصور تاريخيه متتاليه، ولكن سأتحدث اليوم عن لغه جديده تماما وهي لغه يتحدثها الآن، وللأسف معظم أفراد مجتمعنا المصري الذي يجمع بين عراقه الفراعنه وتاريخ عربي مجيد يمتد إلي آلاف السنين .
لغه العصر والتي اصبحت تباغتنا بشكل يومي بمفردات جديده تضاف إلي قاموسنا المصري الجديد ، تدهش العقل وتحير القلب، وكثيرا ما تصيبنا بالحزن ..بدأت ببعض الكلمات التي اشاعها وللأسف بعض صناع الدراما المصريه، من أجل المكسب المادي السريع وشراء جماهير من طبقتي الأطفال والمراهقين ،فكانت النتيجه ؛ بعض العبارات التي لا معني لها ولا تضيف أي شيء لحضاره اغتيلت علي يد هؤلاء فاصبحنا في زمان ..كبر الجمجمه…واحلق له ..وفكك منه …كله في الهتش .. وللأسف يرددها الجميع بل أصبحت من باب الدعابه بين اغلب طبقات المجتمع ،ولم تعد تقتصر علي طبقه أو فئه دون اخري ،فتجد طلاب المدارس الحكوميه في المناطق الشعبيه وطلاب المدارس الدوليه ”الانترناشيونال ” التي يدفع أولياء الأمور بها دم قلبهم كما يقال ، يرددونها دون فارق بين هذا أو ذاك ، و أصبحنا لا نملك سوي الحسره علي اللغه واللهجه والذوق الذي شاهدناه فيما سبق .. في رقي ملابس النساء وأناقة الرجال في حفلات كوكب الشرق ”أم كلثوم” و ”عبد الحليم ” و”فريد الأطرش ” و نشاهده أيضا ونحن نجلس أمام التلفاز، لمتابعة فيلما من أفلام الأبيض والأسود، فنستمع إلي رقي الحوار وأناقة الفكر والذوق ..فتجد أجمل الثياب و أجمل المنازل ،حتي التي كانت تعبر عن الطبقات الفقيره او المعدمه، تجدها فرشت بذوق يعبر عن سمات هذه الفتره من الاناقه والرقي حتي مع تواضع مقتنياتها وهذا بالطبع ما نفتقده الآن وذهب ولم يعد ..تستمع إلي حوارا بين الأبطال قد كتب بعناية وإختيار وبحث، حتي لو علي لسان بطله تمتهن مهنه متواضعه أو تنتمي إلي طبقه الساقطات أو فتيات الليل في سياق أحداث الفيلم ..لا تستطيع أن تجد لفظا أو مرادفا واحدا تخشي أن يسمعه ابنك أو ابنتك حتي مشاهد الحب والرومانسيه كانت تؤدي بنوع من الحياء والإحترام .
ليت الماضي يعود بذوقه واناقته وإحترام الكبير ومفرداته اللغويه التي اندثرت وذبحت علي يد كثيرين من مثقفي ومعلمي العصر الحديث.. اتمني ان يشعر كل مثقف ومربي وإعلامي وكاتب ومؤلف، بمسؤليه ما يقدم وان يعرف هؤلاء أن الكلمه رساله وسلاح منها ما يقتل ويهدم ومنها ما يبني ويشيد.
0 399 2 دقائق