حمدي الشامي يكتب ” لماذا لا تسأل “ماذا بعد الأزهر؟”

 

 

ليست صُدفة ألا نسمع هذا السؤال عند كل مهاجمة لمؤسسة الأزهر الشريف, ورغم أن بعض مُهاجميه أخذو مساحة تدريبية وإعلامية بملايين الدولارات, لهدف أن ينتهي الأزهر, لكنٌا لم نسمع السؤال, لا في رؤاهم المدعوة بالتنوير, ولا في ردود منتقديهم في نفس المجال “الصحافة والإعلام”, ولا حتى على سبيل إمتعاض من عُلماء الأزهر الشريف.
ولا يُلام علماء الأزهر في ذلك رغم أحقيتهم في السؤال, لأنهم إناس تخصصوا في علومهم, لا يخرجون عنها, وإن تناولوا ما هو خارجها لكان في أضيق الحدود, ذلك إحتراماً لأصول تخصصهم وهو “العلوم الروحانية واللغوية”. أما عن “الصحافة والإعلام”, فالأمر واضح جداً, هُم لا يسألون السؤال حتى لا يتبادر الى ذهن المواطن المصري مرة أخرى مُصطلحات مثل: “أناركية”, “فوضى خلاقة”, “هدم مؤسسات الدولة”. وليس ذلك فقط, بل لأن ما بعد الأزهر لن يكون له إطار غير “السلفيين” و “الإخوان”, وكل من يملُك قليلاً من الآيات والأحاديث ليُحرك بها بعض الغير عالمين بأمور الدين في وسطيته, حسب أهواءهم وأغراضهم, والأخطر, أهواء وأغراض من يدفعون لهم وبهم لكي تسقط مصر في الخراب والفتنة.
قيل فترة 25 يناير, أن هُناك دعوة للفوضى, ولم تكُن المقولة من فراغ, إذ أن “كونداليزا رايز” نفسها قالت ذلك في مؤتمر حضره مؤسس 6 إبريل “محمد صلاح”, ولكن كافة خبراء الـ “توك شو” والـ “صحافة”, صُم, بُكم, عُمي, لم يهتموا حتى بالبحث خلف ما نوه عنه المتحدث الرسمي للقوات المُسلحة بعد تنحي مُبارك, أو ما قاله فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي حينما كان وزير دفاع, والى الآن, وكأن مفهوم المؤامرة على مصر وشعبها في حرب الفناء تلك, أمر مُبالغ فيه! وغير حقيقي!, وجميعناً يعلم أننا لا نحتاج الى هذا الإعتراف لا من “كونداليزا”, ولا من غيرها, فالواقع في 25 يناير كان ملموساً حتى لطوب الأرض. فمحاولة هدم

الأمنية, أثمرت لصالح الفوضى فترة محدودة, خلفت تعديات, وفساد مُضاعف, وخسائر وصلت لعشرات المليارات إن لم يكن مئات المليارات. كما مقتل وإستشهاد العشرات من أبناء مصر داخل المؤسسات الوطنية وخارجها. وإن لم يكُن الهدف واضحاَ لنا جميعاً حينها, إلا أن النتيجة فضحت الهدف المُسبق من ذلك, وهي “وصول الإخوان للحُكم”, ولولا عناية الله, وتسليط جنوده الذين لا يعلمهم إلا هو, بترتيب الزمان والمكان لصالح شعبنا المُبارك ودولتنا الآمنة, لكُنٌا الآن وسط فوضى عقائدية, وهي الأخطر على البشرية والمُجتمعات كما يسرد التاريخ القديم والمُعاصر.

لا أخوض هُنا في شخوص من يُهاجمون الأزهر أو كُتب التراث, لكني أتطرق لمجموعة عوامل متشابكة ومُعقدة, أهمها:
1) تشابة لُغة الجسد, ولُغة اللسان, فيما بين نُشطاء 25 يناير (في التعامل مع المؤسسات الأمنية والوطنية), ومن يطلقون على أنفُسهم متنورون (في التعامل مع مؤسسة الأزهر).

2) كَم الرعاية الصحافية والإعلامية, والذي يُقدر بعشرات الملايين, لنشطاء 25 يناير (ضد المؤسسات الأمنية والوطنية), ومن يطلقون على أنفسهم متنورون (ضد مؤسسة الأزهر).
3) الخلفية التدريبية, والتعليمية, و المعلوماتية في حالتيٌ الديمقراطية والعقيدة, لنشطاء 25 يناير (رعاية أميريكية), ومن يطلقون على أنفسهم متنورون (رعاية إنجليزية).
4) تشابة الأثر الناتج عن حشد نشطاء 25 يناير (تمكين الإخوان من الحُكم), والأثر الناتج عن من يطلقون على أنفسهم متنورون (تمكين جهات غير الأزهر من المساجد والدعوة والشارع).

كل هذا أدعى للتفكير وإعمال العقل, في طبيعة الهدف والمُستهدف, ورغم عدم خوضي في أمور الدين ولو حتى من مُنطلق فهمي المتواضع, إلا أن الحقيقة من وجهة نظري لا تخرج عن ما سبق, فالموضوع سياسي بحت, لإثقال من يملك خبرة حشد الشارع للتصويت, والمظاهرات, والإضرابات, والإضطرابات, ذوراً بإسم الدين.

طوبيا اكسبريس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى