“إنسان “لـــ رامي عادل

.
“هذه القصة القصيرة ليس لها علاقة بالواقع او
بأي قصة اخرى ، فهي لا تُعبر سوى عن رأي
كاتبها فقط تمتعوا بها” .
.
تبدأ قصتنا في مدينة صغيرة علي البحر الاحمر يسكن
بها بطلانا ماجد واخيه الاصغر شادي الذي كان
يصغره بعامان.
د رس ماجد بكلية التجارة حاصلا ا بها علي أعلي
التقديرات نظر اا لحبه في الاجتهاد ولإسعاد أبيه
وتقديره له ، اما شادي فكان في الثانوية العامة وكان
ذكي اا ومجتهد اا .
بعد التخرج ذهب ماجد لأبيه بينما كان ابيه يشاهد
التلفاز بعد تناوله عشاءه الذي قام بتجهيزه ابنه
الصغير شادي ، جلس ماجد بجوار والده علي الاريكة
التي تقع امام التلفاز ويتوسطهما مائدة صغيرة وُضع
عليها بعض انواع التسالي فقال ماجد لأبيه :ابي أريد
ان احدثك بأمر ما .
نظر له والده مندهش اا فلم يعتاد من ماجد الجدية التي
كان يتحدث بها فقال له :تحدث يابني الغالي
أخذ ماجد نفس اا عميق اا وباشر كلامه : ابي أريدك ان
تقرضني بعض المال فإني أريد ان أعمل للإنفاق علي
نفسي .
فكر والده قليلا ثم قال : حسن اا يابني سأعطيك المال
ولكن لا أريدك ان تنس ان هناك كنز عظيم ل ك انت
واخيك شادي ولكل إنسان فوق تلك الأرض .
ابتهج الابن لكلام والده وقال له : وكيف نصل لهذا
الكنز العظيم ؟!
ابتسم الاب قائلا : عليك اتباعي والعمل بما سأقوله لك
لتعيش به حياتك الي ان تصل للكنز .
ف كر ماجد قائلا ا لنفس ه سأفعل اي شيء لأصل لذلك
الكنز العظيم الذي يتحدث عنه ابي ولكن ماذا لو كانت
تلك الشروط صعبة التحقيق وصعب العمل بها في كل
احوال ومشاكل الحياه فسأل والده باعين متلهفة : وما
هي تلك الشروط يا والدي العزيز ؟!!
أخذ والده يقول له شروطه ووصاياه ناظر اا إلي أعين
ابنه المندهشة والمتشائمة .
سكت الابن قليلا ا ناظر اا للمائدة التي امامه ، وشرع
يتخيل نفسه منفذ اا لتلك الشروط وكم من صعوبة
سيواجهها في تنفيذها ، ولكنه وجد الحل الأمثل
لمواجهة كل الصعوبات للوصول الي الكنز فنظر الي
ابيه قائلا ا له : حسن اا يا ابي اوافقك علي جميع الشروط
نظر الوالد بأعين سعيدة الي ابنه وقال له : وكيف
ستنفذها يا بني ؟
قال له ماجد بكل هدوء : سأترك العالم وما به لأعيش
معك منفذ اا كل شروطك ، واعدك الا اخطو خطوة
خارج منزلنا
اندهش الاب فقال : اتدرك صعوبة ومشقة ما تقول ،
استترك العالم بكل ما به من ملاهي ومتاع ، وتحيا
بهذا المنزل البسيط ؟!
جاوبه ماجد قائلا : نعم سأتركه من أجلك ومن أجل
كنزك فيسهل عليا ارضاؤك والعمل بشروطك داخل
منزلنا دون الخروج منه ، بالخارج ستأخذني الدنيا بما
فيها بعيد اا عنك ناسي اا شروطك اما هنا فليس معي
غيرك ولا أفكر الا بك .
ابتسم الوالد ابتسامة صغيرة موافقا علي فكرة ابنه
واتفقا علي الشروع فيما اتفقا عليه من صباح الغد .
وسبعة اعوام وماجد يعمل بما اتفق به مع والده
وشادي التحق بكلية الطب البشري وتخرج منها
وفي يوم تخرجه كان هو وأبيه وأخيه الأكبر ماجد
يحتفلون بالتخرج في منزلهم البسيط الي أن نظر الاب
الي ابنه شادى قائلا له : يابني الأصغر جاء اليوم
لتعرف بأمر الكنز .
اتسعت عيناه اندهاش اا ناظر اا لك ا لا من ابيه واخيه ماجد
فقال لأبيه : ما هذا الكنز يا ابي وكيف احصل عليه.
فقال والده : انه كنز عظيم يا ولدى ولكن لتحصل عليه
فعليك اتباعي والقيام ببعض الأعمال والشروط حتي
تحصل علي هذا الكنز العظيم .
فكر شادي قليلا ا محدث اا ن فس ه ماذا ستكون تلك الشروط
التي تؤدي الي هذا الكنز العظيم.
ثم قال لوالده : وما هي تلك الاعمال والشروط يا ابي
… !؟
ودار بينهما نفس الحوار السابق لماجد
وبعد الحديث قال شادي لوالده اتركني افكر الليلة وغد اا
اعطيك الرد .
دخل شادي غرفته المتكونة من سرير ودولاب صغير
ومكتب عليه جهاز كمبيوتر ، جلس شادي علي سريره
ناظر اا للسقف مفكر اا فيما قاله أبيه عن الكنز والشروط
والاعمال وكم من الصعوبة العيش بهذا العالم مع تلك
الشروط وكان للتو قد فهم سبب بقاء أخيه ماجد دائم اا
بالبيت ولا يخرج الا للصيد حيث أن منزلهم كان يقع
علي البحر مباشرة ينزل ماجد في الصباح الباكر
يصطاد حتي يأكل بقية يومه ويجعل من يعمل معه
يبيع ما تبقي يعيش حياة زاهدة بسيطة لا يتبع فيها الا
شروط ابيه ولم يخرج من المنزل الا في حالات
خاصة ونادرة جد اا .
وبينما كان ينظر للسقف مفكر اا بما قاله ابيه وصعوبته
لم تعجبه طريقة حياة أخيه فكان يشعر ان للعالم حق
علينا كبشر ان نعمل وننتج ، وان التحدي الحقيقي في
عمل كل ذلك طبق اا لشروط والده بل أيضا ان يحدث
الناس عن شروط والده وعن جمال وحكمة وقوة والده
فان عملوا بشروطه هم ايضا فسيشاركهم الكنز
غط شادي في نوم عميق بينما يفكر وحينما استيقظ
قابل ابيه فساله ابيه ماذا قررت ؟ّ!
فنظر اليه شادي والي اخيه الجالس علي مقعده قارئ اا :
حسن اا يا ابي اني اوافقك علي شروطك ولكني لن
اعيش كما يعيش اخي
فقال والده حسنا يابني افعل ما يحلو لك ولكن بدون
الشروط لن تحصل علي كنزك .
غادر شادي مبتهج اا ، وشرع في تنفيذ ما اتفق به مع
ابيه
وتمر الاعوام ، وماجد يعيش في المنزل ويعيش علي
ما يصطاده وما يبيعه من الاسماك ، وشادي ع مل
بمستشفى بالإضافة الي عيادته الخاصة ، وفي خلال
عمله كان عاملا ا بشروط ابيه ، ولكنه كان مخصص اا
بعض الايام من الاسبوع للذهاب الي كبار السن
والمساجين ومساعدة الفقراء والتحدث مع الناس عن
والده وكنزه وعظمته وعظمة الحياة معه .
تزوج وانجب نادر وسارة ، وربي كلا ا منهما علي
شروط ابيه ، وعلي خدمة الغير وعلي مساعدة
الضعيف ، وعلي التحدث عن مجد وعظمة جدهم .
الي أن جاء اليوم المنتظر لمعرفة من سيحصل علي
الكنز ويعيش مع الاب ، ومن لن يحصل علي شيء .
فقام الاب بإعطاء الكنز لكلا ا من ماجد وشادي وكل من
اتبعو شروطه ووصاياه ولكنه فرح أكثر بشادي لأنه
قاوم العالم بكل ما فيه من ملاهي ، وعاش بينها دون
الخروج عن شروطه بل بالأكثر كان يكرز ، ويُحدث
الناس حتي يُشاركوه في الكنز العظيم .
بينما ماجد ابتعد عن الدنيا وما بها ، و س ه ل علي نفس ه
الحصول علي الكنز العظيم دون مشاركة احد به او
بعمل الكثير من الخدمات للضعفاء والفقراء والمرضي
كما فعل شادى .
جلس  الاب وحيدا مفكرا وكاتبا في مذكراته “كم
أعجبني شادي وكم اذهلتني محبته للخير ، وقضاء
حياته في هذا العالم ببساطة وبمحبة عظيمة ، فكان
شادي متصالحا مع نفسه يحبها ويحب كل ما حوله من
ناس وحيوانات كان يتعايش بإنسانيته ، ولم ين سها
لحظة ، فكانت له اقوى من كل شيء ، فرأي أن العالم
بدون إنسانية سيُصبح غابة ، وما يجعله غابة مهما
كانت عظمته فلابد من التخلص منه ، فنحن لا نعيش
فقط لنقتل ونتسلط ونسير مُح طمين كل ما هو اقل منا
واضعف منا فقط لنصل الي درجة عظمة اكبر ،
وللحصول علي قدر اكبر من المال فأحبو العالم ومن
به كنصف محبة والديكم لكم فنصفها فقط يُكفي هي
محبة صافية بدون عنصرية”.

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى