يوم الخروج من الغرفة المظلمة( قصة حقيقية لبطل حقيقى حارب المرض والبشر (محمد أبو طالب )

كتبت /بسمة عطية
ذلك الرباط العتيق الذي كان يربط بينى وبين امى
تلك الوحدة والغرفة الصغيرة المغلقة الأجواء هادئة تماما
الطعام الجميل الذي اتقاسمه انا وامى كل ليلة وفي كثير من الأحيان بأنانية كبيرة اطمع فى الفائدة لوحدى
وبالرغم ان غرفتى كانت صغيرة إلا أننى كنت أشعر بداخلها بالبراح
حتى قررت الخروج
بنظرة فضولية وترقب شديد تمنيت أن أرى من يسكن خارج الغرفة
يومها ركلت امى ركلة قوية ولم اكترث ما عانته امى من ألم بعد هذه الركلة
كل ماكنت أريده هو الخروج التام
كان الصراخ مدوى كلما ركلتها زاد الصراخ وأنا بها لا ابالى
وظللت هكذا حتى سئمت امى قساوتى وقطعت ذللك الرباط العتيق
وخرجت من الحجرة الضيقة إلى العالم الذى توقعته أحلى وأجمل من رحم امى!!!
كانت امى وبرغم الامها إلا أنها كانت فى أسعد أوقاتها حين حملتنى على يديها وقبلتني على جبينى
كانت تحلم بى ولى
كنت أشعر أنفاسها و أشتم رائحتها من بين كل النساء
وظللت سعيد بهذا التدليل حتى لاحظت امى اننى لا أرى جيدا وان تحرك الأشياء لا يلفت اهتمامى
فقامت بعرض على طبيب وأنا لم أكمل أسبوعين
وهنا كانت الطامة الكبرى أخبرنا الدكتور أننى يجب أن أقوم بعملية حتى أستطيع الرؤيه جيدا
وعملية تتبعها أخرى وضاع البصر من وجهة نظرهم
نعم من وجهة نظرهم أنا لا ينقصنى شئ
كنت أظن أننا جميعا مشتركين فى كل الحواس نتذوق ونسمع ونشم ونشعر
ولكن كانت مفاجأتي انني افتقد إحدى الحواس وهو النظر
تخطيت الأيام وأنا لا ابالى فكيف ابالى والخالق اعطى لى كل شئ
أنا لا أعرف ما فوائد الرؤيه انا عشت هكذا وأستطيع أن أكمل دونها
كل ماكنت أريد معرفته ماذا تعنى كلمة أعمى
كانت تقال امامى وانا أتعجب وأقول لأبى ما معنى كلمة أعمى؟
كان أبي يقول لى هو مرض ولكنه لا يحدث الم
كنت ابكي بداخلي ليس لأننى أعمى مثلما نعتوني البشر
ولكن لأننى بالفعل بدأت أتألم من هذه الكلمة بعد أن عرفت معناها
وياليتنى ماعرفت!!!!
وبالرغم حزنى من بعض البشر إلا اننى
كنت الرجل الطبيعى الذى يشكر ربه على باقى الحواس
كنت أفعل كل شئ كنت أفعل ما لا يقدر على صنعه الأصحاء
كنت أرى بقلب واتحسس طريقى بمشاعرى
كنت أريد أن أعيش حياة طبيعية
كنت أريد أن أقول لهم أن غير ناقص
لماذا تخشون على أولادكم اللعب معى؟
لماذا تخشون على بناتكم الزواج منى ؟
لماذا تضعون حياتى فى ذلك الركن السخيف ؟
أن لست أعمى بل انتم المختلون
انتم من وضعتم على عينى غمامة سوداء كنت وانا داخل رحم امى المظلم لا ارتديها كنت داخل تلك الغرفة المظلمة أرى كل شيء حتى طريق خروجي عرفته لوحدى !
أنا لست فاقد البصر انا أراكم جميعا أرى من يكرهنى وأرى من يسخر ومن يضحك وأيضا أرى من يحب
أراكم جميعا أيها المغفلون انا لست أعمى وانتم لستم مبصرون!

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى