الشريفة منتهى العربى تكتب التصوف الحق والطريق الى الله

بقلم/ منتهى العربى

الحمد لله ولى المتقين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى اله وأصحابه الطاهرين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ورضى الله تبارك وتعالى عن شيخنا أبوالفتوح العربى شيخ الأكابر وعلى كل من صحبه وراه وعنا بهم امين .
أما بعد
نستكمل ما نتذاكر فيه من مفاهيم وجب كشف النقاب عنها لتكون واضحة للجميع فنقول وعلى الله قصد السبيل.
إن معرفة الطريق إلى الله فرض عين على كل مسلم عاقل لقول الله عزوجل ” فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ” والفرار إلى الله هو ترك الأكوان جملة وتفصيلا على وفق مراد الله والتبرء من الحول والقوة فلا وقوف إلا فى حضرة الله بالله من الله إلى الله.
وفى القران الكريم “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ” يقول حبر الأمة سيدنا عبد الله بن عباس رضى الله عنه أى إلا ليعرفون . وعلى ذلك فإن أول شىء فرضه الله على العباد معرفته عزوجل.
عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبته إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقال له: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا، قال: صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال: أخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان، قال : أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال: فأخبرني عن الساعة، قال: ما المسؤول بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن أماراتها، قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء، يتطاولون في البنيان. ثم انطلق فلبث مليًا، ثم قال: يا عمر، أتدري من السائل، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم.
وعلى ذلك علمنا أمين الوحى أن مقامات الدين ثلاث:
مقام الإسلام – ومقام الإيمان – ومقام الإحسان
إذا فأين التصوف من ديننا الحنيف وما معناه ومتى ظهرت هذه الكلمة وعلى من أطلقت ولماذا أطلقت ؟
الواقع أيها السادة أن كلمة “تصوف” لها دلالة عربية لأن مادة حروفها عربية ” ت – ص – و – ف ” وليست كلمة أعجمية أو هندية كما يزعم البعض بنسبتها إلى مصادر أجنبية فمصدرها عربى أصيل كقول العربى “أعطاه بصوف رقبته مجانا بلا ثمن” من العطاء بلا مقابل وقوله ” صاف السهم عن الهدف” البعد عن الشىء الضار وقوله ” صاف الكبش صوفا” إى كثر صوفه من الكثرة والخير وعلى ذلك فلا يستطيع أحد أن يعرف كلمة التصوف تعريفا جامعا من حيث الإشتقاق اللغوى ,ذلك من حيث اللغة.
متى ظهرت لأول مرة؟ تخبرنا المصادر التاريخية أنها ظهرت مع بداية القرن الثانى الهجرى حين أعلن العالم الكيميائى جابر بن حيان وأبى هاشم البغدادى أنهما تصوفا على يد مولانا الإمام جعفر الصادق رضى الله عنه. وقد ورد عن مولانا الحسن البصرى رضى الله عنه “وهو من كبار التابعين الذين أدركوا كثيرا من الصحابة ومنهم باب المدينة الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه ” أنه قال ” لقيت صوفيا فى الطواف فأعطيته شيئا لم يقبله وقال لى ” ما عندكم ينفد وما عند الله باق”. ذكره النجيبى.
ولقد حاول الكثيرون نسبة تلك الكلمة لمعانى عديدة منها البعيدة عن المعنى ومنها القريبة وحاول البعض من المستشرقين وأغلبهم من الصهاينة اليهود إخراج التصوف والصوفية من الدين أصلا ودع عنك كل الأسماء والمسميات فالأسم لم يطلقوه على أنفسهم إنما أطلق عليهم من الناس والأسم مرتجل وضع للدلالة على معنى بعينه مثل: شمس وقمر.
ولقد سُئل الشبلي: لم سميت الصوفية بهذه التسمية؟ فقال : لبقية بقيت عليهم من نفوسهم، ولولا ذلك لما تعلقت بهم تسمية.
والذى يهمنا فى الأمر ماهو منهاج التصوف:
التصوف هو قوله تعالى “إياك نعبد وإياك نستعين ” مراقبة ومعاينة ومشاهدة مع التبراء من الحول والقوة على وفق ما أراد الله و هو مقام الإحسان فى الدين ” أن تعبد الله كأنك تراه، فإن (لم تكن) تراه فإنه يراك” فتكون كل حركة وسكون ونفس لله بالله إى الوفاء بما أمره الله مع الأدب بين يديه فى كل شىء.
فأهل التصوف الحق يستمدون طريقهم الصوفى من الكتاب والسنة وأحوال الصحابة الأجلاء وإجماع الأمة, فتلك الأمة المحمدية لا تجتمع إلا على الحق.
وكما قالوا ” الطريق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق” فلكل صوفى ذوق وطابع خاص به إلا أنهم جميعهم يسعون إلى هدف واحد ويستمدون من مدد واحد ومشكاة واحدة ألا وهى مشكاة الحضرة المحمدية صلى الله عليه وسلم.
ولقد ظهر الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم فى زمن الجاهلية بين العرب بعد أن سقط عنهم التكليف وصار كالأنعام بل أضل ,فمن زمن سيدنا إسماعيل عليه السلام فلم يبعث فيهم نبى ولا رسول فأكرمهم الله بنور نبينهم فسطعت عليهم أنواره فحررتهم من الظلم والظلمات فلما أظهر شريعته السمحاء عرفوا الحق فاستولى على ظواهرهم وبواطنهم فسلموا الأمر لنبيهم صلى الله عليه وسلم فصاروا كالموتى بين يدىه يقلبهم كيفما شاء وصار مرادهم عين مراده فاختبرهم الحق بالجهاد فى سبيله فكانت دماء أبنائهم وأبائهم من الكفار ألذ وأشهى من العسل المصىفى فى مرضاة الله ونبيهم فانصبغوا بصبغته وامتزجوا به ظاهرا وباطنا واكتسوا بسر نبوته فكانوا نجوم الهدى وفازوا بمقام صحبته حتى قال فيهم
” الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله عز وجل ومن آذى الله يوشك أن يأخذه ”
رواه الإمام أحمد
فكشف عنهم الحجاب وسمعوا لذيذ الخطاب وعلموا أن ذلك من أنوار نبيهم فلم يركنوا لذلك فكانت أحوالهم كحالة الحجاب فاكتفوا بأنوار سيدهم وخدمته وحاشا أن تظهر النجوم والشمس بينهم فلم يظهر أحدهم بالتربية والإرشاد فى وجود الحضرة المحمدية حتى توارت الحضرة المحمدية عن العيون فظهروا بما منحهم السيد الأكرم من صدق عبودية وصفاء الطوية فالبسوا غيرهم من التابعين حلة الأخلاص والصفاء والتبراء من الأغراض الدنيوية والأخروية ثم ألبس التابعين تابعيهم على قدر طاقتهم حتى جاء القرن الرابع وعادت الخلافة ملكا عضوضا واشتغلت القلوب بالحظوظ والشهوات فحزن الوارثون وهم بقية السلف الصالح فاجتمع رأيهم أن يذكروا للناس أحوال الصحابة وانوارهم وفتوحاتهم وقيدوا مناقبهم وأخبروا الناس بأحوالهم كمثل سيدنا على كان يكثر من قول الحمد لله وسيدنا أبوبكر من قول لا إله إلا الله وسيدنا أبوذر فى الزهد والبعد عن الدنيا وغير ذلك من أحوال الصحابة وذكروا أسباب وصولهم واتصالهم فلما سمع الناس ذلك اجتمعوا على كبرائهم فأخذت الشيوخ العهود على من أجتمع بهم أن يسلكوا مسلك الصحابى فلان الذى كان يذكر كذا ويقرأ كذا ويصلى كذا لتصل إلى ما وصلوا ومقصودهم فى ذلك ترقيق حجب قلوبهم وفناء قوتهم فى العبادة حتى لا تجرهم للمعاصى فإذا رأوا منهم من لان قلبه وأخرج الدنيا وحب الشهوات من قلبه أخبروه أن كل ذلك العمل فاسد إنما الغاية أن تعبد الله بلا غرض فالغرض مرض فالطريقة المحمدية أن تعبد الله بلا غرض لا لفتح كونى ولا لأسرار ولا روحانيات ولا مقامات أو درجات أوتصريفات أو تنزلات كونية ولا غير ذلك مما لا يساوى عند الله شىء فلو تفضل الله عليك بربع نفس من المعرفة به لأستحقرت كل ذلك.
وعلى ذلك القصد انتشرت التربية الصوفية حتى زاد الظلم وعم الظلام فى قلوب العامة بانكباب الناس على الشهوات الجلية والخفية وصار رأس مالهم وعزهم عبادة البطن والفرج والحظوظ الدنيوية فكثر المدعين والدجاجلة وأقاموا الزوايا الفاسدة لإقتناص الدنيا والأموال فيقربون من هو أكثر عطاء من أهل الغنى ويبعدون من هو قليل المال والعطاء ويتهمونه بأنه بلا محبة للأجداد والأولاد وإن كان يبكى فى محبة الأجداد عمره كله فصارت الزوايا تقبل هدايا الظالمين والفاسدين لتكون بركة الأجداد معهم وتلك مزبلة أبليس اللعين فقد حصل على غرضه بتخليط القلوب والنوايا والبعد عن الله فقام أئمة العلماء لصد ذلك السم القاتل لقلوب الأمة فأقام الدجاجلة قيامتهم عليهم وأعانهم أبليس اللعين فربما نهش عالما من العلماء فأصابه بخبل أو مرض فتناقل الناس خبره يقولون أهلكه سيدى فلان فنزلت الغمة على الأمة جميعا فعم الهلاك لترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واستترت الأولياء العارفين عن الناس بعدا عن الفتنة إلا أن الله أرحم بهذه الأمة المحمدية من أن يتركها تضل وتشقى يقول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا )
رواه أبو داود (رقم/4291)
ماهو الأذن العام والأذن الخاص, تعظيم حرمات الأولياء,حقيقة الإستدارج ووهم المشيخة.
إتخاذ الشيخ المربى وشروطه.
تابعونا
تكتبه لكم
أختكم فى الله
منتهى العربى أمنها الله مما سواه وعاملها بلطفه ورضاه

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى